رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيد أبوليلة يكتب: قتل الأطفال كوسيلة للبقاء فى الغابة

أنشغل دائمًا بما قد يميز الإنسان عن الحيوان، لكنني لم أتعجب حينما صادفت حيوانًا من فصيلة القطط الكبيرة، ينتقم من قطيع ضباع، بقتل أطفالها، ليس لسد الجوع، بل للتأديب، ولأنه ببساطة يستطيع أن يفعل ذلك.
في فيلم وثائقي، ظهرت مجموعة من الضباع تحيط بأنثى الأسد، بعدما رأوها تجر فريسة ضخمة، فاشتبكوا معها وأخذوا الطعام، وهربت الملكة.. وهنا قرر الأسد الانتقام، ليس بمطاردة قطيع الضباع، فهذه مواجهة محسومة، بل بفرض عقوبة تأديبية، يبدو أنها مدونة منذ الأزل في شريعة الغاب.. قَتَل المفترسُ الأطفالَ ببساطة.. ورحل. وجرى الالتفات لقضية قتل أطفال الحيوانات كاستراتيجية لضمان البقاء، في علم الحيوان، منذ زمن ليس ببعيد (1).
حسنًا، إن أحب أحدهم شر الغابة، فيمكنه كذلك النظر إلى صراعات البقاء في أدغال إفريقيا؛ قبائل وعادات وأنظمة حكم واستراتيجيات حرب، يكفي أن تعلم أن بإمكان الأسود أو القرود على سبيل المثال إعداد خطة محكمة لاختراق قبيلة أخرى، وقتل أطفالها إن أمكن، للتأديب، أو على الأقل أسر أحد أفرادها.. ولا يكتفون بالأسر بل يعذبون المخطوف ببطء، ويخضعون الفصيل المارق بصراخ أسراه.. أو بقتل جيله الجديد.
ويستهدف زملاؤنا في الكوكب، بهذه التصرفات، فرض السيطرة وضمان بقاء النوع، خاصة مع نقص الموارد والصيد الجائر.
يمكن أن يَعتبر شخصٌ ما فعله الأسود أو القرود، دليلًا على مزاحمتهم أبناء آدم في صفة الذكاء، باعتبار أن الشر المركب منجزٌ بشري!
لكن هل هذا ذكاء؟
"الأكيد" أن قتل الأطفال "فعل غابة" تفعله حيوانات لم ترتق بعد لتصنع شريعة متطورة تحقق التعاون وتقلل الخسائر.. ندّعي أن عقلنا أكثر تطورًا من الحيوانات، لكن قليلًا من يتصرفون وفقًا لذلك.
بالمناسبة، قد تتعاون قطعان من آكلات العشب للاحتماء بالعدد؛ يضعون الأطفال في وسط القطيع الكبير الفيدرالي، وحولهم المرضى، ثم النساء، ثم الذكور الأقوياء.. يحذرون بعضهم إن اقترب أسد.
الغريبة، هو رصد صراعات في قطعان قائمة على التعاون بين أنواع مختلفة، قطيع حمير وحشية على سبيل المثال تعاون ذات مرة مع قطيع غزلان.. اصطدمت غزالة أمٌ، برضيع من قطيع الحمير، دون قصد، وابتعدت سريعًا، برد فعل تلقائي.
لكن لأن زملاءنا الحمير، في هذا الكوكب، ليست لديهم قدرات عقلية تسمح لهم بمعالجة فرضية "الخطأ غير المقصود"..  فيشتعل الصراع.
إن افترضنا أن كل من يلبس ثيابًا، آدميًا زميلًا في الكوكب، ويستحق المعاملة الحسنة، ماذا سنفعل إن خرق الزميل مفهوم الإنسانية بفعل حيواني؟ يمكن أن نقنعه بأنه يرتكب جريمة، هذه فكرة حكيمة.
قد تُصادفُ حيوانًا في الغابة، أي حيوان، ستبتسم مستخدمًا أحد أجمل أسرار البشر للتعارف والتآلف، وهي الابتسامة والسلام.. لكن ماذا إن لم يتقبل الآخر التعاون والشراكة؟
ستسألني.. ماذا يجبرك على البقاء مع حيوان شرس كهذا.. سأقول لك بيتي، ستقتل صغاري..
حسنًا، قد يصادف أحدكم حيوانًا في الغابة، وعليه باسم الإنسانية أن يجتهد قدرما استطاع لمحاولة التعاون والتجاور.. لكن إن لم يقبل، فالحلول محدودة، خاصة مع قتل "نسلنا".
ما نراه من عنف في هذا الكوكب، ليس جديدًا ولا غريبًا، ما يستحق التعجب هو أن نترك نحن البشر من يتصرفون كحيوانات، دون عقوبة.

  1. https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/402873