رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انطلاق قمة «بريكس» فى جوهانسبرج.. وتوسع المجموعة و«إنهاء زمن الدولار» أولوية

 بريكس
بريكس

انطلقت اجتماعات النسخة الخامسة عشرة لقمة مجموعة دول «بريكس» فى جنوب إفريقيا، وسط ترقب دولى كبير ، فى ظل توقعات بأن تحدد هذه النسخة مستقبل الكتلة التى تضم الاقتصادات الناشئة الكبرى.

وتناقش القمة المنعقدة فى مدينة جوهانسبرج، عاصمة جنوب إفريقيا، سبل ترسيخ دور المجموعة فى النظام الاقتصادى العالمى، وتوسيع قاعدة الدول المنضمة إليها، فى إطار سعيها لتحقيق هدفها المتعلق بمواجهة الهيمنة الغربية غير العادلة على النظام العالمى.

وتضم مجموعة «بريكس» أو «BRICS» كلًا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، التى تشكل اقتصاداتها مجتمعة أكثر من ٢٦٪ من الاقتصاد العالمى، فيما يشكل عدد سكانها ٤٠٪ من سكان العالم.

22 دولة تطلب الانضمام إلى التكتل على رأسها مصر والسعودية والإمارات 

سلطت شبكة «سى إن إن» الضوء على قمة «بريكس»، مشيرة إلى أن هذا التكتل أصبح أكثر بروزًا على الساحة العالمية بشكل أكبر من أى وقت مضى، ورغم مواجهته تحديات، مثل الخلاف الحدودى بين الهند والصين، والعلاقة الوثيقة بين الهند والولايات المتحدة، يبدو أن هذه التحديات هى مجرد أمور هامشية لا تؤثر على قوته الاقتصادية.

وأضافت الشبكة الأمريكية أنه من المتوقع أن تتصدر مناقشات إضافة أعضاء جدد جدول أعمال القمة، التى تستمر حتى غدٍ، مبينة أن التكتل تلقى عروضًا مما يزيد على ٢٠ دولة للانضمام إليه، تتضمن اقتصادات ناشئة قوية، من بينها مصر والإمارات والسعودية.

وبينما يجتمع قادة «بريكس» لأول مرة منذ وباء «كورونا»، ويحضر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الاجتماع بشكل افتراضى، أعرب رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، الأحد الماضى، عن دعمه توسيع مجموعة «بريكس»، بحيث تضم «مجموعة متنوعة من الدول التى تشترك فى رغبة الحصول على نظام عالمى أكثر توازنًا».

ورأى بهاسو ندزندزى، خبير السياسة والعلاقات الدولية فى جامعة جوهانسبرج، أن التوسع يُعدّ أول اختبار لمجموعة «بريكس»، خلال ما يقرب من عقد ونصف العقد من وجودها، معتبرًا أن إضافة أعضاء جدد من شأنه أن يوسع الوجود العالمى للمجموعة، ويزيد من تأييد أجندتها لمواجهة الهيمنة الغربية.

وبينت «سى إن إن» أن «بريكس» عقدت قمتها الأولى عام ٢٠٠٩، بمشاركة ٤ دول فقط، هى روسيا والصين والهند والبرازيل، ثم أضيفت إليها جنوب إفريقيا فى العام التالى، وصولًا إلى إطلاقها بنك التنمية الجديد عام ٢٠١٥.

وأعربت ٢٢ دولة عن رغبتها فى الانضمام إلى «بريكس»، فى حين قدم العديد منها «استفسارات غير رسمية» عن الانضمام، وفق ما صرّح به ممثل جنوب إفريقيا لدى «بريكس»، أنيل سوكلال، خلال الشهر الماضى. وتضم قائمة الدول التى تقدمت بطلبات رسمية حتى الآن: مصر والسعودية والإمارات والأرجنتين والمكسيك وإيران ونيجيريا وبنجلاديش.

وأرجع ميهيلا بابا، زميل أول فى مشروع «تحالفات القوى الصاعدة» بجامعة «تافتس» الأمريكية، رغبة هذه البلدان فى الانضمام إلى «بريكس» لعدة أسباب، من بينها اهتمامها بمبادرات اقتصادية محددة مثل التحول إلى العملات المحلية، إلى جانب «تحدى الولايات المتحدة».

ورجحت «سى إن إن» أن يكون لإضافة أعضاء جدد بعض التأثيرات الإيجابية، على الأقل بالنسبة لأقوى أعضاء المجموعة، وهى الصين، التى يحاول رئيسها وضع بلاده كقائد لمحاولات إصلاح النظام الذى تقوده الولايات المتحدة، ويرى أنه يعمل على تقييد قدرات بلاده.

