رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية كل ميركاتو.. لماذا يتعثر الأهلى فى صفقة المهاجم؟

الأهلى
الأهلى

قبل أن يتمم الأهلى تعاقده مع المهاجم المنتظر، وبمجرد ظهور أى اسم من الأساس، تعلو الانتقادات حد السماء، وترتفع الأصوات المشككة، وتسيطر لغة الاتهام والطعن والأحكام المطلقة: «فشلة.. فسدة.. سماسرة»!

لا يستطيع أحد إنكار تأخر الأهلى، ككل مكونات منظومة كرة القدم المصرية، فى اكتشاف اللاعبين، حتى إن حاول مؤخرًا بناء فريق جديد، فإننا لا نستطيع الحكم على نتائج عمله الآن.

لكن ما نختلف حوله وأصبح تساؤل الساعة فى الأيام الأخيرة: هل فشلت بالفعل إدارة الأهلى فى جلب المهاجم المطلوب؟

أراد الجميع، مدربًا وجمهورًا وإدارة، ضم الكونغولى جاكسون موليكا، لاعب بشكتاش التركى، لكن أطماع ناديه المالية وقفت عائقًا، وكذلك فشلت عملية انتقال جوستافو سوزا للسبب ذاته. 

من الأمور المريبة أن يبقى مجلس إدارة الأهلى، طوال عامين أو أكثر، محصورًا بين خيارين لا ثالث لهما، وكأن العالم خلا من المهاجمين، أو أن هذين الاسمين خارقان ولا يملك غيرهما ما يملكانه من قدرات.

لكن بعيدًا عن هذه الزاوية، فإن مجلس الأهلى كان مُصيبًا فى عدم الانجراف وراء المطالب الجماهيرية، وعدم الخضوع لاستغلال الأندية التى طلبت أرقامًا مبالغًا فيها بشدة.. فمن غير المنطقى أن تكون تكلفة مهاجم يلعب فى الدورى المصرى قرابة ٢٠٠ مليون جنيه!

وبنظرة أوسع فى إفريقيا، فإنك لن تجد مهاجمًا، فى أى من الأندية التى تنافس الأهلى، يجعلك تخشاه أو تراه مناسبًا للعب مع نادى القرن.

واتساقًا مع الواقع والمنطق، فإن إدارة الأهلى من حقها أن تضع سقفًا للمهاجم الجديد بما يناسب ميزانية النادى وأوضاعه المالية، مثلما تفعل كبرى أندية العالم، فهى التى ستُحاسب أمام القانون والجمعية العمومية.

فريق يفوز بكل الألقاب المحلية والقارية ليس بحاجة إلى مهاجم بإمكانات كبار الأندية الأوروبية، تستطيع فعل ذلك فى مراحل مبكرة، ومع لاعبين شبان بأسعار تناسب إمكاناتك والسوق التى تتنافس فيها.

إن اتهامات البخل ليست فى محلها بالمرة، فإدارة مانشستر سيتى الثرية انسحبت مرات عديدة من صفقات لأن الأندية طلبت أكثر من تقديراتها المبنية على دراسة تناسب ميزانيتها، فعلى سبيل المثال تركت صفقة ديكلان رايس هذا الصيف، لأن ناديه زايد فى سعره، وقبله ماجواير وأليكسيس سانشيز، وغيرهم الكثير.

صحيح انضم الكرواتى جفارديول برقم كبير، لكن التقديرات تقول إنه جدير بهذا الرقم، ولا يستطيع أحد التشكيك فى ذلك، فاللاعب يمتلك مقومات استثنائية لقلب دفاع وظهير بقدرات بدنية وفنية تؤهله ليكون الأفضل فى العالم خلال وقت قصير جدًا، ومع حداثة سنه يمكن الاستثمار فى إعادة بيعه مستقبلًا برقم مضاعف، أو العطاء مع النادى لـ١٠ سنوات على الأقل، وفى نهاية الأمر «السيتى» ينافس تشيلسى وأرسنال ويونايتد وليفربول، التى تعرض أرقامًا مماثلة وأكبر فى «الميركاتو» الأخير على وجه التحديد.

يُحسب لإدارة الأهلى أنها لم تنسق وراء المطالب الجماهيرية ولم تخش اتهامات البخل، لأن دفع ٥ أو ٦ ملايين دولار فى لاعب مثل «موليكا» أمر جنونى، يجب على الجمهور التصدى له، لا دعمه والمناداة به، فماذا سيعطى اللاعب للأهلى مقابل ٢٠٠ مليون جنيه سيدفعها النادى، غير راتب ٥ سنوات قد يصل لنفس الرقم؟!

ما الشىء الذى سيحققه «موليكا» للأهلى ويستدعى أن يكلف النادى قرابة ٤٠٠ مليون جنيه خلال رحلته؟ هل سيفوز بدورى الأبطال والدورى والكأس والسوبر المصرى والإفريقى؟.. لقد فعل الأهلى كل ذلك بدون مهاجم بشكتاش.

إن الأزمة الحقيقية فى ملف المهاجم هى ارتفاع سقف الطموحات، ما يتعارض مع الواقع، فالأهلى الذى فاز بكل شىء الموسم الماضى، كان لديه «كهربا» وبيرسى تاو ومحمد شريف، وثلاثتهم أفضل من مهاجم أى فرق ينافس الأهلى فى مصر أو داخل قارة إفريقيا حاليًا.

وإن كانت إدارة الأهلى فاشلة فى جلب مهاجم بمواصفات دوريات أوروبية، فإن كل أندية مصر وإفريقيا غارقة فى الفشل!

كل ما فى الأمر أن المدرب يحتاج لمواصفات ما فى مهاجم جديد، يحتاج لقوة بدنية، وإجادة الكرات الهوائية، ولسوء الحظ فى هذا التوقيت الخيارات محدودة، سواء نتيجة قلة المواهب داخل القارة عكس الماضى، أو بسبب قصور فى العمل الكشفى، لكن ذلك يحدث فى كل مكان فى العالم، حيث يمكن لنادٍ أن يفشل فى إيجاد مهاجم أو أى مركز آخر يناسب خطط مدربه لموسم أو اثنين.

كنا نلوم إدارات الأهلى قديمًا ونعيب عليها قصورها مقارنة بأندية شمال إفريقيا، لكن هل يستطيع أحد أن يشير إلى مهاجم جيد فى أى من أندية شمال إفريقيا الآن؟!

هى ظاهر عامة، اللاعبون الشُبان يهاجرون إلى أوروبا مبكرًا، والأكاديميات الغربية أغرقت إفريقيا، ولا تترك موهبة تصل إلى الـ١٠ فى القارة، فإن أراد الأهلى الحل فهو ليس عاجلًا.

الحل، وكما أشرنا من البداية، متعلق بالجانب العلمى فى كرة القدم، والعمل الكشفى، وهذا يتطلب تواجدًا أكبر للأهلى داخل القارة، وكذلك زيادة الاهتمام بقطاع الناشئين.