رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هزيمة «جولدا» ونصر أكتوبر

الفيلم الذي يحمل اسم « جولدا» والذي سأكتب عنه في السطور التالية بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر العظيم، ليس هو الفيلم الأول أو الأوحد الذي يتحدث عن شخصية «جولدا مائير»، فقد سبقته أفلام ومسلسلات تناولت تلك الشخصية من زوايا عدة ومن وجهات نظر مختلفة، أما آخر فيلم أنتج حديثًا ويحمل اسم «جولدا» وهو إنتاج إنجليزي امريكي وكان عرضه العالمي الأول في فبراير ٢٠٢٣ في إطار فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي ويدور حول السيرة الذاتية لرابع رئيسة وزراء في تاريخ الكيان الصهيوني والتي تولت هذا المنصب منذ  مارس ١٩٦٩ حتى عام ١٩٧٤ ولقبت بالمرأة الحديدية و«أم اليهود» في المجتمع اليهودي الصهيوني بعد انتصارها على الدول العربية في حرب الأيام الستة وإبادتها لقرية «الطنطورة» شمال فلسطين، وهي القرية التي كتبت عنها الروائية المصرية الراحلة الكبيرة رضوى عاشور روايتها البديعة والتي تحمل  اسم «الطنطورية» بعد أن هجرت وأبادت أهلها بالكامل وكذلك فعلت مع غيرها من المدن والقرى.. وتنتمي «جولدا مائير» لمجموعة مجرمة وإرهابية من العصابات الصهيونية التي تسمى «الهاجانا» والتي أوغلت في دمائنا وأراضينا وما زالت، لذلك يعتبرها الصهاينة- وحتى الآن- الأسطورة التي لا يريدون حرقها رغم غطرستها التي أظهرها واعترف بها الفيلم واستخفافها بالجيوش العربية آنذاك وفشلها في تعبئة جيشها في الوقت المناسب، فهي لم تعبئ جيشها إلا يوم الحرب «السادس من أكتوبر» وعاشت وعاش معها شعبها ٢٢ يومًا من الرعب والهزيمة خلال وبعد حرب أكتوبر ورغم ذلك بُرئت «جولدا» من شبهة ارتكاب مخالفات خلال ما يسميه الصهاينة بحرب «يوم الغفران»  ونسميه نحن «نصر السادس من أكتوبر» وكتب الكاتب الإسرائيلي «أهارون ميجد» وهو من يهود فلسطين أو ما يسمى بـ (جيل الصبرا» منتقدًا انتصار الصهاينة في حرب الأيام الستة قائلا لهم: 

«أنتم لم تنتصروا في هذه الحرب ولكن نجحت خديعتكم في هذه المعركة وما تقولونه عن العرب والمصريين خاصة وأنهم ضعفاء وجهلاء، فإنما هى أول خطوة في دمار سيستمر معكم لعقود طويلة حتى وإن حاربت معكم الولايات المتحدة الأمريكية بكل جيوشها»، وهذا بالفعل ما حدث وما تحقق.

وكان جزاء ذلك الكاتب هو التنمر والاستهزاء ووصفه بالانهزامي! حتى في ذروة هزائمهم في حرب الاستنزاف والتي بدأت بموقعة «رأس العش» الأولى ثم الضربات الجوية المركزة على قواتهم المدرعة في سيناء ثم «رأس العش الثانية»  ثم المدمرة «إيلات»  قرابة سواحل بورسعيد.

