رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطينى: مصر رفضت شروط إسرائيل لإدخال المساعدات إلى غزة

محمود الهباش ومحررة
محمود الهباش ومحررة الدستور

 

- قال إن العدو يتعمد استهداف الأطفال لأنه يخشى من المستقبل

- السلطة تسعى فى 3 مسارات أولها وقف إطلاق النار وثانيها إدخال المساعدات وثالثها إنهاء الاحتلال  

- الأمريكان يعتبرون إسرائيل ذراعهم التى يبطشون بها فى الشرق الأوسط وإذا تأكدوا من أنها باتت مريضة سيقطعونها

- يجب توحيد المواقف العالمية لإجبار إسرائيل على إدخال المساعدات لأن غزة مقبلة على كارثة إنسانية

قال الدكتور محمود الهباش، قاضى قضاة فلسطين مستشار الرئيس الفلسطينى، إن المجازر الإسرائيلية بحق سكان قطاع غزة حلقة ضمن سلسلة مجازر يرتكبها المحتل بحق الفلسطينيين منذ أكثر من ٧٥ عامًا، مُبشرًا أبناء شعبه والشعوب العربية بزوال الاحتلال. وأضاف، فى حواره لـ«الدستور»، أن إسرائيل فشلت فى طمس الهوية الفلسطينية، وأن ميزان السكان يميل إلى الفلسطينيين، مشددًا على أن الدعم الأمريكى لإسرائيل لن يدوم إلى الأبد و«أمريكا سترفع حمايتها عن إسرائيل بعد أن تتأكد من أنها عاجزة عن حماية نفسها أو حماية المصالح الأمريكية فى المنطقة».  

 

■ كيف تنظر إلى العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة المستمر منذ ما يزيد على الشهر؟

- العدوان الأخير هو استمرار لعدوان عمره خمسة وسبعون عامًا، هذه الجرائم تُرتكب بين حين وآخر فى حق الشعب الفلسطينى على يد هذا الاحتلال، والذى يحدث حاليًا يعيد إلى الأذهان ٥١ مذبحة اقترفتها إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى، أشهرها مذبحة دير ياسين.

وما يحدث هو استمرار لمسلسل وتاريخ أسود لهذا الاحتلال فى حق الشعب الفلسطينى، فنحن فى مذبحة مفتوحة ضد حقوق الإنسان والقانون الدولى، من خلال جرائم الحرب التى تحدث يوميًا، وليس غريبًا أن نعمل نحن فى فلسطين على محاكمة هذا الاحتلال.

والهدف الأخطر الذى يهدف إليه الاحتلال هو أن تكون فلسطين «أرضًا بلا شعب»، وهو يمارس حاليًا عملية تطهير عرقى، ونحن لن نغادر أرضنا حتى لو تخطفتنا الطير، مهما كان الثمن لذلك.

والرئيس أبومازن قالها بالحرف «نحن باقون هنا ولن نغادر»، فهذه أصبحت ثقافة مزروعة فى العقل الفلسطينى، والله لو أعطونا كل كنوز الأرض والقصور فى خارج فلسطين، فخيمة فى فلسطين أفضل لنا من أفخم القصور خارجها، لأن فلسطين بالنسبة لنا هى ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.

■ كيف تتحرك السلطة الوطنية الآن تجاه الحرب؟

- الأولوية التى نتحرك إليها حاليًا تتمثل فى ٣ مسارات أو طلبات وهى: وقف إطلاق النار أولًا، ثم ضمان وصول المساعدات الإنسانية، والهدف الثالث هو نزع أسباب الصراع، لأننا لا نريد أن يتكرر ما يحدث من عدوان كل عامين أو ثلاثة.

إن السبب الرئيسى للحروب فى فلسطين هو وجود الاحتلال، ونريد إنهاء هذا الاحتلال، لأنه ببساطة السبب فى وجود المقاومة، فهناك أرض محتلة، والسبب الرئيسى للصراع هو وجود الاحتلال، وعندما يتوقف الاحتلال سوف ينتهى الصراع.

■ ما تقييمك للموقف العربى بشأن القضية الفلسطينية؟

- الموقف العربى حاليًا كله موحد ضد هذا العدوان على الشعب الفلسطينى، ومصر تقف موقفًا رائعًا والأردن والسعودية وقطر، فالكل ملتف حول الشعب الفلسطينى.

والمطلوب حاليًا توحيد الصف من أجل تنفيذ الثلاثة مطالب الرئيسية التى تحدثنا عنها، وهى وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات، وإزالة أسباب الصراع من خلال إنهاء الاحتلال.

■ وكيف تنظر إلى الموقف الغربى من الحرب على غزة؟ 

- العالم الغربى يعيش حالة انفصال، وعندما كان يتعلق الأمر بأوكرانيا كان يتم النظر إلى ما ترتكبه روسيا على أنه جرائم حرب وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، لكن الأمر يختلف عند حدوث نفس الأمر فى فلسطين، والعالم عليه أن يتخلص من ازدواجية المعايير.

