رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا وقت للدموع

إذا وددنا حقًا الحديث عن الترفيه.. فقد كان صيف ٢٠٢٣ مليئًا به.. وكانت النسمات العذبة واللحظات الساحرة تتوج لحظات الترفيه الذي كان يصاحبه دومًا محتوى يتجاوز فكرة الترفيه المجردة أو إقامة حفل هنا أو هناك.. كان النشاط والمحتوى الصيفي سواء ما قدم في مدينة (العلمين الجديدة) أو في (القاهرة) في دار الأوبرا المصرية أو مهرجان القلعة متنوعًا وغير إقصائي شمل الجميع واشتمل على مختلف أنواع النشاطات من طرب وموسيقى وغناء ورياضة ومسابقات.. وكان محتوى يليق بمصر ماضيها وحاضرها ومستقبلها.. واستطاعت الشركة (المتحدة) للخدمات الإعلامية لم شمل الجميع واستيعاب الجميع من مختلف الأطياف والأعمار ولم تقص أحدًا لتلبي جميع الأذواق.
فمن أراد طربًا وجد، ومن أراد مرحًا وجد، ومن أحب رياضات مائية أو مسابقات وجد، ومن أراد لقاء من يراهم فقط عبر السوشيال ميديا وجدهم أمامه، وجاءوا إليه، وأحضرتهم (المتحدة) لمدينة (العلمين الجديدة) لتصبح (المتحدة) حلقة الوصل بين مصر والعالم، وتصل بمصر للعالمية، لنستعيد تاريخًا وأمجادًا لم تنس، ولا بد من استكمالها، فالشركة (المتحدة) تعي جيدًا قدرة القوى الناعمة المصرية وتأثير مصر الثقافي والفني والحضاري على المنطقة بأسرها.. وكان لا بد من التأكيد على تلك الجاهزية والريادة التي يعتقد البعض أنها سحبت من تحت أقدام الأمة المصرية، فكان صيف مصر الساخن بردًا وسلامًا بنسماته العذبة في مدينة (العلمين الجديدة) بطقسها الرائع، وعبقرية المكان، والموقع الجغرافي الذي يجعل من المدينة ملاذًا للجميع من الحر القائظ، ويصل بالمدينة للعالمية.. لقد أبهرت المدينة، وأبهرت مصر كل من أتى لأرضها، خلال هذا الصيف، أو تابع عن كثب ما دار طوال شهر كامل.
ولم يقتصر الأمر على حفل أو مجموعة حفلات، بل كان للشركة (المتحدة ) استراتيجية ثقافية وفنية وضعت مصر في الصدارة، وأوصلت الفن المصري لجميع الأقطار، واحتضنت كذلك الفن العربي، واستضافت كل من لديه إبداع أو محتوى.. فحضر لمصر في مهرجان (العالم علمين) نجومًا من الشرق الأوسط والعالم.. نجومًا أتوا لمدينة ولدت كبيرة، وستظل هكذا، وستضيف لرصيد مصر السياحي والفني الكثير.. فمصر حاضرة طوال تاريخها على خارطة السياحة العالمية، وها هي مدينة جديدة تضاف لعقد الياسمين، لتكون في صيف ٢٠٢٣ هي درة التاج الذي يزين جبين الأمة المصرية، بمدنها وتراثها وثرائها وتنوعها الجغرافي والثقافي والسياحي، من الإسكندرية لأسوان.. ولم تعاد مصر أحدًا وإن عاداها البعض.. فمصر أكبر من أن تنزلق أو تجر لصغائر الأمور، أو تدخل في صراع مجاني.. مصر دومًا تستوعب وتحتضن وتقرب ولا تباعد ولا تنكر منجزات الآخرين.
فالبهجة كانت عنوانًا كبيرًا للمشهد في القاهرة وفي مدينة العلمين التي حضر إليها شيوخ وأمراء وفنانون، من كل حدب وصوب، لتصبح مدينة العلمين هي ريفيرا الشرق بطقسها الذي لا مثيل له والذي هرب إليه من يعانون من حرارة الجو طوال العام. 