وبعد الهزيمة قامت إسرائيل بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق برئاسة رئيس العدل آنذاك «شيمون إجرانات» وأشار تقرير اللجنة إلى عدة تساؤلات حول الحرب ومنها هل تأخرت «جولدا مائير» رئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الوقت و«موشي ديان» وزير الدفاع الإسرائيلي في استدعاء قوات الاحتياط يوم 5 أكتوبر؟ والقرارات الصعبة التي اتخذتها خلال عام 1973 وهى إحدى أهم الفترات في عهد جولدا مائير في السلطة 
وبدأت الحرب في أكتوبر 1973 عندما شنت مصر وسوريا هجومًا مفاجئًا على إسرائيل في عيد الغفران اليهودي، لذلك سمى «موشيه ديان» الذي قدم استقالته لجولدا مائير هذا اليوم «بيوم الحساب» أو «يوم القيامة» وكان ينوي تحضير قنبلة ذرية في مفاعل ديمونة انتقامًا لما حدث! ونقلت الخطوط الجوية المصرية أسطولها لطرابلس وغادر الدبلوماسيون السوفيت مصر وقتل في تلك الحرب أكثر من ألف ضابط وجندي وفُقد خمسون وجرح وأسر المئات وتحطمت ٥٠٠ دبابة و٤٣ طائرة فانتوم وتسع طائرات سكاي هوك، هذا إلى جانب معاناة 45 ضابطًا وجنديًا في حصن بمنطقة «بور توفيق» والذي اضطر للاستسلام بالكامل للقوات المصرية بسبب كثرة الإصابات وقلة مواد الإسعافات الأولية وحكى هؤلاء عن بطولات رجال الصاعقة المصرية وكيف خدعتهم قياداتهم العسكرية والآلة الدعائية الصهيونية التي أوهمتهم بأن المصريين جبناء ولا يجيدون الحرب، بل يجيدون رعي الغنم ومص القصب وزراعة الفول! أما جنود إسرائيل الذين بنوا الحائط والسد المنيع فهم خير محاربين لأقوى جيش لا يمكن هزيمته أو قهره! فسقط ساترهم الترابي وانهار حصنهم المنيع وقُهر جيشهم الذي كان من السهل علينا قهره في ٦ ساعات، وسمعنا في الفيلم تسجيلًا صوتيًا لجندي مصري يتحدث باللهجة المصرية ويقول «الصهاينة كلهم ماتوا»، «إحنا مسيطرين على المنطقة سيطرة كاملة كل الاحترام للجيش المصري» واعترفت «جولدا مائير» بالهزيمة النكراء قائلةً «لقد انتصر السادات علينا»، «السادات هو أول قائد عربي يهزم اليهود» وعندما أراد «شارون» التدخل وتدخل بالفعل في «الثغرة» تنبأت له جولدا مائير بأنه سوف يأخذ فرصته كاملة وسيكون رئيسًا لوزراء إسرائيل في يوم ما، وهذا ما حدث، لكنها استطردت وقالت له انتبه فأي منصب سياسي نهايته الفشل! 
ويستكشف الفيلم روايات جديدة، بالاعتماد على وثائق حكومية سرية للغاية من وقت الحرب تم رفع السرية عنها في العقد الماضي.

ويبدأ فيلم «جولدا» بلحظة الهزيمة في ٦٧ والإعلان عن قبول الدول العربية وقف إطلاق النار غير المشروط فيما تسميه إسرائيل بحرب الأيام السنة ويطلق عليه في كل من سورية والأردن «نكسة  حزيران»، حيث احتلت إسرائيل الجولان في تلك الحرب التي تسمى في مصر بنكسة عام ١٩٦٧. 

