رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ألم نقل إنهم ليسوا بشرًا؟

لم تصدمنا أو تفاجئنا تصريحات عميحاى إلياهو، وزير «التراث وشئون القدس» الإسرائيلى، التى قال فيها إن «إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة أحد الخيارات المطروحة»، بل نراها ترجمة لما تقوم به حكومته، على الأرض، أو تسعى إلى تحقيقه، وتعكس، فعلًا «الإرهاب غير المسبوق الذى تمارسه هذه الحكومة ورموزها ضد الشعب الفلسطينى»، كما قال حازم قاسم، المتحدث باسم حركة حماس.

فى حوار مع راديو «كول بيراما»، أمس الأحد، قال الوزير التابع لحزب «عوتسما يهوديت» اليمينى المتطرف، الذى يتزعمه إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومى: «لا يوجد شىء اسمه مدنيون غير متورطين فى غزة»، وبسؤاله عن مصير حوالى ٢٥٠ إسرائيليًا، تحتجزهم حركة حماس، قال إن «حياتهم ليست أغلى من حياة الجنود الإسرائيليين»، الذين لقوا حتفهم فى الحرب. وعن مصير سكان القطاع، قال: «يمكنهم الذهاب إلى أيرلندا أو الصحارى، يجب على الوحوش فى غزة أن يجدوا الحل بأنفسهم». كما اعترض على السماح بدخول أى مساعدات إنسانية إلى من وصفهم بـ«النازيين»، وقال إن «أى شخص يلوّح بعلم فلسطين أو علم حماس ينبغى أن يُقتل، ولا ينبغى أن يستمر حيًا على وجه الأرض».

بعد كل هذه التقيؤات، اكتفت الحكومة الإسرائيلية بتعليق حضور «إلياهو» جلساتها «حتى إشعار آخر»، ووصف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، فى بيان، تلك التصريحات أو التقيؤات بأنها «منفصلة عن الواقع»، زاعمًا أن «إسرائيل والجيش الإسرائيلى يتصرفان وفقًا لأعلى معايير القانون الدولى من أجل منع إلحاق الأذى بالأشخاص غير المتورطين، وسنواصل القيام بذلك حتى النصر»!.

من رابع المستحيلات، طبعًا، أن تلجأ إسرائيل إلى هذا الخيار المجنون، أو «الخيار شمشون»، لأنها ستكون هى أول المتضررين منه. مع تسليمنا بأن المجازر الإسرائيلية المتتالية، والمستمرة، التى تجاوزت كل الحدود، ستجر المنطقة إلى كارثة غير مأمونة العواقب، لو لم يتدخل المجتمع الدولى ويضع حدًا لهذه الجرائم، ويحاسب دولة الاحتلال وشركاءها فى ارتكابها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. وربما كان الشىء الإيجابى الوحيد لتقيؤات وزير التراث الإسرائيلى، هو إقرار يفعات بيتون، عضو «الكنيست»، بأن هذا «الوزير الغبى» قام بتدمير «جهود الدعاية الإسرائيلية حول العالم».

لم تكن تلك هى المرة الأولى التى يتحدث فيها سياسيون إسرائيليون عن استخدام السلاح النووى، إذ سبق أن نشرت تالى جوتليف، وهى نائبة فى الكنيست عن حزب الليكود، عدة منشورات على شبكة «إكس»، «تويتر» سابقا، فى ١٠ أكتوبر الماضى، تطالب فيها باستخدام ما وصفته بـ«أسلحة يوم القيامة»، قبل التفكير فى إدخال القوات، ورأت أن «انفجارًا يهز الشرق الأوسط» هو فقط ما «سيعيد لهذا البلد كرامته وقوته وأمنه». وبشكل أكثر وضوحًا كتبت: «صاروخ أريحا.. صاروخ أريحا.. إنذار استراتيجى»، فى إشارة إلى ذلك الصاروخ العابر للقارات، الذى يقال إنه قادر على حمل رءوس نووية ويصل مداه إلى أكثر من ٦٥٠٠ كيلومتر. وفى تغريدة لاحقة كتبت: «حان الوقت ليوم القيامة.. إطلاق صواريخ قوية بلا حدود، لا تترك حيًا على الأرض.. سحق غزة وتسويتها بالأرض.. بلا رحمة.. بلا رحمة».

بعد أيام من تغريدات نائبة حزب الليكود، الذى يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى، دعا موشيه فيجلين، عضو الكنيست السابق، ضمنيًا، إلى استخدام السلاح النووى، فى تغريدة، نشرها أول نوفمبر الجارى، تضمنت صورة لمدينة هيروشيما اليابانية بعد أن دمرتها القنبلة النووية الأمريكية، فى نهاية الحرب العالمية الثانية، وسأل: «كم عدد الجنود الأمريكيين الذين قتلوا فى معركة هيروشيما؟».

.. وتبقى الإشارة إلى أن «المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان» قال إن المتفجرات، التى أسقطها جيش الاحتلال على قطاع غزة، منذ ٧ أكتوبر الماضى، والتى تزيد على ٢٥ ألف طن، تعادل قنبلتين نوويتين، موضحًا أن وزن القنبلة النووية التى أسقطتها الولايات المتحدة على هيروشيما، فى نهاية الحرب العالمية الثانية كان حوالى ١٥ ألف طن من المتفجرات. ووفقًا للمرصد، فإن القوة التدميرية للمتفجرات، التى أُلقيت على غزة، تزيد تلك التى أُلقيت على هيروشيما، مع ملاحظة الفارق الكبير بين مساحة الأولى والثانية.