رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

برامجنا فى الميزان

من أهم وظائف الإعلام تقديم المعلومات والأخبار والتفسير والتوضيح، على أن يقدم خطوات استباقية نقرأ من خلالها ملامح المستقبل القريب، كما يعزز الإعلام الرأي العام تجاه القضايا المجتمعية من خلال ما يبثه من برامج وما يوجهه من رسائل..إلى أي مدى تحقق البرامج والقنوات هذه المهام إلى جانب ترسيخ القيم والموروث الثقافي والاجتماعي؟ لنلقي نظرة على أهم البرامج والقنوات ماذا قدمت وما هو المطلوب فيما هو قادم؟.
في السابق.. كان مطلبًا مشروعًا أن تكون لمصر قناة إخبارية دولية، ودائمًا ما يأتي رد المسئولين آنذاك: "القناة الدولية تحتاج لميزانية وتكاليف باهظة، ولدينا مراسلون من كل أرجاء العالم وخاصة الأماكن المشتعلة بالأحداث، إضافة إلى الوكالات الدولية.. لسنا بحاجة لحتمية تدشين قناة دولية".... هكذا كانت تأتي الإجابة في الغالب، إلى أن جاءت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بقرار جريء وانطلقت "القاهرة الإخبارية" يوليو العام الماضي بشبكة مراسلين تغطي معظم دول العالم، وخاصة المواقع ذات الأحداث الساخنة، وعلى مدار عام حققت القناة الدولية متابعات وتحليلًا لقضايا دولية برؤية مصرية ونجحت القناة في أن تكون لها هوية خاصة بين القنوات الدولية.
"المتحدة" باختياراتها تؤكد أنها رائدة في صناعة نجوم الإعلام، ولا سيما القيادات التي انضمت مؤخرًا إلى مواقع مختلفة بالصحف والقنوات التي تملكها، إن حرص "المتحدة" على المزج بين قيادات شابة وخبرات إعلامية يمنحها القوة والتميز في تقديم محتوى جديد ومختلف.
قناة "القاهرة الإخبارية" بقيادة المايسترو"أحمد الطاهري" رئيس قطاع القنوات الإخبارية بـ"المتحدة" قدمت في عامها الأول مجموعة من الإعلاميين أصحاب بصمة خاصة وحضور طاغٍ، ومن خلال متابعتي لفت انتباهي أداء الإعلامي "تامر حنفي" بخبرته السابقة وعمله كمراسل حربي ومقدم مخضرم تجلت هذه الكاريزما في أداء لافت على الإخبارية، وأيضًا الإعلامي "حساني بشير" ببشرته السمراء ابن الجنوب المصري بـ"لكنة" صعيدية ولغة عربية رصينة نجح في خطف الأنظار إليه، والمثقف المبدع الإعلامي "محمد عبدالرحمن" لا تخطئه العين ولا الأذن، والواعدة آية لطفي تذكرنا برائدات الإعلام المصري في الأداء واحترام المشاهد، والإعلامية دينا سالم صاحبة البصمة البارعة في تقديم البرامج الاقتصادية، وغيرهم من المشاركين في هذا الصرح الكبير نتحدث عنهم في كتابات أخرى، ويبقى أن  نقول للكاتب الصحفي أحمد الطاهري قائد كتيبة القاهرة الإخبارية، ما حققته القناة خلال عام يعد طفرة حقيقية نتمنى لها الاستمرار والصدارة في الفضاء الدولي.. ويبقي للشاشة بعض الفسيفساء تضفي جمالًا ورونقًا إعلاميًا بزيادة عدد المراسلين في الأماكن المشتعلة بالأحداث وخاصة دول إفريقيا، نحتاج إلى تحقيقات أكثر عمقًا في القضايا الدولية المرتبطة بالشأن المصري أو ذات البعد الدولي على سبيل المثال الهجرة غير الشرعية، الحروب السيبرانية، كما نتمنى أن نرى التقارير المصورة التي تتخلل البرامج والتي تطرح سؤالًا رئيسيًا يعود بها المذيع  لضيوفه في الاستديو، كما نتمنى أن نرى حوارات مع شخصيات تشتبك مع الصراع الدولي مثل الحوار الذي أجرته القناة مع "عبدالفتاح البرهان".
الإعلامية "لميس الحديدي" الأسطى أستاذة الـ"توك شو" صاحبة التاريخ الحافل وصولات وجولات إعلامية بين شاشات الفضائيات والتليفزيون المصري، نتمنى لك إجازة سعيدة والعودة قريبًا، وإن كنت أرى أن "الفرصة" كانت لغيرك، ولن يفوتك الكثير لو قدمها آخرون.
شهوة الكلام آفة تصيب مقدمي البرامج، وأصحاب الخبرة هم وحدهم قادرون على التغلب على هذه المشكلة، ومن مبادئ الإعلام أن يطرح المذيع السؤال في أقل كلمات ممكنة تؤدي المعنى بعيدًا عن الالتفاف حول الموضوع، بمعنى الدخول في السؤال مباشرة .. تابعت الجمعة الماضي برنامجًا يذاع علي قناة الـ"سي بي سي" بعنوان "جوهرة مصرية"، في البداية  اختلط عليّ الأمر، لم أعرف من الضيفة ومن المذيعة التي تحدثت كثيرًا عن تاريخ ومواقف السباحة المصرية "نجوى غراب"، إلى أن انتهت من العرض، فتكلمت الضيفة جملة واحدة، التقطت منها أطراف الحديث المذيعة مرة أخرى بحديث أكثر حماسًا مستخدمة "لغة الجسد" بشكل مفرط، فضلًا عن قيامها بالتفسير والتوضيح لوجهة نظر الضيفة التي لم تنتهِ من جملتها بعد، وفي الختام ومع نزول تتر البرنامج علمت أن مقدمة البرنامج "هبة عبدالفتاح" هي التي تجلس على يمين الشاشة، وأن "نجوى غراب" هي الجوهرة المصرية.
"برامج الطبخ" تحتل مساحات كبيرة من الوقت المخصص للبرامج، أو الخريطة البرامجية، وأيضًا قنوات مخصصة لهذه النوعية من البرامج، أعتقد أننا بحاجة لأبحاث علمية توضح لنا تأثير هذه البرامج على الثقافة الغذائية للمصريين، وإلى أي مدى تغيير سلوكنا الغذائي الموروث منذ القدم، هل من الطبيعي أن يكون لنا كل هذا الكم من برامج تتعمد العبث بهويتنا في تناول الأطعمة؟، إن الدول والشعوب تتعارف بمطبخها وعاداتها الغذائية التي تتوافق مع بيئة كل دولة، في النهاية إنها برامج تشبه "الكشري في حلّة واحدة".