التي احتلت فيها إسرائيل شبه جزيرة سيناء وهجر مئات الفلسطينيين من بيوتهم.. وعندما كانت النيران تشتعل في الأراضي المقدسة كانت واشنطن تصفق وتهلل لولادة إسرائيل «وطن قومي لليهود في فلسطين»! وبالتالي كانت الولايات المتحدة هي اللاعب الرئيسي في تلك «الجريمة» منذ قديم الأزل ودعمها لليهود الداعمين للصهيونية  أكيد ولا ينتهي ولهذا كانت «الثغرة» فبعد معركة العبور استدعت «جولدامائير»  وزير الخارجية اليهودي الأمريكي «كيسنجر» لبيتها في تل أبيب وأعربت عن نواياها بالقتال حتى يعبر آخر جندي مصري القناة مرة أخرى «تقصد عائدًا لمصر» ونسيت أن سيناء هى جزء من مصر ولن نفرط فيه ولا في شبر من أراضينا المحررة بعد استردادها بالقوة، كما أخدت منا بالخسة وبالقوة.. وفي لقائها بكيسنجر ذكرته بأنه يهودي في المقام الأول قبل أن يكون أمريكيًا أو وزيرًا لخارجية أمريكا! وبالتالي عليه دعمها وعدم خذلانها، كما حدث في عام ١٩٤٨ ومن ثم ابتزته عاطفيًا بتلك الكلمات! وعلمنا من الفيلم الكثير عن نشأة وطفولة «جولدا مائير» وأنها «أوكرانية الأصل» تحمل في قلبها كراهية لا تنتهي للروس الذين كانوا- بحسب روايتها - يقتلون اليهود في شوارع أوكرانيا «الاتحاد السوفيتي» كنوع من التسلية والمرح والمزاح.. وما أقرب اليوم بالبارحة، فالرئيس الأوكراني الحالي «اليهودي الأصل» عمد على تدمير بلاده كرهًا وانتقامًا واستفزازًا لروسيا فهو أيضًا من الذين تربوا على كراهية وعداء الروس والسوفييت والتقرب من الغرب وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إزعاج روسيا والتنكيل بها. 

ورغم كل تلك الكراهية المتجذرة من اليهود الأوكران للروس واحتقار كل منجزاتهم حتى الأدبية منها «فقد سخرت جولدا مائير في الفيلم من «ديستوفسكي» قائلة لكيسنجر «هنالك معاناة في كل صفحة كتبها»! ونسيت أن الكيان الصهيوني هو سبب معاناة البشرية منذ وعد بلفور المشئوم وحتى الآن.. وعلى الرغم من ذلك العداء فالثقافة الروسية والسوفيتية متأصلة ومتجذرة لدى الأوكران! فقدمت «جولدا» الحساء الروسي الشهير «البورش» لكيسنجر في بيتها قائلة له «هذا الحساء مفيد للغاية» رغم أنها بدأت حديثها معه قائلةً إن الروس يجلبون البؤس للعالم!! وهو نوع من الإسقاط والإنكار النفسي للبؤس الحقيقي الذي أتت به الصهيونية للبشرية ورغم اعترافها بمساعدة «ستالين» لليهود في حرب عام ١٩٤٨!- وهى معلومة جديدة عرفناها من الفيلم- الذي أفصح عن الكثير من الحقائق والمعلومات الخاصة بتلك الشخصية التاريخية المؤثرة في تاريخ إسرائيل والعرب.. واتفق كيسنجر معها بشأن الروس مستثنيًا «تولوستوي» الذي لم يخف انبهاره به! 

وهكذا اعترف الخصوم بتفوق أعدائهم.. فالحقائق لا يمكن تزييفها وإن ادعوا أو صدروا عكس ذلك.. واستطاعت «جولدا» بقوة شخصيتها المعروفة الضغط على كيسنجر الذي أرسل لها طائرات الفانتوم ووضع 30 طيارًا من الأسطول السادس الأمريكي في وضع الاستعداد وشارك عدد منهم في المعارك فعليًا خاصة في ضرب مطار أبوحماد والقطامية وطنطا فتغيرت قوانين اللعبة بهذا التدخل الأمريكي.. ورغم تحذيرات «كيسنجر» من تطويق «جولدا»  للجيش الثالث الميداني وحتمية تحالف السوفيت مع الجيش المصري وهو تحالف قديم ومستمر حتى اليوم.. فبرغم سقوط الاتحاد السوفيتي والذي أعتبره نكبةً كنكبة فلسطين. 

