رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لقاء.. فى قاعدة فضاء

بالإعلان عن استعداد بلاده لإقامة علاقات مستقرة مع روسيا «على مدار المائة سنة المقبلة»، غادر كيم جونج أون، رئيس كوريا الشمالية، حفل الاستقبال الذى أقامه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بعد لقاء مغلق عقده الرئيسان فى قاعدة فوستوتشنى الفضائية، اتفقا خلاله، بحسب وكالة الأنباء الكورية الشمالية المركزية، على «تعزيز التعاون الاستراتيجى والتكتيكى فى مواجهة تهديدات الإمبرياليين واستفزازاتهم وطغيانهم».

توقيت القمة، أو اللقاء، كما أوضح الرئيس الروسى، يتزامن مع «مناسبات وطنية كبرى، من بينها مرور ٧٥ عامًا على تأسيس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وعلى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين»، وكذا «مرور ٧٠ عامًا على الانتصار فى حرب التحرير الكبرى»، فى إشارة إلى «الحرب الكورية» التى انتهت فى ٢٧ يوليو ١٩٥٣. ومع أن القمة انتهت دون إعلان مشترك، ركزت صحف بريطانية وأمريكية على «صفقة أسلحة محتملة» لدعم موقف موسكو فى أوكرانيا، مقابل تزويدها بيونج يانج بتكنولوجيا خاصة بالأقمار الصناعية، والغواصات النووية، متجاهلة حاجة كوريا الشمالية إلى الطاقة والغذاء، لتفادى تكرار المجاعة التى شهدتها فى تسعينيات القرن الماضى، وأودت بحياة حوالى ٥٠٠ ألف شخص.

بقطار خاص، وصل رئيس كوريا الشمالية إلى الشرق الأقصى الروسى، صباح الثلاثاء الماضى، فى أول زيارة خارجية له منذ أربع سنوات، ثم واصل رحلته شمالًا للقاء الرئيس بوتين فى قاعدة الفضاء. وحملت عبارات الرئيسين، خلال مأدبة العشاء التى تخللت اللقاء، إشارات مباشرة، أو ضمنية، إلى بعض ما تناولاه فى الشق المغلق. إذ قال «كيم» إنه ناقش مع «الرفيق بوتين» الوضع العسكرى والسياسى فى شبه الجزيرة الكورية وفى أوروبا، وتوصلا إلى توافق مُرضٍ بشأن مواصلة تعزيز التعاون «فى النضال من أجل حماية الحق السيادى فى الأمن، وخلق ضمانات السلام الدائم»، معربًا عن ثقته فى أن اللقاء «سيعمل على تحويل العلاقات الودية الروسية الكورية إلى علاقات تعاون استراتيجى غير قابلة للكسر». 

زعيم كوريا الشمالية أعرب، أيضًا، عن ثقته فى أن جيش روسيا وشعبها سوف يحققان انتصارًا كبيرًا فى «النضال المقدس لمعاقبة تجمع الشر، وحماية أمنها، وخلق بيئة مستقرة للتنمية». وقال: «سوف نكون دائمًا معًا فى الكفاح ضد الإمبريالية، ومن أجل بناء دول ذات سيادة». وفى المقابل، تحدث الرئيس الروسى عن الماضى المشترك الطويل فى مواجهة التدخلات الأجنبية، وأكد أن بلاده «سوف تساعد كوريا الشمالية فى بناء الأقمار الصناعية»، كما أشار إلى أن كيم «يبدى اهتمامًا كبيرًا بتكنولوجيا الصواريخ، ويحاول تطوير صناعات الفضاء»، لافتًا إلى أن هذا هو السبب الذى ذهبا من أجله إلى قاعدة «فوستوتشنى» الفضائية.

تأكيدًا لما أشاعته الصحف البريطانية والأمريكية، أو فى محاولة لاستغلاله، عبّر مسئولون أمريكيون وكوريون جنوبيون ويابانيون عن قلقهم من أن كوريا الشمالية قد تزود روسيا بالأسلحة والذخيرة. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة الرئيس جو بايدن «لن تتردد» فى فرض عقوبات إضافية على روسيا وكوريا الشمالية إذا أبرمتا أى صفقات أسلحة جديدة. وأشارت، فى بيانها الصادر أمس الأول، الأربعاء، إلى أنه من «المثير للقلق» أن تتحدث روسيا عن التعاون مع كوريا الشمالية فى برامج من المحتمل أن تمثل انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وعلى الخط، دخل يوكو كاميكاوا، وزير الخارجية اليابانى الجديد، وقال إنّ بلاده «تتابع بقلق» المحادثات بين موسكو وبيونج يانج، التى «من المحتمل» أن تؤدى إلى انتهاك العقوبات المفروضة من مجلس الأمن على كوريا الشمالية، والتى تمنعها من عقد أى صفقات متعلقة بالأسلحة.

.. وأخيرًا، بات متوقعًا أن تخوض روسيا معركة فى مجلس الأمن لصالح كوريا الشمالية، خاصة بعد أن قال وزير خارجيتها، سيرجى لافروف، فى حوار تليفزيونى، أمس الأول، الأربعاء، إن العقوبات المفروضة على بيونج يانج تم تبنيها «فى بيئة جيوسياسية مختلفة تمامًا عن الحالية»، وتأكيده أن بلاده أعدّت «مع الأصدقاء الصينيين» مشروع قرار يركز على حل القضايا الإنسانية، التى وصفها بأنها جدية للغاية.