رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استفزاز كوريا الشمالية!

ما نشرته «وول ستريت جورنال»، أمس الأول الأربعاء، عن اعتزام زعيم كوريا الشمالية دعم الفلسطينيين، فى الأزمة الراهنة، نقلته الجريدة الأمريكية عن «مشرّعين فى كوريا الجنوبية» قالوا إنهم تلقوا إحاطة من وكالة المخابرات فى بلادهم بهذا الشأن، وقالوا، أيضًا، إن «حركة حماس» اشترت من بيونج يانج قاذفات صواريخ مضادة للدبابات، فى الماضى، وقد تحصل منها، لاحقًا، على المزيد. ما يعنى ببساطة أننا أمام محاولة أمريكية، كورية جنوبية، لتوريط أو استفزاز كوريا الشمالية.

بهدف استفزاز كوريا الشمالية، أيضًا، أو فى محاولة لإقحامها فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، قام الجيش الكورى الجنوبى، الأسبوع الماضى، بإجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية مع نظيره الأمريكى، شارك فيها ٥٤٠٠ جندى من الجانبين، وزعم أنها تهدف إلى تعزيز قدرته على صد هجمات مفاجئة من كوريا الشمالية «على غرار هجوم حماس على إسرائيل فى السابع من أكتوبر»، التى قال إنها أثارت مخاوف أمنية فى كوريا الجنوبية، التى تشترك فى الحدود الأكثر تحصينًا فى العالم مع كوريا الشمالية!.

الموقف الرسمى الكورى الشمالى حمّل إسرائيل مسئولية إشعال الأزمة ودماء الضحايا، واتهم الولايات المتحدة بأنها شريكة فى «الإبادة الجماعية الإسرائيلية لسكان قطاع غزة»، ووصف قصف المستشفى المعمدانى بغزة بأنه «جريمة حرب بشعة وجريمة غير أخلاقية لا يمكن تصورها»، وأكد أن المَخرج لحل الأزمة هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وهنا قد تكون الإشارة مهمة إلى أن مصر منحت، فى أبريل ١٩٨٣، قلادة النيل للزعيم الكورى الشمالى الأسبق، كيم إيل سونج، جد الزعيم الحالى، تقديرًا لمواقفه المساندة للدولة المصرية خلال عدوان ١٩٥٦ الثلاثى، ونكسة ١٩٦٧، وحرب أكتوبر المجيدة. 

المهم، هو أن جيش الاحتلال الإسرائيلى كان قد زعم أن «حركة حماس» استخدمت أسلحة وذخائر مصنّعة فى كوريا الشمالية، خلال هجوم السابع من أكتوبر الماضى، أو عملية «طوفان الأقصى». ولم تمض ساعات حتى أكد جيش كوريا الجنوبية هذا الزعم وقال إن صورًا وفيديوهات متداولة لهجوم «حماس» أظهرت أن الحركة استخدمت أسلحة كورية شمالية متعددة. كما نقلت تقارير عن أكيفا تور، السفير الإسرائيلى فى كوريا الجنوبية، أن «تل أبيب على علم بأن حماس تستخدم أسلحة كورية شمالية»، وهى التقارير التى علّق عليها ماثيو ميلر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، بأن بلاده تعارض قيام أى دولة بتزويد حماس بالأسلحة. غير أن بيونج يانج نفت تلك المزاعم وقالت إنها «محاولة أمريكية لتحويل اللوم فى الصراع عنها إلى دولة ثالثة، وتجنب الانتقادات الدولية التى تركز على إمبراطورية الشر».

قد تكون لهذه المحاولات، الاستفزازات أو المزاعم، علاقة بالمعركة المرتقبة، والمتوقع أن تخوضها روسيا والصين فى مجلس الأمن لرفع العقوبات عن كوريا الشمالية، التى أكد سيرجى لافروف، فى سبتمبر الماضى، أن تبنيها جاء فى بيئة جيوسياسية مختلفة تمامًا عن الحالية، وقال إن بلاده أعدّت «مع الأصدقاء الصينيين» مشروع قرار يركز على حل القضايا الإنسانية، التى وصفها بأنها جدية للغاية.

تصريحات لافروف، تزامنت مع القمة، التى جمعت بين الرئيسين الروسى والكورى الشمالى، فلاديمير بوتين وكيم جونج أون، فى قاعدة «فوستوتشنى» الفضائية، والتى استغلتها صحف أمريكية وبريطانية للحديث على وجود «صفقة أسلحة محتملة»، لدعم موقف موسكو فى أوكرانيا، مقابل تزويدها بيونج يانج بتكنولوجيا خاصة بالأقمار الصناعية، والغواصات النووية، متجاهلة حاجة كوريا الشمالية إلى الطاقة والغذاء، لتفادى تكرار المجاعة التى شهدتها فى تسعينيات القرن الماضى، وأودت بحياة حوالى نصف مليون شخص. ووقتها، استغلت الخارجية الأمريكية هذه التقارير وقالت إن إدارة الرئيس جو بايدن «لن تتردد» فى فرض عقوبات إضافية على روسيا وكوريا الشمالية إذا أبرمتا أى صفقات أسلحة جديدة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، قال إنه يعتزم، خلال زيارته المرتقبة لكوريا الجنوبية، أن يتناول مع مسئوليها «عواقب» التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية على الأمن الدولى.