مازالت العلاقات المصرية الروسية التاريخية جيدة وفي تحسن وعلى كافة الأصعدة والمستويات، وما أقرب اليوم بالبارحة والتاريخ لا ينسى ويكرر نفسه 

وبتدخل كيسنجر تم الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة ١٨ ساعة بعد ١٤ يومًا من تقدم وانتصار جيش مصر على إسرائيل حتى يوم ٢٢ أكتوبر وخلال تلك الهدنة حدثت المفاوضات بين اللواء الجمسي ونظيره الصهيوني ونظم الصهاينة صفوفهم وطلبت جولدا مائير من كيسنجر أن يبلغ الرئيس السادات بشروطها لفك التطويق والحصار وحرب التعطيش التي فرضها جيشها على الجيش الثالث الميداني المصري المقاوم الصامد.. وساومت جولدا مائير على أرواح ٣٠ الف جندي مصري أرادت تركهم يموتون عطشًا نظير عودة جميع الأسرى الصهاينة وجثث القتلى من مصر وأن يجري بريجينيف الاتصالات مع السادات لا مع حافظ الأسد والذي وصفته «جولدا» في الفيلم بأنه الأسوأ على الاطلاق! وكان شرطها الأساسي إجراء تلك  المفاوضات بشكل مباشر مع الرئيس السادات وأن يعترف بها كرئيس لوزراء إسرائيل لا الكيان الصهيوني!

وهكذا ساومت جولدا مائير الرئيس السادات-بطل الحرب المنتصر والقائد العربي الوحيد الذي استطاع هزيمة إسرائيل والانتصار عليها- على أرواح أبنائه من جنود الجيش المصري! فإما أن يموت ٣٠ ألف جندي مصري عطشًا أو أن يعترف السادات بإسرائيل!

وبالتالي كان قرار الرئيس السادات -الذي سبق عقله زمنه- أن يقبل بذلك الاعتراف الشكلاني نظير الحفاظ على أرواح أبناء الوطن وعدم الزج بهم للهلاك عطشًا..فجنودنا الذين راحوا في حرب اليمن وحرب ٦٧ كانوا درسًا تم استيعابه.. وليس من البطولة ولا النبل ولا الشهامة ولا المسئولية أن يضحي قائدًا بثلاثين ألف نفس من أجل عنجهيته وعظمته وأن يبدو بطلًا أمام الغير.. وقد نبه كيسنجر-كما جاء في الفيلم- جولدا مائير وحذرها من عواقب اعتراف السادات بإسرائيل والذي يعني عزله التام عن بقية الدول العربية ولربما فقدانه لشرعيته في الداخل وبالتالي كان الرئيس الراحل (أنور السادات» مجبرًا ولم يكن مخيرًا وتكبد ما تكبد حقنًا للدماء وحفاظًا على الأرواح ولم يخضع للمزايدات، بل كان حكيمًا رزينًا ورأى أنه من الكياسة ومن حسن الفطن أن يكون مرنًا وأن ينحني للريح والموج العالي ليصل لمبتغاه وليحافظ على الأرواح ويسترد أرضه بالحيلة والدهاء، فالمكتسبات التي ستحصل عليها مصر من هذا الاعتراف أكبر بكثير من الخسائر التي كان سيتكبدها في الأرواح والأراضي بتكرار نكسة وهزيمة ٦٧! فالقرار والحكمة هنا كانت تقتضي عليه أن يفعل ويختار ما اختاره بالفعل.. وباختياره هذا والذي كان مجبورًا عليه حقن الدماء وحافظ على الأرواح واسترد أرضه وحظي بتقدير الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن من قبل بعد أن حافظ لهن السادات على ما تبقى لهن من أحبة واستعاد أرضهم المسلوبة ومعها الأمان والسلام ووقف نزيف الدم .. وهكذا صار «السادات» بطلًا في انتصاره في الحرب الشريفة الشرسة وبطلًا في احلال السلام 

