رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوزراء العرب.. وبلينكن

بحضور أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اجتمع وزراء خارجية مصر، الأردن، الإمارات، السعودية، وقطر، أمس السبت، بالعاصمة الأردنية عمّان، لتنسيق الجهود من أجل وقف الحرب الدائرة فى قطاع غزة، ووضع حد للاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، والعمل على تأمين التدفق المستدام للمساعدات الإنسانية إلى القطاع. ثم طرحوا موقفهم الموحد، فى اجتماع لاحق، مع وزير الخارجية الأمريكى، الذى بدأ ثانى جولاته فى المنطقة، منذ بداية الأزمة الراهنة، بزيارة إسرائيل.

بين الاجتماعين، اجتمع الوزراء العرب مع العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، الذى شدّد على موقف المملكة الثابت فى دعم الأشقاء الفلسطينيين لنيل حقوقهم المشروعة، وأولها إقامة دولتهم المستقلة وذات السيادة، على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، مجددًا التحذير من أن استمرار الحرب سيؤدى إلى انفجار الأوضاع فى المنطقة. كما أكد العاهل الأردنى ضرورة مواصلة التنسيق العربى للحديث بصوت واحد مع المجتمع الدولى، حول التطورات الخطيرة فى غزة، والضغط على القوى الدولية الفاعلة لوقف الحرب، وحماية المدنيين وإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل مستمر.

بـ«موقف عربى موحد لا يقبل الاهتزاز ولا المواربة»، كما وصفه المتحدث باسم الخارجية المصرية، اجتمع الوزراء العرب مع أنتونى بلينكن، إذ أكدوا ضرورة الوقف الفورى للاعتداءات الإسرائيلية، وجددوا رفضهم القاطع لتهجير الفلسطينيين، وطالبوا بالتعامل مع الوضع الإنسانى المتدهور، ثم البدء فى معالجة الأسباب الجذرية للأزمة: إنهاء الاحتلال الإسرائيلى والتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس مرجعيات الشرعية الدولية وحل الدولتين. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن «بلينكن» أعرب، يوم الجمعة، فى حسابه على شبكة «إكس»، عن امتنانه لجهود الرئيس عبدالفتاح السيسى، وللعمل الهائل الذى قامت به مصر، فى تسهيل خروج الأمريكيين وباقى الرعايا الأجانب من قطاع غزة، وقال إن بلاده تركز بشدة على حل الدولتين، وترفض ترحيل الفلسطينيين إلى خارج القطاع.

فى جولته الأولى، التى بدأها، أيضًا، وأنهاها، بزيارة تل أبيب، زار وزير الخارجية الأمريكى القاهرة، منتصف أكتوبر الماضى، واستقبله الرئيس السيسى، الذى أوضح له أن الأزمة الحالية، جاءت نتيجة تراكم الغضب والكراهية، ولعدم وجود أفق لحل القضية الفلسطينية يعطى أملًا للفلسطينيين، موضحًا أن هناك موجة ضخمة جدًا من الغضب تشكّلت، خلال الأيام الماضية، وأن التأخير فى احتوائها، سيؤدى إلى سقوط المزيد من الضحايا. كما أكد أن رد فعل الجانب الإسرائيلى تجاوز حق الدفاع عن النفس، وتحوَّل إلى عقاب جماعى لقطاع غزة، الذى يقطنه ٢.٣ مليون فلسطينى، وشدّد على ضرورة التحرك، بقوة وعزم، لخفض التوتر، وتيسير دخول المساعدات، وضمان عدم تدخل أطراف أخرى فى الصراع.

قيل إن «بلينكن» أراد بجولته الثانية فى المنطقة، أن يوازن بين الدعم الأمريكى لإسرائيل، والقلق المتصاعد، أمريكيًا ودوليًا، من تزايد عدد الضحايا المدنيين فى غزة نتيجة العدوان الإسرائيلى. وعليه، حاول الضغط على بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، وحكومة الحرب، من أجل إعلان هدنة إنسانية، غير أن تلك المحاولات قوبلت بتأكيد من «نتنياهو» بأنهم مستمرون «بكل قوتهم»، ولن تكون هناك هدنة، ما لم تطلق «حركة حماس» سراح المحتجزين لديها. كما كان لافتًا أن «بلينكن»، الذى تزامنت زيارته لإسرائيل، مع خطاب الأمين العام لـ«حزب الله»، نفى اعتزام بلاده توجيه أى ضربات إلى أهداف لبنانية أو إيرانية، وأكد حرصها على عدم فتح جبهة ثانية أو ثالثة فى الصراع.

.. وتبقى الإشارة إلى أن وزير الخارجية الأمريكى التقى، أمس، أيضًا، نجيب ميقاتى، رئيس حكومة تسيير الأعمال اللبنانية، الذى غادر عمّان إلى القاهرة، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى. وتناول اللقاء، طبعًا، التصعيد العسكرى الإسرائيلى فى غزة، كما شهد تأكيد قوة وعمق العلاقات التاريخية الوثيقة والتنسيق المستمر بين البلدين الشقيقين. وفى هذا السياق، شدّد الرئيس السيسى على ثبات الدعم المصرى لمؤسسات الدولة اللبنانية، وهو ما ثمّنه رئيس الوزراء اللبنانى، مؤكدًا أهمية دور مصر فى الحفاظ على استقرار لبنان، وأمن شعبه، وكذا دورها الفاعل فى الأزمة الراهنة على المسارين السياسى والإنسانى.