رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنيس منصور.. فيلسوف الصحافة

أنيس منصور
أنيس منصور

يمكن أن نصف رحلته بأنها «نموذج نادر الحدوث»، فهو الصحفى الباحث عن الحقائق، والأديب بأسلوبه الراقى البسيط المعبّر عن الواقع، والفيلسوف الذى يتحدث عن أغوار النفس الإنسانية، حتى أصبحت كتاباته خطًا مميزًا، وغدت علامة فارقة فى كتابة السهل الممتنع.

عُرف عن الفيلسوف والأديب الراحل أنيس منصور، الذى تحل غدا ١٨ أغسطس ذكرى ميلاده الـ٩٩، أنه كان مولعًا بالنقاش والاستماع، وحكى فى كتابه عن «صالون العقاد» الكثير عن لقاءاته بالأديبين عباس العقاد وطه حسين، اللذين وصفهما بأنهما كانا علمين يتنافسان فى ذلك التوقيت.

كما عُرف بقدرته على إدراك الجانب المضحك فى الحياة وفى أى قضية يتحدث فيها أو يكتب عنها، ورغم قامته الفكرية والفلسفية وحسن براعته اللغوية، فإنه كان أقرب الكُتّاب إلى الناس بمختلف أعمارهم، فلغته البسيطة واختياره خفة العبارات جعلا الجميع يحبه ويتفهمه من الكبير للصغير، خاصة بعدما قرر أن يأخذ من عموده اليومى «مواقف»، الذى كان ينشر فى أكبر صحيفتين عربيتين، وسيلة لدعم أفكاره فى المزج بين الفلسفة وحياة الناس العامة والأدب فى آن واحد.

ودائمًا ما كان أنيس منصور موضع اختلاف وجدل فى معظم ما يطرحه، فقد كان يضع قلمه دائمًا فى مساحات الاختلاف، ونادرًا ما يكون قلمه فى مساحات الاتفاق، لذا ناقش فى كتابته الأدبية العديد من القضايا المهمة التى تبرز روح الشخصية المصرية، ولكن أكثر ما تطرق إليه هو علاقة الرجل بالمرأة فى الشرق العربى، واصفًا إياها بأنها «ليس لها مبدأ.. فهى إما فوق المبادئ أو تحت المبادئ»، حتى لُقّب بـ«عدو المرأة».

ورغم النقد اللاذع الذى تعرضت له المرأة فى كتاباته، فقد قال أنيس منصور ذات يوم عندما سُئل عن حبه لها فى تصريحات تليفزيونية: «أحب المرأة.. فهى التى استطاعت بذكائها وتسامحها ورقتها ورهافة مشاعرها أن تجذبنى بخيوط حريرية ناعمة من حياة العزلة لأصبح مخلوقًا اجتماعيًا يتفاعل وينعم بالزواج، بعد إضرابى خوفًا من أن يصبح الزواج عائقًا أمام كيانى الإبداعى ككاتب وأديب».