فالسلام ليس تطبيعًا والتطبيع ليس سلامًا.. مصر كانت اولى الدول التي وقعت معاهدة سلام مع اسرائيل منذ ٤٤ عاما ورغم ذلك تظل هي الدولة الوحيدة في المنطقة الان تقريبا -و معها بالطبع لبنان وسورية- التي لم تطبع مع إسرائيل ثقافيًا أو شعبيًا ولن تطبع.. وجل أماني الكيان الصهيونى لليوم هو التطبيع الشعبي والثقافي مع مصر والذي لن يتحقق لهم رغم الاله الدعائية الصهيونية وما يمارسه بفجاجة ( أفيخاي ادرعي ) الذي يعظنا عظة الشيطان للانسان فيمجد حجة الاسلام الشيخ (محمد ابن عبدالوهاب ) أبو الوهابية في الشرق الاوسط ويحذرنا من التبرك بالاضرحة وحب آل البيت ! 

و لا ننكر انبهار الإسرائيليين بشخصية الرئيس الراحل/ أنور السادات، إلى اليوم، لدرجة انهم أطلقوا اسمه على شارعين كبيرين في مدينتين هناك وهما حيفا ونتانيا..إضافة إلى أن اكبر معهد دراسات استراتيجية هناك هو معهد (بيجن -السادات) 

و  أثار الفيلم -المثير للجدل - حفيظة الجميع تقريبا بما في ذلك الجانب الاسرائيلي..فاليهود المتشددين لم يعجبهم الفيلم.. و  لم يعجب ايضا كارهي الرئيس السادات من المزايدين

أما بطلت الفيلم الممثلة الكبيرة ( هيلين ميرين ) الحائزة على جائزة الأوسكار فصرحت لبي بي سي إنه يجب الحفاظ على "توازن دقيق للغاية" في لعب دور شخصيات تنتمي لتراث ثقافي مختلف.
ولعبت ميرين (78 عاما) دور رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدامائير، في أحدث أفلامها، وهو الدور الذي أثار بعض الانتقادات لأن ( ميرين ) ليست يهودية ! 
وردت ( ميرين )على ذلك بإنها "تستطيع أن ترى" سبب عدم ارتياح البعض لقيامها بالدور.
ولكنها نوهت قائلة: في بعض الأحيان لا أستطيع أن أرى من هو اليهودي في هذه الغرفة ! فنحن جميعًا مزيج رائع ! 

وعندما تم إصدار المقطع الدعائي الأول لفيلم ( مايسترو )الذي أنتجته نتفليكس، وهو يتناول السيرة الذاتية للموسيقار وقائد الأوركسترا الشهير (لينونارد بيرنشتاين ) هذا العام تعرض الممثل (برادلي كوبر ) لانتقادات شديدة بسبب استخدام المكياج لتكبير أنفه، حتى تشبه الأنف المعقوف لليهود 
وتعرض (كوبر ) -وهو ايضًا ليس يهوديا- للانتقادات من بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي قائلين إن "ذلك يسهم في الإضافة إلى الصور النمطية المسيئة لليهود".
وفي العام الماضي، أعربت الممثلة (مورين ليبمان ) -وهي يهودية- عن تحفظها على اختيار (ميرين ) في الفيلم، وقالت ( إن يهودية الشخصية جزء لا يتجزأ من الفيلم ) !! 
وأضافت: أنا متأكدة من أنها رائعة، لكن لن يُسمح أبدًا (لبن كينغسلي ) بلعب دور نيلسون مانديلا. لا يمكنك حتى تصور ذلك" ! وكل ما سبق اكبر دلالة على تدخل بل توغل الايديولوجيات و  السياسة في الفن وتسييسه بل اخضاعه لفروقات العرق والدين وكل ما له علاقة بالتمييز العنصري والتصنيف وهذا معروف لدى الصهاينة منذ قديم الازل ومستمر معهم للان ! فالصهيونية ايديولوجية عنصرية تصنيفية قامت على فكرة الالتجاء والانتماء للعرق والدين قبل اي شيء 

