رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤتمر باريس حول غزة

صباح الخميس، تستضيف العاصمة الفرنسية، باريس، مؤتمرًا حول «الأوضاع الإنسانية فى غزة»، ونيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، يترأس سامح شكرى، وزير الخارجية، الوفد المصرى المشارك فى المؤتمر، وسيُلقى كلمة مصر، التى قال البيان الصادر عن وزارة الخارجية، إنها ستركز على تناول الأوضاع الإنسانية المتدهورة فى قطاع غزة، والجهود المصرية للتعامل مع تلك الأوضاع، إضافة إلى التأكيد على ضرورة حشد الجهود الدولية لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع.

يُقام المؤتمر على هامش «منتدى باريس للسلام»، الذى تقيمه فرنسا سنويًا، ومن المقرر أن تشارك فيه الدول الأعضاء فى مجموعة العشرين، باستثناء روسيا. كما تم توجيه الدعوة إلى السلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية، والمؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية العاملة فى غزة، و... و... وأعلنت الرئاسة الفرنسية عن عدم مشاركة الحكومة الإسرائيلية، لكنها أشارت إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون تحدث، الثلاثاء، مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، وسيتحدث معه، مجددًا، بعد انتهاء المؤتمر!

الهدف العام للمؤتمر هو تقديم المساعدات الطارئة، وإعادة إمدادات المياه والوقود والكهرباء وإخراج المصابين بجروح خطيرة، بعد الانهيار السريع للبنية التحتية الطبية. والأهم هو حشد الموارد المالية، التى قدّرتها الأمم المتحدة بحوالى ١.٢ مليار دولار، حتى نهاية العام الجارى. وقد يناقش المؤتمر، طبقًا لما نقلته وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين أوروبيين، إمكانية إنشاء ممر بحرى ومستشفيات عائمة. كما ذكرت الوكالة نفسها أن قبرص، أقرب دول الاتحاد الأوروبى إلى قطاع غزة، اقترحت إيصال مساعدات عبر ممر بحرى. و... و... وهناك الكثير من الكلام الجميل، الذى لن يكون معقولًا، أو منطقيًا، حسب مسئول أوروبى كبير، إلا لو قامت «دولة تتمتع بخبرات بحرية» ببناء مرسى عائم على ساحل غزة.

زار الرئيس ماكرون القاهرة فى ٢٥ أكتوبر الماضى. وفى إطار التشاور المستمر بينهما، بشأن الأوضاع فى قطاع غزة، تلقى الرئيس السيسى، الثلاثاء، مكالمة تليفونية، هى السادسة أو السابعة منذ بداية الأزمة، من نظيره الفرنسى، الذى أعرب عن تثمين بلاده الدور المصرى، على المسارين السياسى والإنسانى، خاصة على صعيد تقديم وتنسيق وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، واستقبال المصابين الفلسطينيين وإجلاء الرعايا الأجانب. ولدى استعراض نتائج الاتصالات والتحركات الدبلوماسية، الدولية والإقليمية، لاحتواء الموقف، شدّد الرئيس السيسى على ضرورة تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار، وتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق أو إبطاء. واتفق الرئيسان على استمرار التنسيق والتشاور بشأن تطورات الأوضاع، والعمل على إيجاد سبل لحل الأزمة، وصولًا لإحلال السلام وتطبيق حل الدولتين.

استكمالًا للدور المصرى الداعم للقضية الفلسطينية، الدائم منذ عقود، واستمرارًا لما تقوم به، حاليًا، لاحتواء الأزمة الراهنة والحد من تداعياتها الإنسانية والأمنية، ستجدّد مصر، قطعًا، فى كلمتها المرتقبة أمام المؤتمر، رفضها القاطع أى محاولات تستهدف النيل من حقوق الشعب الفلسطينى، أو تهجيره من أرضه، أو تصفية قضيته، وستؤكد، مجددًا أن السبيل الوحيد لإرساء السلام هو حل الدولتين، وإقرار حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.

ستجدّد مصر، أيضًا أو غالبًا، رفض، أو فضح، ازدواجية معايير بعض الأطراف الدولية، فى ظل عدم الاتفاق، حتى اليوم، على وضع الأمور فى نصابها الصحيح، لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية، ووقف الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية، وتسميتها بمسمياتها الحقيقية، بعيدًا عن أى مبررات مغلوطة، تحت غطاء، أو ادعاء، حق الدفاع عن النفس. وستشدّد على ضرورة امتثال إسرائيل لأحكام القانون الدولى والإنسانى، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، والعدول عن اعتداءاتها الصارخة ضد الشعب الفلسطينى.

.. وأخيرًا، نرى أن مؤتمر باريس سيكون فرصة لتبادل التقييمات حول التحركات الكفيلة بإنهاء هذا الوضع المأساوى أو الكارثى، والتخفيف من وطأة المعاناة الإنسانية، التى يعيشها الشعب الفلسطينى. غير أن كل التحركات، الجهود، أو المحاولات، ستكون عديمة الجدوى، أو «زى قلّتها»، لو لم يتم التوصل إلى صيغة، أو آلية، تردع الآلة العسكرية الإسرائيلية وتجبرها على الوقف الفورى لإطلاق النار، دون قيد أو شرط.