وأضافت: «كما أن الاهتمام الواسع النطاق من جانب البلدان بالانضمام إلى مجموعة (بريكس) يُشكل أيضًا دفعة قوية للرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، وإشارة إلى اتساع الفجوة بين أولويات تلك الدول التى تصطف فى المجموعة، والدول الغربية الغنية التى اتحدت لدعم أوكرانيا ضد روسيا».

ورأى مانوج كيوالرامانى، المحلل السياسى فى مركز أبحاث معهد «تاكشاشيل»، أن «هناك الكثير من الإحباط فى الغرب من توسع (بريكس)».

وقال روبنز دوارتى، منسق مركز أبحاث «لابموندو» المتخصص فى العلاقات الدولية، ومقره البرازيل: «يمكن أن تكون البرازيل وجنوب إفريقيا منفتحتين على التوسع المحتمل، لكنهما ستكونان أكثر حذرًا فى الترحيب بالدول المناهضة للولايات المتحدة».

بنك التنمية يحفز الصادرات المصرية من مشروعات التكنولوجيا

ذكر موقع «سيلك رود بريفنج» الآسيوى، أن تكتل «بريكس» يعمل على تكوين احتياطيات لحل مشاكل السيولة، والتعامل بشكل أفضل مع الأزمات العالمية من خلال اقتصاد الدول الأعضاء.

وأشار إلى تشكيل استراتيجية اقتصادية جديدة متعددة الأقطاب، وهو بمثابة مساعدة للاقتصاد المصرى، مضيفًا أن اهتمام «بريكس» بتطوير طرق تجارية ومالية بديلة، وتعزيز الانتعاش الاقتصادى، وتنويع الاقتصاد وتقليل التكاليف وتطوير التجارة الإلكترونية، وتكامل السوق والتعاون مع الدول الأخرى، جعلته أكثر جاذبية للنخبة المصرية.

وأضاف أن مشاركة مصر فى بنك التنمية الجديد بالحد الأقصى، والحصول على قوة التصويت المناسبة فى مجلس الإدارة بنحو ٢.١٪ من قوة التصويت بالبنك، تتيح للدولة دعم تنميتها المستدامة ومعالجة قضايا السيولة، وتسهيل عملية الدمج وتعزيز التعاون والتكامل الإقليمى من خلال الاستثمار فى بنيتها التحتية.

وأشار إلى أن وجود مصر فى بنك التنمية الجديد يعمل على تعزيز اتفاقيات التبادل التجارى مع دول «بريكس»، ويساعد فى تقليل الطلب المرتفع على الدولار لتزويد واردات البلاد.

وأوضح أنه من وجهة نظر مصر يمكن لمجموعة «بريكس»، باعتبارها اتحادًا للقوى الناشئة القوية بإجمالى ٤ تريليونات دولار من احتياطياتها الجماعية من النقد الأجنبى، أن تكون خيارًا اقتصاديًا مهمًا أمام المؤسسات التى يقودها الغرب، مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، للتغلب على الظروف الصعبة التى تواجهها الدول الأعضاء فى المجموعة وتقديم المساعدة المتبادلة.

وذكر أنه من المتوقع أن يؤدى تقديم سلسلة من المشروعات التكنولوجية لدول «بريكس» من خلال بنك التنمية الجديد إلى تحفيز الصادرات المصرية، مضيفًا أن روسيا، على سبيل المثال، لديها بالفعل منطقة تجارة حرة صناعية فى بورسعيد، بالقرب من قناة السويس، وكذلك الصين.

وبيّن أن توسع علاقات مصر الاستراتيجية مع روسيا والصين والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند وزيادة المشروعات والاستثمارات المشتركة بين الجانبين، يعد من الدوافع للمشاركة الرسمية فى «بريكس».

وقال: «أدت العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين التجمع ومجلس التعاون الخليجى، والتقلبات فى العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ومصر، إلى زيادة رغبة القاهرة فى الانضمام إلى التجمع، كما تعد الاستفادة من خبرات ومساعدات دوله جزءًا مهمًا آخر من الحوافز والفرص المتاحة لمصر».

وأضاف أن التجارة بين دول «بريكس» والدول الإفريقية آخذة فى النمو، وتريد مصر الاستفادة الكاملة من هذه الفرصة، وخلال رئاسة جنوب إفريقيا المجموعة تضع القاهرة عضويتها الجديدة تحت مزيد من الاهتمام من خلال استخدام برنامج «البريكس وإفريقيا»، إلى جانب وجود المجموعة فى منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، خاصة فى تطوير البنية التحتية والتنمية المستدامة.

