رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة التحذيرات.. والإنذارات

تعبيرًا عن موقفهم الواحد فى إدانة العدوان الإسرائيلى الغاشم على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، اجتمع قادة الدول العربية والإسلامية، فى العاصمة السعودية الرياض، أمس السبت، وأكدوا أنهم يتصدّون، معًا، لهذا العدوان، والكارثة الإنسانية التى يسببها، ويعملون على وقفه، وإنهاء كل الممارسات الإسرائيلية اللا شرعية، التى تكرس الاحتلال، وتحرم الشعب الفلسطينى من حقوقه، وخصوصًا حقه فى الحرية والدولة المستقلة، ذات السيادة، على كامل ترابه الوطنى.

مع «رفض توصيف هذه الحرب الانتقامية دفاعًا عن النفس أو تبريرها تحت أى ذريعة»، قرر قادة الدول العربية والإسلامية، فى البيان الختامى للقمة العربية الإسلامية المشتركة الطارئة، أو الاستثنائية، «كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فورى، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة فى هذه العملية»، و... و... «دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، ومساندة جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فورى ومستدام وكافٍ».

فى كلمتها أمام القمة، حذّرت مصر، مجددًا، بلسان رئيسها، من أن التخاذل عن وقف الحرب ينذر بتوسع المواجهات العسكرية فى المنطقة، وأكدت أن محاولات ضبط النفس، لن تصمد طويلًا، لافتة إلى أن طول أمد الاعتداءات وقسوتها غير المسبوقة، كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها، بين ليلة وضحاها. كما حذر قادة الدول العربية والإسلامية، أيضًا، من خطورة توسع الحرب نتيجة رفض إسرائيل وقف عدوانها وعجز مجلس الأمن عن تفعيل القانون الدولى لإنهائه.

ستة إجراءات، طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، المجتمع الدولى، خاصة مجلس الأمن، بتحمل مسئوليته المباشرة، و«العمل الجاد والحازم» على تحقيقها: الوقف الفورى والمستدام لإطلاق النار فى القطاع، بلا قيد أو شرط.. وقف كل الممارسات، التى تستهدف التهجير القسرى للفلسطينيين إلى أى مكان داخل أو خارج أرضهم.. اضطلاع المجتمع الدولى بمسئوليته، لضمان أمن المدنيين الأبرياء من الشعب الفلسطينى.. ضمان النفاذ الآمن والسريع، والمستدام، للمساعدات الإنسانية وتحمل إسرائيل مسئوليتها الدولية، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال.. التوصل إلى صيغة لتسوية الصراع، بناء على حل الدولتين.. إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧.. وعاصمتها القدس الشرقية. وكان الإجراء السادس، هو إجراء تحقيق دولى فى كل ما تم ارتكابه من انتهاكات للقانون الدولى.

الإجراءات الستة، كانت بين الـ٣١ قرارًا، التى تضمنها البيان الختامى للقمة، والتى كان أولها «إدانة العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية، الوحشية واللا إنسانية التى ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعمارى خلاله، وضد الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية المحتلة والقدس الشريف». وطالب البند أو القرار الخامس «مجلس الأمن» باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح سلطة الاحتلال الاستعمارى، التى تنتهك القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وقرارات الشرعية الدولية، واعتبار التقاعس عن ذلك تواطؤًا يتيح لإسرائيل الاستمرار فى عدوانها الوحشى.

شراسة الآلة العسكرية الإسرائيلية المستمرة والمتصاعدة، لا توحى بوجود أى نية عن التراجع. والدعم الأمريكى والبريطانى والفرنسى الأعمى، وللدول الثلاث حق «الفيتو»، سيظل عائقًا أمام أى مشروع «قرار حاسم ملزم» يتقدم به باقى الدول الأعضاء فى مجلس الأمن. ولعلك تتذكر أننا كنا قد انتهينا، أمس، إلى أن مطالبات، أو قرارات، هذه القمة، كما كل القمم العربية أو الإسلامية، لن يكون لها تأثير على المدى القريب، إلا أنها ستقدم للمجتمع الدولى صورة واضحة للموقف العربى والإسلامى الموحد، الذى نتمنى أن يكون موحدًا، فعلًا، وألا تحاول هذه الدولة، أو تلك، كما جرت العادة، استثمار الأزمة لتحقيق مصالحها. 

.. وأخيرًا، توقفنا كثيرًا، كما توقفنا سابقًا وسنتوقف لاحقًا، أمام مطالبة «المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية» باستكمال التحقيق فى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى. إذ لا نعتقد أن البريطانى كريم أحمد خان، قد يجرؤ على فتح هذا الملف المعلّق منذ منتصف ٢٠١٤، الذى عاقبت الولايات المتحدة المدعية العامة السابقة، فى مارس ٢٠٢١، حين حاولت تحريكه!