وأضافت (ميرين ) إنها كانت على علم بالجدل الدائر حول شخصية ( جولدا ) و  حول معاملتها للفلسطينيين.. فقد سبق وصرحت جولدامائير وبمنتهى الفجاجة قائلةً ( لا يوجد شيء اسمه الفلسطينييين ) !! وحاولت ( ميرين ) أن تشرح موقفها تجاه تلك الشخصية قائلةً ( أنا لا أشرحها أو أبررها أو أعيد تقييمها. أنا فقط ألعب دور امرأة في ذلك العمر تتعامل مع هذا الموقف ) 
وأضافت أن صعود (جولدامائير )  إلى السلطة كان "لحظة مذهلة بالنسبة للنساء في عمر الشباب" وأنه حتى تلك اللحظة كان من غير المفهوم أن تقود امرأةً دولة ً ناهيك عن دولة معقدة ومهمة مثل إسرائيل 
و أثنى مخرج فيلم "جولدا ( جاي  ناتيف ) على أداء ( ميرين ) في الفيلم قائلا: أنها استلهمت قدرتها على لعب دور ( جولدا ) في الأيام المحورية لحرب أكتوبر من قوة غولدا الحقيقية في تلك الأيام الحرجة
وأنها لم تسر بخيلاء مرتدية رداء السلطة وكأنها تقول (أنا أدير دولة ) 
بل على العكس من ذلك ظلت كما كانت قبل أن تصبح رئيسةً للوزراء وكانت تلك لحظة مهمة للغاية في تاريخ المرأة.. تلك كانت تصريحات مخرج وممثلة العمل التي لم تخفي اعجابها بالشخصية القوية ! ولكن شتان ما بين القوة والبطش.. ما بين العنفوان والغلو وارتكاب الجرائم والابادة في حق الفلسطينيين بل وفي حق الجيش المصري الذي كان من الممكن لها أن تبيده وان تميته عطشًا وبدم بارد لولا حكمة السادات ودهائه وتقديره لتلك اللحظة الفارقة وانحيازه لابنائه وعدم التضحية بهم او التفريط في الارض فاكتسب اعجابهم من ناحية وحنق البعض عليه من ناحية اخرى.. وسيظل السادات شخصية محورية وجدلية كان لها انحيازاتها  كشخصية جولدامائير والتي كان لها ايضا قناعاتها وانحيازاتها والتاريخ هو الشاهد الوحيد عليهما وعلى الجميع.. فمن اعتدى وأباد واحترف الشر لن يتساوى ابدا مع من انتصر وحارب ودافع وهاجم  ثم حمى وجنح للسلم وتوكل وعند الله تجتمع الخصوم

اما عن مشاهد التدخين المتكررة في الفيلم.. والدخان الذي كان يخرج من فم (جولدا ) وله دلالته الرمزية.. كذلك صوت القداحة الحديدية او المعدنية و( الاشبه بالسلاح او آلة الحرب ) التي كانت تقدحها لتخرج منها النيران التي تشعل بها سجائرها وما في ذلك من دلالات على اشعالها لنيران الحرب ورغبتها في حرق كل شيء لتعلو سحب الدخان فتغطي على جرائمها وانتقامها

و كان للدخان ايضا دلالة اخرى تضاف لتلك الدلالات 

و هو نوع من التنفيس عن الغضب والتسرية على النفس والاحساس بالقوة والتفوق والانتصار 

فالتدخين كان وسيلة الترفيه وتفريغ شحنات الغضب وكان ذلك هو الترفيه الوحيد المتاح وقتذاك (وقت الحروب والتوتر والازمات)  وفي الجيش الإسرائيلي كان الترفيه -كما يصفه ويتحدث عنه الخبراء الاستراتيجيين - عبارة عن شيكولاته بالبندق وعلبة سجائر وعلبة عصير مشمش !