وأشار إلى أن مصر شاركت فى قمتى «بريكس» عامى ٢٠١٧ و٢٠٢٢، وشارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة الأخيرة بدعوة من الرئيس الصينى، شى جين بينج، تأكيدًا على تعزيز مكانة اقتصاد المجموعة ومكانة مصر وقدراتها الاقتصادية والتجارية الرائدة فى المنطقة. وقال إن القاهرة أبدت اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، ودفعت العلاقات الجيدة مع أعضائها جهات فاعلة، مثل روسيا، إلى دعم جهود مصر للانضمام إلى التحالف، فى حين يتماشى الاقتصاد المصرى وقطاعات التصنيع مع احتياجات المجموعة، ويُنظر إلى مصر بجانب جنوب إفريقيا على أنهما بوابة إلى القارة الإفريقية.

تركيز على ملف تقليل الاعتماد العالمى على العملة الأمريكية

تركز قمة «بريكس» هذا العام على «تقليل الاعتماد العالمى على الدولار الأمريكى»، وفق شبكة «سى بى إس نيوز» الأمريكية.

وذكرت الشبكة الأمريكية أن دول «بريكس» تهدف إلى إنشاء أنظمة اقتصادية وتجارية جديدة منفصلة عن الأنظمة الغربية التى تقودها الولايات المتحدة، لذا فى قمة هذا العام تناقش المجموعة التخلص من «الدولرة»، بهدف تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكى، وتعزيز استخدام العملات الوطنية فى التجارة الدولية.

وأضافت: «المجموعة تناقش، أيضًا، سبل توسيع التجارة بين بلدانها، كوسيلة للاعتماد بشكل أقل على الدولار، كما تحرص روسيا والصين بشكل خاص على إضعاف مكانة الولايات المتحدة فى الاقتصاد العالمى».

وفى اجتماع لدول «بريكس»، خلال يونيو الماضى، قالت ناليدى باندور، وزيرة خارجية جنوب إفريقيا، إن بنك التنمية الجديد الخاص بدول «بريكس» سيبحث عن «بدائل للعملات المتداولة دوليًا». 

وناقشت «بريكس»، لأول مرة، إصدار عملة جديدة مشتركة بين دول المجموعة، بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا فى أعقاب أزمتها مع أوكرانيا، وذكرت المجموعة أن هذه العملة «يمكن أن تؤدى إلى إقامة علاقات اقتصادية أقوى وتحالفات جيوسياسية جديدة، ما يعزز مكانتها بشكل أكبر كتحالف صاعد لنزع هيمنة الدولار».

ودفعت هذه القرارات قرابة ٤٠ دولة لإبداء الاهتمام بالانضمام إلى «بريكس»، قبل أن تتقدم ٢٢ دولة رسميًا بطلبات للانضمام، فى شهادة على النفوذ المتزايد للمجموعة على الساحة الدولية، وقدرتها على تشكيل مستقبل التمويل العالمى.

وتأمل الدول التى تقدمت بطلبات الانضمام فى أن تحقق من وراء ذلك فوائد اقتصادية أكبر من تلك التى يحققها النموذج الاقتصادى والغربى الحالى.

وقالت وكالة «رويترز» إنه بصرف النظر عن الجغرافيا السياسية، تركز مجموعة «بريكس» على التعاون الاقتصادى وزيادة التجارة المتعددة الأطراف والتنمية.

وتابعت أن الدول التى ترغب فى الانضمام للتكتل تنظر إليه على أنه بديل للهيئات العالمية التى يُنظر إليها على أنها خاضعة لسيطرة القوى الغربية التقليدية، وتأمل أن تفتح العضوية مزايا تشمل تمويل التنمية وزيادة التجارة والاستثمار، حيث تفاقم الاستياء بين الدول النامية من النظام العالمى بسبب جائحة فيروس كورونا عندما خزنت الدول الغنية اللقاحات المنقذة للحياة.

وأضافت أن مصر والسعودية والإمارات والأرجنتين وباكستان كانت فى مقدمة الدول التى أعربت عن رغبتها فى الانضمام للتكتل، وكانت السعودية ذات الوزن الثقيل فى النفط من بين أكثر من اثنتى عشرة دولة شاركت فى محادثات «أصدقاء البريكس» فى كيب تاون فى يونيو الماضى، وتلقت دعمًا من روسيا والبرازيل للانضمام إلى التجمع.

وقالت الأرجنتين فى شهر يوليو من عام ٢٠٢٢ إنها تلقت دعمًا رسميًا من الصين فى محاولتها الانضمام إلى المجموعة، بينما قالت إثيوبيا، أحد أسرع الاقتصادات نموًا فى إفريقيا فى يونيو، إنها طلبت الانضمام إلى الكتلة، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن البلاد ستواصل العمل مع المؤسسات الدولية التى يمكنها حماية مصالحها.