رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الضفة الغربية.. تهجير صامت!

التركيز على ما يحدث فى قطاع غزة، استغله مستوطنون ومسئولون إسرائيليون، لإعادة رسم خريطة الضفة الغربية، التى يعيش فيها ثلاثة ملايين و٢٥٠ ألف فلسطينى، يتوزعون فى مدن رئيسية وقرى وتجمعات بدوية، بحسب بيانات الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى. وأمس الخميس، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، فى بيان، إن الحرب على غزة «تتزامن مع حرب إسرائيلية رسمية لتعميق جريمة التهجير الصامت فى الضفة، والسيطرة على المزيد من الأرض وتخصيصها لصالح الاستيطان».

مكتب تنسيق الشئون الإنسانية فى الأمم المتحدة، أوتشا، كان قد أكد طرد ما لا يقل عن ٩٨ أسرة فلسطينية، تضم أكثر من ٨٠٠ فرد، من ١٥ تجمعًا رعويًا أو بدويًا، فى المنطقة «ج»، منذ ٧ أكتوبر الماضى. وطبقًا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن «ما يقرب من ٢٠٠٠ فلسطينى تم تهجيرهم منذ بداية العام الجارى، فى ظل استمرار عنف المستوطنين فى الضفة الغربية». والمنطقة «جيم» هى المناطق المحتلة بالضفة، التى تشكل ٦١٪ من مساحتها، وينظر إليها «المجتمع الدولى» على أنها أساس الدولة الفلسطينية المستقبلية!. 

الضغط على الفلسطينيين، إذن، لمغادرة مناطقهم فى الضفة الغربية ليس جديدًا، لكن «درور إيتكس»، مدير ومؤسس منظمة «كيريم نافوت»، التى تراقب أنشطة الاستيطان فى الأرض المحتلة، قال إن «بعض المستوطنين والمسئولين الإسرائيليين يرون فى الحرب الحالية على قطاع غزة، فرصة لتكثيف العنف والترهيب ضد الفلسطينيين. كما أكد أن «المستوطنين يستغلون ستار الحرب من أجل إعادة رسم الخريطة الديموغرافية فى الضفة الغربية»، وأوضح أن «الفكرة تكمن فى إجبار الفلسطينيين على الخروج من المنطقة (جيم)، ومحاصرتهم فى أماكن أخرى بالمنطقة (ألف)». وطبقًا لما نشرته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، أمس، فإن «مستوطنين يهودًا مدعومين بقوات من الجيش الإسرائيلى فى الضفة الغربية، يكثفون محاولات تهجير مجتمعات فلسطينية ضعيفة، فى أكبر حملة طرد منذ عقود».

فى هذا السياق، يجرى توزيع منشورات، منذ ٧ أكتوبر الماضى، تتوعد الفلسطينيين فى الضفة بالتهجير إلى الأردن، على غرار ما حدث فى نكبة ١٩٤٨. ومساء أمس الأول، الأربعاء، اقتحمت قوات إسرائيلية عدة مناطق فى الضفة الغربية، بينما كان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، يعقد اجتماعًا، مع رؤساء المستوطنات، حول الأوضاع الأمنية فى الضفة. وعليه، حمّلت «الخارجية الفلسطينية»، فى بيانها الصادر أمس، «الحكومة الإسرائيلية والدول التى تدعمها وتوفر لها الحماية، المسئولية الكاملة والمباشرة عن نتائج استهدافها المدنيين الفلسطينيين والضغط الكبير الذى تفرضه على حياتهم»، محذرة من «حدوث انفجارات فى الضفة الغربية تصعب السيطرة عليها».

فى السياق نفسه، دعا بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلى، فى تصريحات نشرتها جريدة «جيروزاليم بوست»، الإثنين الماضى، إلى «ضرورة إنشاء مناطق عازلة حول مستوطنات الضفة الغربية»، بزعم حمايتها من أى هجوم على غرار الذى شنته حماس فى ٧ أكتوبر، وهى التصريحات، التى رأت وزارة الخارجية الفلسطينية، أنها تهدف إلى «سرقة المزيد من أراضى المواطنين الفلسطينيين وضمها إلى المستعمرات والبؤر العشوائية القائمة؛ لتعميق وتوسيع الاستعمار فى أرض دولة فلسطين، كجزء لا يتجزأ من عمليات الضم التدريجى المعلن وغير المعلن للضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية». وأكدت فى بيان أن «الحكومة الإسرائيلية بتلك التصريحات، تكشف عن حقيقة سياستها التى تنفذها على الأرض، من خلال تدمير قطاع غزة وتهجير سكانه لتصفية القضية الفلسطينية».

.. وتبقى الإشارة إلى أن تقريرًا أعده كريستيان سالازار فولكمان، مدير شعبة العمليات الميدانية والتعاون الفنى فى المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أكد أن المفوضية تحققت من ٣٣٧٢ حادثة عنف ارتكبها المستوطنون، خلال العقد الماضى، فى الضفة الغربية، واتهم الحكومة الإسرائيلية بـ«التقاعس» عن التحقيق فى «الجرائم» التى ارتكبها المستوطنون والقوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.