رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إعادة تدوير هلاوس التهجير

 

لم يكن جديدًا ما نقلته وكالة أنباء «أسوشيتد برس»، أمس الثلاثاء، عن «الوثيقة» التى اقترحت فيها «وزارة المخابرات الإسرائيلية» نقل سكان قطاع غزة إلى سيناء. أما الجديد، أو ما قد يكون كذلك، فهو أن الوكالة نسبت إلى «مسئول إسرائيلى مطلع» أن تلك الوثيقة «لم تكن محل نقاش بين المسئولين الأمنيين»، وكذا إشارتها إلى أن مكتب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، وصف تلك الوثيقة بأنها «مجرد ورقة مفاهيمية»، يتم إعداد عشرات مثلها على جميع مستويات الحكومة وأجهزتها الأمنية!

مع ذلك، نقلت جريدة «فاينانشيال تايمز»، عن «مسئولين مطلعين»، أن نتنياهو حاول إقناع قادة أوروبيين بالضغط على مصر لقبول اللاجئين من غزة. وأشارت الجريدة البريطانية إلى أن الفكرة نُوقشت خلال قمة زعماء الاتحاد الأوروبى، يومى الخميس والجمعة الماضيين، ورفضتها الدول الأوروبية الرئيسية، وفى مقدمتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، باعتبارها غير واقعية، وأكدت أن المسئولين المصريين يرفضون، بشكل قاطع قبول اللاجئين من غزة، حتى على أساس مؤقت. ونقلت الجريدة، أيضًا، عن «دبلوماسى غربى» أنهم «لم يأخذوا الأمر على محمل الجد، لأن الموقف المصرى كان دائمًا واضحًا».

هلاوس تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء، سبق أن ردّدها، فى ١٤ فبراير ٢٠١٧، أيوب قرا، ذلك الدرزى العبيط، الذى كان وزيرًا بلا حقيبة، وتولى لاحقًا وزارة الاتصالات. ووقتها، طالب إسحق هرتزوج، الرئيس الإسرائيلى الحالى، الذى كان يتزعم المعارضة الإسرائيلية فى الكنيست، بإقالة ذلك الدرزى العبيط، واصفًا ما طرحه بأنه «خطير جدًا، وما كان له أن يصدر عن مسئول إسرائيلى»، وقال إن هذه الفكرة «تضر علاقاتنا مع مصر، التى ليس من المعقول أن تقبل بها من الأساس». غير أن جيلا جملئيل، التى كانت تتولى وزارة المساواة الاجتماعية، فى ذلك الوقت، قالت، أواخر نوفمبر التالى، إن «أفضل مكان يمكن أن يقيم فيه الفلسطينيون دولتهم هو سيناء». والمذكورة، هى التى تتولى، منذ يناير الماضى، وزارة المخابرات، التى أصدرت الوثيقة، محل الجدل الدائر الآن!

المهم، هو أن هذه الوثيقة، التى تناولتها جريدة «كالكاليست» الإسرائيلية، منذ أيام، ثم نشرها موقع «ميكوميت»، كاملة، يوم السبت، أُعيد تدويرها، مرّات ومرّات، وسبق أن نشرت محتواها صحف إسرائيلية، فى ٨ سبتمبر ٢٠١٤، ووقتها، أكد الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، أن هذه الفكرة، فكرة إقامة دولة فلسطينية فى سيناء، سبق أن طرحها عليه الرئيس الأسبق محمد مرسى، وقوبلت برفض قاطع. وفى اليوم نفسه، يوم ٨ سبتمبر ٢٠١٤ قال الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال الاحتفال بـ«يوم المعلم»، بالنص: «مفيش كلام من ده.. ما حدش يجرؤ.. ما حدش يجرؤ يعمل كده».

المصريون، جميعًا، بلا استثناء، كما كتبنا من قبل، أعلنوا، بمختلف الطرق، وما زالوا، عن رفضهم القاطع، هذه الهلاوس، ليس فقط لكونها تخالف قواعد القانون الدولى الإنسانى، ولكن أيضًا لأنها تعنى تصفية القضية الفلسطينية وتنسف اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية. وصباح أمس، أكد ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، مجددًا، فى مؤتمر صحفى، أن مصر لن تقبل أبدًا ترحيل أو تهجير أى شقيق فلسطينى إلى داخل الأراضى المصرية، لافتًا إلى أن مواد القانون الدولى الإنسانى، خاصة معاهدة جنيف الرابعة، تحظر أى تهديد أو نقل أو تهجير أو ترحيل بالقوة للسكان المدنيين. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قام، أمس الثلاثاء، بزيارة موسعة لمحافظة شمال سيناء، أطلق خلالها، نيابة عن الرئيس السيسى، المرحلة الثانية لتنمية سيناء، التى تتضمن مشروعات تقدر قيمتها بحوال ٣٦٣ مليار جنيه، على مدار السنوات الخمس القادمة. وخلال لقائه بمشايخ وعواقل سيناء، فى مقر الكتيبة ١٠١ بالعريش، قال مدبولى إننا، نحن المصريين، مستعدون للدفاع عن كل ذرة رمل فى سيناء، ولن نسمح لأحد بأن يقترب منها. وأشار إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد، مرارًا، أن مصر لن تسمح أبدًا بحل أو تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.