رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نوبل.. ضد قوانين الدول!

حاصلون على «جائزة نوبل»، من بينهم الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، طالبوا حكومة بنجلاديش، فى رسالة مفتوحة، بوقف «المضايقات القضائية المستمرة» للأستاذ محمد يونس، الحاصل على جائزة نوبل للسلام، الذى وصفوه بأنه «خبير الاقتصاد الذى طور مفهوم القروض متناهية الصغر». والطلب، أو المعنى، نفسه تضمّنه بيان، صدر فى مارس الماضى، يحمل توقيعات شخصيات دولية، من بينهم بان كى مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، والملياردير البريطانى ريتشارد برانسون، مؤسس مجموعة فيرجن!

فى الرسالة المفتوحة يطالب الحاصلون على نوبل، كمَن سبقوهم، أو دفعوهم، بتعليق كل الإجراءات القانونية ضد «يونس»، وتمكينه من مواصلة «عمله الرائد دون اضطهاد أو مضايقة»، مع أن الرجل متهم بالتهرب من الضرائب، واختلاس أموال، وانتهاك قوانين العمل، و... و... وغيرها من الاتهامات، التى يصعب أن تكون «مدبرة سياسيًا»، كما قالوا، ولا يمكن أن يرى عاقل، أو نصف عاقل، أنها «تهدّد الديمقراطية فى البلاد»، كما زعموا، أو «تشكّك فى مصداقية الانتخابات التشريعية»، المقرر إجراؤها فى يناير المقبل!.

الأسبوع الماضى، مثلًا، أقام موظفون سابقون فى شركة «جرامين تيليكوم»، التى أسسها «يونس»، دعوى قضائية يتهمونه فيها بانتهاك قوانين العمل، ومنعهم من الحصول على حقوقهم أو امتيازاتهم الوظيفية. وفى ٢٣ يوليو الماضى، أيدت المحكمة العليا فى بنجلاديش حكمًا سابقًا يلزمه بسداد ضرائب قيمتها ١٥٠ مليون تاكا، تعادل حوالى ١.٤ مليون دولار، وهناك اتهامات عديدة للشركات، التى أسسها أو يرأسها، تتولى التحقيق فيها «لجنة مكافحة الفساد فى بنجلاديش»، إضافة إلى اتهامه و١٣ آخرين باختلاس أموال.

المولود فى ٢٨ يونيو ١٩٤٠ بإحدى قرى مقاطعة البنغال الشرقية، التى أصبحت بنجلاديش، لاحقًا، درس الاقتصاد فى جامعة دكا، ثم حصل على منحة فولبرايت لدراسة الاقتصاد فى جامعة فاندربيلت الأمريكية، التى حصل منها على درجة الدكتوراه فى الاقتصاد، سنة ١٩٦٩، وفى السنة التالية عمل مدرسًا للاقتصاد فى جامعة ولاية تينيسى الوسطى الأمريكية. وبعد عودته إلى بنجلاديش عمل أستاذًا، ثم رئيسًا لقسم الاقتصاد فى جامعة شيتاجونج، جنوبى البلاد. وسنة ١٩٨٣ أسس «بنك جرامين»، Grameen Bank، بنك القرية، أو بنك الفقراء، الذى قدم قروضًا صغيرة طويلة الأجل، لمساعدة الفقراء على بدء مشاريعهم الصغيرة. 

مناصفة، حصل البنك ويونس، سنة ٢٠٠٦، على جائزة نوبل للسلام، عن «جهودهما فى توفير التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأدنى طبقات المجتمع»، وجرى تصدير نموذج «بنك جرامين» لدول أخرى، أو عبر توسع البنك نفسه، أو تمدده، خارج حدود بنجلاديش. وسنة ٢٠٠٠، ذكرت هيلارى كلينتون أن يونس ساعد العائلة، عائلة كلينتون، فى تقديم برامج القروض الصغيرة للمجتمعات الأكثر فقرًا فى ولاية أركنساس!.

مع ذلك، ذكر تقرير نشرته جريدة «وول ستريت جورنال»، فى ٢٧ نوفمبر ٢٠٠١، أن أداء بنك جرامين «لا يرقى إلى مستوى الضجيج» المثار حوله، واتهم البنك بـ«إخفاء القروض المتعثرة»، ونقل عن «دراسات حديثة» أن ربع أموال القروض تستخدم للاستهلاك المنزلى، مؤكدًا أن معدل استرداد تلك القروض يتراجع. كما أشار إلى أن البنك، الذى لا يخضع لأى إشراف رسمى، هو جزء من «مجموعة جرامين»، التى تضم أكثر من ٣٠ شركة، بعضها يعمل من أجل الربح. وما قد يستوقفك هو أن الجريدة الأمريكية أرسلت دانيال بيرل، Daniel Pearl، كاتب هذا التقرير، فى أول يناير التالى، إلى باكستان، حيث اختطفه تنظيم القاعدة، ثم عثرت السلطات على جسده، فى مايو ٢٠٠٢، مُقطَّعًا داخل مدفن بإحدى ضواحى كراتشى!.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الشيخة حسينة واجد، رئيسة وزراء بنجلاديش، كانت قد اتهمت الأستاذ محمد يونس بأنه «يمص دماء الفقراء»، بفرضه أسعار فائدة عالية، واستخدامه القوة لاسترداد القروض من النساء الريفيات الفقيرات، ثم اتهمته، مجددًا، بأنه «يتسول» البيانات الدولية الداعمة له، والتى ردّت عليها بأن أعلنت عن ترحيبها بأى خبراء أو محامين دوليين، لتقييم الإجراءات القانونية وفحص الوثائق المتعلقة بالاتهامات، التى تلاحقه، مؤكدة أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستكون حرة ونزيهة.