ففي مثل تلك الأيام الحارة التي لا تطاق ولا تحتمل في بلاد الغير، كانت نسمات بحورنا ونيلنا وزرعها ملاذًا لمن أتى لمصر، ليستنشق النسمات هنا، لأنه لا يستطيع التنفس في بلاده، فجاء إلينا ليتنفس وليرفه عن نفسه إن أراد ذلك، ويقضي وقتًا قيمًا لن يستطيع نسيانه بسهولة، وسيتوق له ولتكراره وللعيش بجانبه إن استطاع. 
وساعدت تلك الأجواء المواتية على خلق حالة من الألق الحقيقية التي تتجاوز فكرة الترفيه بما فيها من مباشرة.. فالترفيه لم يكن هدفًا في ذاته. 

النجاح وتحقيق قيمة وأثر يدوم كان هو المراد الذي تحقق، فعندما تريد مصر فهي تقدر وتستطيع، وقد أسهمت الشركة (المتحدة) للخدمات الإعلامية ومنذ سنين في صناعة المحتوى الذي يصل لجماهيره المستهدفه.. وأسهمت القوات المسلحة والشئون المعنوية منذ عام ٢٠١٩ في إنتاج فيلم حربي هو فيلم (الممر) بمواصفات عالمية وقدمت الأسلحة والمعدات، وكل ما يلزم لتوثيق بطولات الجيش والشعب، ولنرسل برسائل للعدو ولشبابنا الذي لم يعايش تلك الأيام بأمجادها وتضحياتها لنحميه من الآلة الدعائية الصهيونية المعروف عنها التزييف والبروباجندا الكاذبة، والسطو على تراث ومقدرات وحقوق الغير، وكذلك حشد الجماهير عبر الشاشات، ومنحهم جرعة مكثفة تذكر الأجيال التي عاصرت الانتصارات والمحن بنوستالجيا الملاحم الوطنية، ولحظات الضعف التي أعقبها النصر.. كذلك كان فيلم (كيرة والجن) الذي فعل ذات الشيء ووجه رسائل هذه المرة للمحتل القديم، وقدم شهادات حية للمقاومة الشعبية الباسلة التي كانت المرأة أيضا جزءًا منها. 
مرورًا بأعمال درامية تحكي أيضًا عن بطولات الجيش والشرطة، بل وتحكي وتوثق تاريخًا حاول البعض تزييفه لغسل أدمغة الشباب والبسطاء الذين غيبتهم قوى الشر والظلام، فجاءت التسريبات لتفضح كل شيء بالصوت والصورة.. وبعد أن نجحنا في مجال السينما والدراما جاء مهرجان (العالم علمين- بنجوم وشباب أتيحت لهم فرص وحضور لائق لم يكن متاحًا لهم من قبل دون إقصاء أو تهميش.. فكبار النجوم وفنانو الصف الأول وقفوا على ذات الخشبة التي وقفت عليها فرق شبابية مثل (كايرو كي) و(مسار إجباري) ووقف يوتيوبرز عالميين إلى جانب مطربينا، وأتيحت فرص لشبابنا لتقديم فن الـ(stand up comedy) فظهر الشاب الموهوب (علي قنديل) على ذات المسرح الذي وقف عليه نجوم كبار وعالميون، وكأن العالم وبالفعل صار (عالمين)، ثم أقيم مهرجان القاهرة للدراما في نسخة عام ٢٠٢٣ تحت عنوان (٦٠ سنة دراما) وكُرم صناع الدراما ومن قدموا فنًا ودراما راقية وهادفة ومؤثرة طوال سنوات.. وحضر نجوم مصر لمدينة (العلمين)، ولم يتأخروا عن الحدث الأنيق الذي أقيم على أرضهم، ولم يهرولوا لأراضي الغير للمشاركة في حفل أقيم وجعل خصيصًا ليكون تجمعًا وحفلًا للبكاء الجماعي!