رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نحن بخير ... الحمد لله

 اعتدت منذ فترة تتبع محطات الإذاعة العربية التي يلتقطها جهاز الراديو الخاص بي لأغراض مهنية ولأجل المتعة الشخصية. وبين ما سمعت كانت هناك إذاعة عربية تبث موضوعًا حول القراءة ومعدلاتها في ذلك البلد الشقيق، فإذا بالمذيعة والضيفة تنبريان للثناء على معدلات القراءة والثقافة العالية والوعي الشديد للمواطن المصري. وهنا تذكرت كمية نقد الذات- إذ نرى تدنيًا شديدًا في معدلات الإقبال على القراءة أو اقتناء الكتب- تبدو واضحة عبر مواقع السوشيال ميديا من خلال بوستات وتعليقات تعكس نوعًا من عدم الثقة في ثقافة شبابنا وكذلك الشيوخ.
   تلك مسألة واحدة وهناك غيرها عشرات بل مئات الأمور التي أصبحت تطلق فيها أحكام ويتم التعامل معها كمسلّمات دون أن نتبين واقعها الحقيقي من خلال أرقام أو إحصاءات أو بيانات رسمية لجهات مسئولة. ليس هدفي من هذا المقال أن أنصب محكمة للسوشيال ميديا، ولا حتى أن أتهم الناس بالجهل حين يخوضون فيما لا يعلمون على سبيل التسلية في جلساتهم الخاصة أو في منتدياتهم أو وسائل المواصلات العامة. إنما هدفي أن أطرح السؤال: لماذا نجلد ذواتنا ونتلذذ في إبراز السلبيات غير عابئين بما أنجزنا ومتجاهلين ما وصلنا إليه بجهد المخلصين وعطاء النابهين؟
    لا أحد يمكنه أن يدّعي أننا كوطن ومجتمع قد وصلنا لأقصى الطموح الذي يتمناه المواطن ولا حتى ما تستهدفه الدولة وقياداتها، لكن كثرة الشكوى وتكرار طرح السلبيات يخلقان نوعا من الإحساس العام بعدم الرضا، وهو أقصى ما تتمناه القوى المعادية. و بناء عليه، فإنه يتوجب على جهات كثيرة أن تخلق الشعور العام بالسعادة الشخصية للأفراد وكذلك الرضا المجتمعي.
   طموحات مواطنينا بسيطة يا سادة ويمكن تلبيتها ببذل بعض الجهد المقترن بمزيد من التخطيط. ورأيي أن الجهات المنوط بها خلق حالة الرضا العام لدى المواطنين تتنوع بين جهات رسمية كالوزارات ومتحدثيها الرسميين، ووسائل الإعلام بوعيها المفترض ودراستها الجمهور المستهدف، وهناك عبء على مؤسسات التعليم الاطلاع به بكفاءة ووعي، فضلًا على الجهد المفترض بذله من وزارة الثقافة ومؤسساتها بتحقيق منتج ثقافي متاح لكل المواطنين في كل المحافظات وبالمجان أو برسوم رمزية.
أتذكر كلمات خالدة للشاعر محمود درويش تقول: 
أنا بخير
أنا بخير
مازال في عيني بصر! 
مازال في السما قمر! 
وثوبي العتيق، حتى الآن، ما اندثر
تمزقت أطرافهُ
لكنني رتقتهُ... ولم يزل بخير.
نحن بخير على جميع الأوجه فمازال عندنا وطن اسمه مصر، ومازلنا نمتلك الأمل بغد أفضل، و مازال عندنا ما نحلم بتحقيقه، ومازال عندنا من يتمنى لنا الخير .. فأي خير وأي نعمة وأي بركة بها نحيا وبوجودها نعيش.
 أقترح على كل المؤسسات التي تتعامل مع المواطنين أو المنوط بها تقديم خدمات لهم أن تعد استبيانًا بسيطًا في نقاط صغيرة يطلب من المواطن ملأه قبيل مغادرته المؤسسة العامة أو الديوان الحكومي لقياس مدى رضا المواطن على الخدمة المقدمة في هذه المؤسسة الخدمية أو تلك، و  أن تكون تلك الاستبيانات محل نظر المسئول الأعلى في تلك المؤسسة لقياس مستوى الأداء وتصويب الأخطاء وإبعاد الموظف العام الذي يسيء التعامل مع المواطنين. وساعتئذ، سيحدث تحسن كبير في مستوى الأداء ويشعر المواطنون بشيء من الرضا.