■ هل ترى الرعاية الأمريكية للاعتداءات الصهيونية محاولة لكسب تأييد اللوبى اليهودى فى الانتخابات المقبلة؟

- الأهم من ذلك أن أمريكا ترى فى إسرائيل مصلحة لها، ولا خلاف على أن النظرة إلى إسرائيل كحليف لا تختلف بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى فالقناعة واحدة، وما يجعل أمريكا حريصة على إسرائيل وداعمة لها أنها تعتبر إسرائيل ذراعها فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية.

أمريكا تعتبر إسرائيل الذراع التى تضرب بها مَن تشاء من العرب، وتعمل من خلالها على إفساد العلاقات العربية- العربية، والعربية- الإسلامية، والإسلامية- الإسلامية، وتعمل على إفساد المنطقة بأكملها وجعلها مثل اللعبة بيد الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن عندما تكتشف الولايات المتحدة الأمريكية أن هذه الذراع أصبحت عاجزةً عن خدمتها، بل وتشكل خطرًا عليها ستتنازل عنها، مثل الشخص الذى يكتشف أن ذراعه فيها مرض وأصبح واجبًا بترها كى يحافظ على الجسد، وعندما تكتشف أمريكا وتصل إلى قناعة بأن إسرائيل ليست فقط لا تمثل مصلحة لأمريكا بل ربما تشكل خطرًا عليها سوف تتخلى عنها.

■ هل ترى أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطًا نزيهًا لحل القضية الفلسطينية؟

- هى لم تكن من الأساس وسيطًا نزيهًا لحل القضية ولا ليوم واحد، ويجب ألا نوهم أنفسنا أن الولايات المتحدة ستصبح وسيطًا نزيهًا بين فلسطين وإسرائيل يومًا ما.

■ إسرائيل تريد تهجير سكان قطاع غزة.. ما رأيك فى فكرة الإخلاء نفسها وهل هذا يعد نصرًا لإسرائيل فى حال تحقق؟

- فكرة التهجير من الأساس مرتبطة بالعقيدة الصهيونية التى قامت على فكرة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، بمعنى أنهم يريدون أرض فلسطين خالية حتى يعطوها لليهود الذين لا أرض لهم، لكنهم اكتشفوا أن فلسطين أرض عليها شعب بالفعل، فعملوا على أن تصبح فلسطين أرضًا بلا شعب.

وظلت هذه الفكرة تسيطر على عقولهم، وهم فى الأساس لا يريدون قطاع غزة وإنما يرغبون فى الحصول على الضفة الغربية والقدس، لكنهم يريدون تنفيذ التهجير فى قطاع غزة كنموذج، وإذا نجح سيتم تنفيذه فى الضفة الغربية والقدس.

■ ما سر تعمد إسرائيل استهداف الأطفال فى جميع حروبها ضد الشعب الفلسطينى؟

- الاحتلال يخشى الطفل والصبى الفلسطينى، ويتعمد قتله باعتباره المستقبل، وغالبية الشهداء على مر التاريخ من الشباب، ورغم ذلك نسبة الذكور إلى الإناث فى فلسطين هى ٥١٪ للذكور و٤٩٪ للإناث، رغم كل ما يفعلونه، وهذا يعنى أن الشعب الفلسطينى «ولّاد وحىّ» ويثبت وجوده بكل الوسائل الممكنة، كما أنهم يخشون القنبلة الديموغرافية، ونحن فى فلسطين التاريخية أكثر منهم.

■ كيف ترى التعنت من الجانب الإسرائيلى فى دخول المساعدات عبر معبر رفح؟

- إسرائيل تريد أن تتحكم فى كل شىء، ولذلك هى تضع شروطًا صعبة من أجل إدخال المساعدات، ومصر ترفض هذه الشروط، وأكدت أنه لا يمكن للأجانب الخروج عبر المعبر إلا إذا تم السماح للمساعدات أن تدخل.

ولا بد للعالم والعرب أن يتوحدوا من أجل إدخال تلك المساعدات، لأن قطاع غزة مقبل على كارثة تتعلق بالاحتياجات الرئيسية للمواطنين، وبالتالى لا بد أن نستمر فى الضغط لتنفيذ المطالب الرئيسية.

■ هل من الممكن أن يصل المواطن الفلسطينى لمرحلة من اليأس؟

- لا قطعًا، من الممكن أن يصاب باليأس أى مواطن آخر إلا المواطن الفلسطينى، وأنا على المستوى الشخصى حين كنت طفلًا كنت شاهدًا على عدوان الاحتلال، وحين كبرت جرى اعتقالى، وفى كل مرحلة كنت أظن أنها النهاية، وكنت أحكى لأبى وأمى أنى أشعر بدنو الأجل، وها أنا لا أزال على قيد الحياة.

فى فلسطين نعتبر أنفسنا جميعًا مشاريع شهداء تنتظر أجلها، فنحن فى مسيرة لا تتوقف على أحد، وحين استشهد أبوعمار، رحمه الله، قالوا إن القضية الفلسطينية انتهت، وهذا لم يحدث فنحن مستمرون.