رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤتمر السلام.. والعبور الإنسانى الأروع

لقد عشنا في الزمن المباركي حقبة كاملة، وهي الثالثة الأخيرة فيه، والتي كان الرئيس يكرر مطالباته ومناشدته العالم لتنظيم مؤتمر لمحاربة الإرهاب، وكنت أكتب متعجبًا: ولِمَ لا نقيم نحن المؤتمر ونحن أصحاب التجربة الأعظم في المعاناة من ضربات الإرهاب، والتي نشأ على أرضها منذ ما يقارب القرن من الزمان الجماعة المؤسسة الأولى للإرهاب، والتي تفرع من جذورها كل أشاوس جماعات الإرهاب المقيتة؟
وجاءت الإجابة عن سؤالي والفعل الأروع بقدوم من فوضناه لمحاربة الإرهاب وبناء دولة الإنسان الجديد المتفاعل الوطني.. نعم كانت إجابة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أرسى قواعد زمن الإنجازات لا الشعارات الجوفاء، فتوالى تنظيم المؤتمرات المحلية والإقليمية والقارية والعالمية لنعرض من خلالها، بمشاركات عالمية، قضايا مخاطر الإرهاب وكيف ندير معاركنا مع كتائبه الخائنة على الأرض المصرية وعربيًا وعالميًا، وبتكوين وتحضير كتائب من الشباب المثقف المدرب في مؤسسة أكاديمية رائعة للمشاركة في تنظيم تلك المؤتمرات والدعوة إليها.. وعبر تلك المؤتمرات تم دعم فكرة تمكين الشباب، وتجذير ودعم قيم التطوع والتبرع والعمل الجماعي وفكر المواطنة ومفاهيم العمل الوطني بآليات علمية وموضوعية..
وعليه، كان النجاح العبقري في تنظيم مؤتمر السلام والإعداد له خلال أيام قليلة، بمشاركة دولية وتفاعل عالمي غير مسبوق، لمعالجة أزمة وقوع غزة تحت طائلة حرب شرسة وعدو موتور مثخن بالجراح فيعلنها حرب إبادة مجنونة، وليحيل قطاع غزة إلى سجن كبير محروم سكانه من الماء والغذاء والكهرباء والعلاج وكل أسباب الحياة، فكان المؤتمر ونجاح الرئيس والدبلوماسية المصرية في فرض الإرادة المصرية وتحقيق جسر العبور الإنساني لرحمة الأشقاء على الأرض الفلسطينية، ليعبر عليه عشرات الشاحنات، ويتقدم الشباب الرائع المتطوع الصفوف بصمود وصبر على أرض المعبر المصري أكثر من أسبوع في ظروف صعبة وبوطنية وانتماء عروبي بديع..

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد وجّه، منذ اللحظة الأولى لاندلاع الاشتباكات، بتكثيف اتصالات مصر مع جميع الأطراف ذات الصلة، فمصر على اتصال مباشر مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وكذلك الأطراف الإقليمية والدولية منذ السبت الموافق 7 أكتوبر 2023، وحتى الآن، سواء على مستوى الرئيس السيسي أو وزارة الخارجية والجهات المعنية.
وحذرت جمهورية مصر العربية، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، من مخاطر وخيمة للتصعيد الجاري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في أعقاب سلسلة من الاعتداءات ضد المدن الفلسطينية.
ودعت مصر إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر، محذرةً من تداعيات خطيرة نتيجة تصاعد حدة العنف، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبًا على مستقبل جهود التهدئة. ودعت جمهورية مصر العربية الأطراف الفاعلة دوليًا، والمنخرطة في دعم جهود استئناف عملية السلام، إلى التدخل الفوري لوقف التصعيد الجاري، وحث إسرائيل على وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني، والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بمسئوليات الدولة القائمة بالاحتلال.

وبخصوص المساعدات، تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا من السيد أنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة، الذي أعرب عن حرصه على مواصلة التشاور مع السيد الرئيس بشأن مستجدات التصعيد في قطاع غزة والمواجهات العسكرية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في ضوء التطورات المتسارعة التي تمثل تهديدًا للاستقرار الإقليمي، وقد استعرض الجانبان الاتصالات والتحركات الدائرة على المستويين الدولي والإقليمي للحث على استعادة التهدئة وخفض التوتر، مؤكدين أهمية تجنب توسيع دائرة الصراع، وإتاحة المجال للجهود الدبلوماسية لحماية المدنيين ومنع تفاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وفي هذا السياق تقدم السكرتير العام بالشكر للسيد الرئيس على الجهود التي تقوم بها مصر، ودورها المقدر على صعيد بذل المساعي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

وقد أعلنت مصادر أمنية مصرية مطلعة أن مصر رفضت مرور رعايا أمريكيين من معبر رفح من غزة إلى مصر، إلا باتفاق يلزم بوصول المساعدات إلى أهالي غزة.
وأشارت المصادر، وفقًا لـ"القاهرة الإخبارية"، إلى أن مصر رفضت أن يكون معبر رفح مخصصًا لعبور الرعايا الأجانب فقط، مؤكدة أن الموقف المصري واحد وهو اشتراط وصول المساعدات إلى قطاع غزة. وقال شهود عيان إن رعايا أمريكيين وقفوا وقتا طويلا أمام المعبر في انتظار العبور للجانب المصري، إلا أن مصر لم توافق ليعود الرعايا الأمريكيون.

وقادت مؤسسات التحالف الوطنى للعمل الأهلي التنموي و"حياة كريمة" حملة المساعدات للأشقاء الفلسطينيين في غزة، واصطفت قوافل التحالف الوطني أمام معبر رفح على مدى الأيام الماضية انتظارا لفتح المعبر.
وضمت القوافل قرابة 106 قاطرات محملة بكميات ضخمة من المساعدات الإنسانية لدعم الأشقاء في فلسطين، كما ضمت القوافل ألف طن من المواد الغذائية واللحوم و40 ألف بطانية.

لقد كان تحرك الدولة المصرية لوضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته من مخاطر تأزم المشهد على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وممارسة الضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف العدوان بشكل عاجل على أبناء الشعب الفلسطينى، والدفع نحو إقرار تهدئة كاملة والعودة إلى المسار السلمى بالتفاوض بعيدا عن لغة السلاح.
وظلت الدبلوماسية المصرية تحشد جهودها مع ممثلي الدول الغربية والإقليمية الفاعلة لدعم التحركات المصرية التى تهدف من خلالها مصر لتوفير ممر آمن وعاجل لاستمرار تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين فى قطاع غزة، والتأكيد على الرفض القاطع لأى محاولات ترمى لتصفية القضية الفلسطينية على أساس دعوات النزوح أو سياسات التهجير.