رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كذبتان.. جريمة معاداة السامية وقتل المدنيين فى المستوطنات

العالم كله يعرف ماذا فعلت أوروبا باليهود من اضطهاد ومذابح عبر العصور، وصار هروب اليهود إلى العالمين العربى والإسلامى هو طريق النجاة لليهود. لم يتوقف اضطهاد اليهود وعلاماته كثيرة حتى القرن العشرين، أشهرها طبعًا ما جرى فى ألمانيا النازية والمحارق التى أقامها هتلر لهم. ما ذنب العالم العربى فى ذلك؟ العالم الذى لاذوا دائمًا به وببلاده، مثل مصر وفلسطين ناهيك عن العراق والمغرب واليمن. 

لأسباب سياسية، ولزرع عدو بين العالم العربى، ابتكرت أوروبا البحث عن وطن قومى لليهود، والقصة معروفة وانتهت باحتلال فلسطين. رأوا ورأى كبار اليهود أن ذلك سيكون أكثر جذبًا، فهى أرض الميعاد فى التوراة، ورغم أن ما جاء فى التوراة والتلمود يدخل فى قلب الخرافات والأساطير لكن هكذا آمنوا. ابتدعت أوروبا قانون تجريم معاداة السامية ويقصدون به معاداة اليهود تكفيرًا عن ذنوبها. 

أما اليهود أنفسهم وقد صاروا صهاينة، فكل ما يفعلونه فى فلسطين بالعرب والمسلمين مباح. يفعلون بالفلسطينيين ما فعلته أوروبا بهم من مذابح كنوع من الإزاحة النفسية البشعة، وتوافق أوروبا كنوع من التكفير البشع عن الذنب. استخدام تجريم معادة السامية للتكفير عن الذنوب التى ارتكبتها أوروبا فى حق اليهود فتح المجال للصهاينة لفعل كل الجرائم ضد الفلسطينيين.

المذابح التى أقامها اليهود للفلسطينيين قبل عام ١٩٤٨، حيث أعلنت دولة إسرائيل، وبعده لا تُحصى، يقومون بأبشع مما فعلت أوروبا بهم، وأصبح قتل الفلسطينيين هواية تسرّ نفوسهم، وصارت أفعال النازية شعارهم، فكلاهما شعب الله المختار، ولا يدخل هذا فى كذبة أوروبا عن تجريم معاداة السامية، فللصهاينة حقهم المطلق فى قتل الفلسطينيين.

هكذا ترى تضامنًا من حكومات دول، مثل ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وإيطاليا وأمريكا، مع ما تفعله إسرائيل فى غزة من مذابح، ردًا على كشف عورتها فجأة بما فعلته حماس وكتائب القسام، من عبور طال انتظاره كلف إسرائيل خسائر لم تخسرها فى حروبها السابقة كلها.

اتُّهمت حماس وكتائب القسام بقتل المدنيين فى المستوطنات التى هاجموها، وهذه هى الكذبة الثانية، فسكان المستوطنات هم جنود إسرائيليون أقاموا مستوطناتهم على أرض غيرهم وبقتل الفلسطينيين. هم جنود فى الجيش الإسرائيلى وقت الحرب ووقت السلم فى انتظار التجنيد. أى تسقط عنهم صفة المدنية. بينما سكان غزة ليسوا مدنيين فى نظر أوروبا التى تعانى من عقدة الذنب وتفرغها على أهل فلسطين. 

ماذا تسمى المذابح التى تتم فى غزة من استهداف المدنيين عن قصد فى البيوت والعمارات والمساجد والمدارس بالغارات، وقائد أى طائرة يعرف إلى أين يوجه صاروخه، فالأمر ليس عشوائيًا. لقد تجلت الروح الهمجية فى قول نتنياهو: «نحن نفعل ما وعدنا الله به فى التوراة»، أما وزير دفاعه فيقول: «منعنا المياه والكهرباء والطعام عن غزة.. فسكانها ليسوا بشرًا لكن حيوانات فى هيئة بشر».. يسمعه العالم كله ولا تتحرك الدول رغم أن هذه جريمة قتل جماعى. 

نسمع فقط عن رفض من مؤسسات حقوقية، لكن لا تعلن أمريكا مثلًا انسحاب حاملة طائراتها من حدود غزة، ولا تُظلم فرنسا برج إيفل احتجاجًا على مجازر اليهود للفلسطينيين، كما أظلمته احتجاجًا على عبور الفلسطينيين لحصارهم فى غزة. وفى النهاية لقد كان عبور المصريين فى أكتوبر ١٩٧٣ له ما بعده من خروج الصهاينة من سيناء، والتخلى عن جزء كبير من حلمهم فى دولة من الفرات إلى النيل، وسيكون للعبور الفلسطينى وعملية طوفان الأقصى رغم أى خسائر، دورهما فى تقليص جديد لهذا الحلم الخرافى.

روائى