رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكالمتان مهمتان

أهم ما تضمنته المكالمة التليفونية، التى تلقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى، مساء أمس الأول، الأحد، من نظيره الأمريكى جو بايدن، كان اتفاق الرئيسين على أهمية حماية أرواح المدنيين، واحترام القانون الإنسانى الدولى، وضمان عدم تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر أو إلى أى دولة أخرى. وهذا، تقريبًا، هو تلخيص أو قراءة البيت الأبيض، لثالث مكالمة تليفونية يجريها الرئيس الأمريكى بالرئيس السيسى، منذ بداية الأزمة الراهنة، أو الجولة الجديدة من المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية.

ستجد فى القراءة، أيضًا، أن بايدن أعرب عن تقديره «لدور مصر الرائد فى الجهود المبذولة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة»، وأن الزعيمين أكدا التزامهما بتسريع وزيادة المساعدات ابتداءً من اليوم، أى الأحد، وبالعمل، معًا، على تهيئة الظروف لإقامة دولة فلسطينية وتحقيق سلام دائم. مع إشارة إلى أن الرئيس بايدن أطلع الرئيس السيسى على الجهود التى تبذلها الولايات المتحدة، لضمان عدم قيام «اللاعبين الإقليميين»، regional actors، بتوسيع الصراع، وأيضًا على الجهود المستمرة لتأمين إطلاق سراح «الرهائن». غير أنك لن تجد ذكرًا لـ«وقف إطلاق النار»، مع أن الرئيس السيسى أكد موقف مصر بضرورة التوصل إلى هدنة إنسانية فورية، حسب البيان الصادر عن الرئاسة.

البيان الصادر عن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، قال إن الرئيسين ناقشا مجمل الوضع الأمنى فى الشرق الأوسط، ومستجدات التصعيد العسكرى فى قطاع غزة، وأهمية الحيلولة دون توسّع دائرة الصراع للمحيط الإقليمى. بالإضافة إلى استعراض مختلف أبعاد الأوضاع الراهنة فى القطاع، وآخر المستجدات فيما يتعلق بملف «المحتجزين»، وبحث آفاق التعاون المشترك لحشد الجهود الدولية من أجل دفع مسار إحياء عملية السلام، بهدف تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، وفقًا لمقررات الشرعية الدولية.

الاتصالات المصرية المكثفة، كما أشرنا أمس، لا تزال مستمرة مع كل الدول والأطراف المعنية، دوليًا وإقليميًا، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمحتجزين. ولعلك تعرف أن الولايات المتحدة عارضت، أو صوتت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذى تقدمت به المجموعة العربية، وصدر، مساء الجمعة، بموافقة ١٢١ دولة، ودعا إلى هدنة إنسانية فورية دائمة ومتواصلة، تقود إلى وقف العمليات العسكرية. ولعلك تعرف، أيضًا، أن الرئيس السيسى، شدّد، خلال كل المكالمات، التى تلقاها من غالبية قادة دول العالم، منذ ٧ أكتوبر الجارى، على أهمية تغليب صوت العقل، ومسار التهدئة، وحذّر من خطورة دخول المنطقة فى حلقة مفرغة من التوتر تهدد الاستقرار والأمن الإقليميين.

فى هذا السياق تأتى أهمية المكالمة، التى تلقاها الرئيس السيسى، يوم السبت، من أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وهى المكالمة الرابعة منذ بداية التصعيد، والتى جرى خلالها التباحث حول مستجدات الجهود الدبلوماسية الجارية لوقف التصعيد فى قطاع غزة، بما فى ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، المشار إليه. كما تم تبادل وجهات النظر حول جهود التعاون بين مصر والمنظمة الدولية بشأن حماية المدنيين، ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك من خلال الآلية المتفق عليها تحت إشراف الأمم المتحدة، وكالعادة، ثمّن «جوتيريش» دور مصر الجوهرى على هذا الصعيد، مشيدًا بالالتزام المصرى الراسخ بالعمل الإيجابى نحو السلام والاستقرار. كما أعرب الرئيس السيسى عن تقدير مصر للمواقف المتوازنة للأمين العام، وكذا لدور الأمم المتحدة على المستويين السياسى والإنسانى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن مات فيسر، Matt Viser، توقف عند مكالمة بايدن مع الرئيس السيسى فى تقرير طويل نشرته «واشنطن بوست»، أمس الإثنين، أكد فيه أن الرئيس الأمريكى يواجه ضغوطًا متزايدة من داخل حزبه، لحث إسرائيل على وقف التصعيد العسكرى غير المسبوق فى قطاع غزة، خاصة بعد التوغلات البرية الأخيرة، التى لا يرون لها أهدافًا واضحة وقابلة للتحقق. كما أشار التقرير إلى أن مجموعة تضم أكثر من ٢٠ نائبًا ديمقراطيًا فى مجلس الشيوخ، دعت بايدن إلى العمل مع مصر والأمم المتحدة، وإسرائيل طبعًا، لمعالجة الأزمة الإنسانية، التى يعشيها القطاع، والتى خرجت عن السيطرة.