رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلهم فاشلون.. إلا نتنياهو!

مرة ثانية، أقرّ أهارون هاليفا، رئيس شعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية، «أمان»، بأن جهازه فشل فى مهمته الأبرز، وهى التحذير من اندلاع حرب. وخلال حفل تخريج دفعة جديدة من الضباط، أمس الأربعاء، حمّل هاليفا نفسه مسئولية هذا الفشل، وقال إنهم يواجهون «أعداء فى الشمال والشرق، ومن القريب والبعيد»، زاعمًا أن الحرب تم فرضها عليهم ولم يختاروها، وأنها «ليست حرب وجود» بل «حول شكل هذا الوجود»، ثم طالب جنوده بأن يركزوا فى مهامهم وألا يفكروا فى أى شىء آخر!.

لدى إسرائيل ثلاثة أجهزة مخابرات تضطلع كل منها بمهام محددة: «الموساد»، وهو جهاز المخابرات الخارجى، الذى يدير عمليات خارج حدود ذلك الكيان. وهناك «الشاباك»، أو جهاز الأمن العام الذى يتولى قضايا الأمن الداخلى وحماية الشخصيات السياسية، وملاحقة أنشطة الفصائل الفلسطينية بالضفة وغزة، وسجله فى هذا الملف أسود من السواد. أما «أمان» أو شعبة المخابرات العسكرية، فمهمتها الرئيسية هى تقديم تحذيرات أمنية يوميًا وأثناء الحرب، لحماية إسرائيل ورصد التهديدات بشأن اندلاع حرب أو هجمات. وفور بداية عملية طوفان الأقصى، أعلن هاليفا، عن فشله فى توقع الهجوم.

أيضًا، أقر رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام، «الشاباك»، بالفشل بعد العملية، وأعلن فى رسالة إلى عناصر الجهاز عن تحمله المسئولية. كما قال تساهى هنجبى، مستشار الأمن القومى الإسرائيلى، إنه أخطأ التقدير بشأن قدرة حماس واعتقد أنها لن تجرؤ على مهاجمة إسرائيل. وقال نفتالى بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، إنه يتحمل جزءًا من المسئولية، لكونه كان يقود إسرائيل لمدة ١٢ شهرًا، بين يونيو ٢٠٢١ ويونيو ٢٠٢٢، وهى الفترة، التى قال إن «حركة حماس» كانت تستعد فيها لهجومها المباغت.

الشىء نفسه، فعله هرتسى هليفى، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلى، فى مؤتمر صحفى، وهو الذى كان قد تعهد، فور توليه منصبه، فى يناير الماضى، بالتجهيز للحرب على الجبهات القريبة والبعيدة. ولا معنى لإعلان وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون عن إرسال مسئولين لمساعدة الإسرائيليين، من بينهم جيمس جلين، الجنرال فى مشاة البحرية، غير أن قائد الجيش الإسرائيلى ليس قادرًا على إدارة الأمر.

المهم، هو أن كل المسئولين الإسرائيليين المعنيين أقروا بالفشل، باستثناء بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالى، المتهم بالفساد وخيانة الأمانة والرشوة والاحتيال، والذى حكم لأطول فترة فى تاريخ ذلك الكيان: منذ سنة ١٩٩٦ إلى ١٩٩٩، ثم منذ ٢٠٠٩، إلى ٢٠٢١، قبل أن يعود مجددًا فى ديسمبر الماضى، ويقال إنه لا يفكر، الآن، سوى فى كيفية إنقاذ نفسه، من مصير أسود ينتظره بعد انتهاء المواجهات الحالية. 

يرفض نتنياهو، حتى الآن، تحمل أى مسئولية تجاه ما جرى. وفى تغريدة نشرها فى حسابه الرسمى على موقع «إكس»، تويتر سابقًا، حذفها صباح اليوم التالى واعتذر عنها، أكد أن تقديرات كل وكالات المخابرات، كانت تشير إلى أن حركة حماس «مردوعة»، وتتجه نحو التسوية، لافتًا إلى أنه تلقى مثل هذه التقديرات أو التقييمات، عدة مرات، وتلقاها أيضًا المجلس الأمنى المصغر، قبيل الهجوم. كما رفض نتنياهو، كذلك، أن يتحمل أى جزء من المسئولية عن الفشل، فى أول مؤتمر صحفى عقده بعد الهجوم، وتهرّب من سؤال طرحه أحد الصحفيين بهذا الشأن، واكتفى بالقول: «بعد انتهاء الحرب علينا جميعًا أن نقدم إجابات على الأسئلة الصعبة»!.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الفشل الإسرائيلى لا يزال مستمرًا، ومنتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن وقوع حدث وصفته بـ«الخطير» تعرضت له قوات جيش الاحتلال داخل قطاع غزة، وقالت إن الرقابة الإسرائيلية فرضت حظرًا للنشر بشأن هذا الأمر. غير أن المتحدث باسم ذلك الجيش قال فى وقت لاحق إن «البلاد امتلأت بالشائعات فى الساعات الأخيرة»، ودعا الجميع إلى الالتزام بالتقارير الرسمية. وفى المقابل، أكد رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، صباح أمس، الأربعاء، أن ما ستنشره كتائب القسام الجناح العسكرى للحركة، حول خسائر جيش الاحتلال سيصدم العدو وشعبه.