رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رويترز.. وديون مصر!

مشكلات الديون، التى تواجهها غالبية الدول النامية، وتداعياتها، ستكون على قائمة أولويات قمة العشرين المقبلة. ولأسباب لا نعرفها، توقفت وكالة «رويترز» عند عشر دول فقط، قالت إنها تواجه صعوبات حاليًا: تونس، مصر، لبنان، زامبيا، سريلانكا، غانا، باكستان، السلفادور، كينيا، وأوكرانيا. والأخيرة، قامت بتجميد مدفوعات ديونها، منذ بداية أزمتها، وقيل إنها قد تقرر فى أوائل العام المقبل ما إذا كانت ستسعى إلى تمديد هذا التجميد، أو ستبدأ النظر فى بدائل أخرى أكثر تعقيدًا!

السبت والأحد المقبلان، التاسع والعاشر من سبتمبر الجارى، تستضيف العاصمة الهندية نيودلهى القمة الثامنة عشرة لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين، التى ستكون أزمة الديون على رأس أولوياتها، فعلًا، وكان أخيم شتاينر،Achim Steiner، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، قد طالب، خلال مشاركته اجتماع وزراء المالية ومحافظى البنوك المركزية فى دول المجموعة، أواخر فبراير الماضى، بإعادة هيكلة الديون وتخفيضها بنسبة ٣٠٪ عن ٥٢ دولة، قال إنها على وشك مواجهة أزمات كبيرة. وكانت مجموعة العشرين قد توصلت سنة ٢٠٢٠، إلى «إطار مشترك»، لتسريع وتبسيط عملية استعادة البلدان المدينة، وتيرة نموها، لكن الخلافات بين الدول الغنية والصين على عملية إعادة هيكلة الديون حال دون إيجاد حل لها.

كانت أزمة الديون، أيضًا، على قائمة أولويات قمة «من أجل ميثاق مالى دولى جديد»، التى استضافتها العاصمة الفرنسية باريس، فى يونيو الماضى، وستكون، طبعًا، الشغل الشاغل لـ«تحالف الديون من أجل التنمية المستدامة»، المقرر إطلاقه، رسميًا، خلال الشهر الجارى. وفى تقريره السنوى حول الديون، الصادر أواخر ديسمبر الماضى، قال «البنك الدولى» إن ديون الدول النامية زادت بأكثر من الضعف، خلال العقد الماضى، وحذر من تزايد مخاطر وقوع هذه الدول فى أزمات، إذا لم يتم اتخاذ خطوات جادة لمساعدتها، لافتًا إلى أن نحو ٦٠٪ من الدول النامية، توشك على مواجهة أزمة ديون، أو باتت تواجهها فعلًا. 

المهم، هو أن تقرير «رويترز»، الذى توقف عند عشر دول فقط، من تلك الدول، قال إن مصر التى وصفها بأنها «إحدى الدول الكبرى» و«أكبر اقتصاد فى شمال إفريقيا»، لديها نحو ١٠٠ مليار دولار من الديون بالعملة الصعبة، يتعين سدادها على مدى السنوات الخمس المقبلة، منها سندات بقيمة ٣.٣ مليار دولار العام المقبل و... و... وتوقف التقرير عند الاتفاق مع «صندوق النقد الدولى» الذى تبلغ قيمته ثلاثة مليارات دولار، وقال إن الحكومة المصرية حادت عن خطة الصندوق بإبقائها على أسعار الكهرباء المدعومة دون تغيير حتى يناير المقبل، و... و... ولعلك لاحظت أن القائمة، التى بدأت بتونس وانتهت بأوكرانيا، احتلت فيها مصر المركز الثانى، قبل أربع دول تخلفت عن سداد ديونها، ثم باكستان التى بلغ احتياطيها ٧.٨ مليار دولار فى أواخر أغسطس، بينما تحتاج ما يزيد على ٢٢ مليار دولار، خلال العام المقبل، لخدمة الدين الخارجى!

بعيدًا عن تقرير «رويترز» أو بالقرب منه، أكد ناريندرا مودى، رئيس الوزراء الهندى، الذى تترأس بلاده الدورة الحالية لمجموعة العشرين، وتستضيف قمتها المقبلة، أن السياسات المالية «غير المسئولة» والإجراءات الشعبوية، ربما تؤدى إلى نتائج سياسية على المدى القصير، لكنها ستؤدى أيضًا إلى دفع «ثمن اجتماعى واقتصادى كبير» على المدى الطويل. وخلال رده على سؤال بشأن أزمة الديون العالمية، قال «مودى» لوكالة أنباء «برس تراست أوف إنديا»، إنها «مسألة تثير قلقًا كبيرًا، خاصة للدول النامية»، لافتًا إلى أن الدول التى تواجه أزمة ديون، أو مرت بها، بدأت تعطى أهمية أكبر للانضباط المالى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن صندوق النقد الدولى قال إن أوكرانيا، التى احتلت المركز الأخير فى تقرير «رويترز»، تحتاج إلى ثلاثة أو أربعة مليارات دولار شهريًا لمواصلة تسيير شئونها، كما نقل تقرير الوكالة عن «المؤسسات الكبرى» أن تكلفة إعادة إعمارها أو بنائها، بعد الأزمة ستبلغ تريليون يورو على الأقل!