رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مختار نوح: الإخوان شاركوا فى 25 يناير بأوامر أمريكية بعد تجاهل 4 أيام

الباحث والمحامى مختار
الباحث والمحامى مختار نوح

قال الباحث والمحامى مختار نوح، القيادى المنشق عن جماعة «الإخوان»، إن الجماعة الإرهابية تجاهلت ثورة «٢٥ يناير» لمدة ٤ أيام فى البداية، حتى صدرت أوامر أمريكية غيرت توجههم، وجعلتهم ينضمون إلى الثورة ويستخدمون العنف.

وأضاف، خلال حديثه مع الإعلامى الدكتور محمد الباز، مقدم برنامج «الشاهد» على فضائية «إكسترا نيوز»، أن «الإخوان» إذا أمنوا العقاب أساءوا الأدب، وأنهم لا ينسون أى خصومة مع أى شخص ويتحينون الفرصة المناسبة للانتقام.

واستشهد على ذلك بما فعلته الجماعة مع المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام الأسبق، بسبب إصراره على تطبيق القانون فى قضية «سلسبيل» المتهم فيها كل من خيرت الشاطر وحسن مالك فى التسعينيات.

■ فى عام ١٩٧٩ انضممت لجماعة الإخوان، متى تبين لك أن ما تتبناه هذه الجماعة علنًا عكس ما تؤمن به وتنفذه فى السر؟

- التحقت بجماعة الإخوان فى العصر الذهبى لها، زمن عمر التلمسانى، المرشد الثالث للجماعة، الذى تولى المنصب فى الفترة من ١٩٧٣ حتى وفاته ١٩٨٦.

والتلمسانى شخص محير جدًا، وأنا أرى أنه إما كان يتعمد التصرف بشكل مغاير للأفكار القديمة التى وضعها المؤسس حسن البنا، وإما أنه كان حريصًا أشد الحرص على خداع الجميع.

تولى «التلمسانى» قيادة الجماعة فى الوقت الذى كان فيه الرئيس الراحل محمد أنور السادات منفتحًا جدًا على التيارات الإسلامية، حين منحها مساحة واسعة من الحرية للعمل داخل مؤسسات الدولة وفى المجال العام.

كان المرشد الجديد للإخوان شديد الذكاء، ويتعمد ألا يذكر الأفكار القديمة التى كانت رائجة فى أوساط الإخوان وكان يقلل منها أحيانًا، فهو كان يشكك فى قدرة ١٥ ألف مقاتل لدى الجماعة على السيطرة على مصر أو تأسيس قاعدة فيها لغزو العالم، وكان يرفض فكرة تقسيم المجتمع لفرد مسلم وكافر، وكان المرشد الوحيد الذى استطاع أن يقيم علاقات طيبة مع الصحفيين، وأعتقد أنه كانت لديه قدرة هائلة على التخفى وإظهار خلاف ما يبطن.

وأذكر أنه جمعته علاقة صداقة بأسماء صحفية شهيرة مثل موسى صبرى وإبراهيم سعدة، وهذا كان شيئًا غريبًا لأنه حتى مع الضوء الأخضر الذى منحه السادات للجماعات الإسلامية كانت المؤسسات الصحفية تصر على مهاجمة الإخوان وانتقادهم.

أرى أنه لو سمح القدر للتلمسانى بالبقاء لتمكن من إحداث تغيير عميق فى رؤية الإخوان وفلسفتهم ونظرتهم للمجتمع.

وأذكر أن الشيخ الخطيب، وكان مفتى الجماعة وقتها، كتب مقالًا أشار فيه إلى عدم جواز بناء أو ترميم الكنائس، فاستنكر «التلمسانى» ما كتبه وقال له إنك بما كتبت تقول للناس إنه لو حدث وأصبحت هناك دولة إسلامية فإنه لن يكون هناك مكان للكنائس.

ووقتها تملكتنى حيرة شديدة من موقف «التلمسانى» ولم أفهم هل موقفه نابع من إيمانه بأن المبدأ خاطئ، أم أنه انزعج من طرح مثل هذه الأفكار علنًا بالكتابة عنها فى الصحف والمجلات.

وأعتقد أن المرشد الثالث للإخوان خدع السادات، وأنه كان بإمكان الرئيس الراحل الحصول على كل ما يريد من الجماعة دون أن يقدم هذا الكم الكبير من التنازلات.

وأذكر أن «السادات» وجه بالتخلص من كل الملفات التى كانت لدى الأجهزة الأمنية عن أعضاء الإخوان، وكان يتغاضى عن أفعال فجة وعنيفة مثل قتل ضابط على يد مجموعة من جماعة الجهاد فى مقابر المندرة بالإسكندرية، وأمر وزير الداخلية بحفظ القضية وغلق الملف.

■ ما قصة القضية المعروفة بـ١٢٢ لسنة ١٩٨٣ الخاصة بالتنظيم السرى؟

- كما ذكرت سابقًا أن «التلمسانى» كان صاحب توجه مختلف عن الفكر القديم للإخوان، وهو ما أثار حفيظة التنظيم السرى أو التنظيم الخاص الذى يتولى الرقابة الداخلية على الإخوان، ولذلك قررت قيادات هذا التنظيم، مثل مصطفى مشهور وخيرت الشاطر ومحمود عزت، الانقلاب على «التلمسانى»، ويبدو أن الدولة تدخلت فى هذه المعركة خوفًا من أن يأتى مرشد جديد يتبنى العنف، فألقت القبض على عدد من قيادات الإخوان وبدأت التحقيق. 

لم يتعرض أى من المتهمين لأى انتهاكات أو تعذيب، ولكن ربما يكون أحمد توفيق كنزى، أحد مصادر التمويل الخاصة بالتنظيم السرى، تعرض لتهديد أو ما شابه، ومن الاعترافات اتضح أن قيادات التنظيم السرى بدأت مخططًا للانقلاب على «التلمسانى» من خلال تعيين قيادات جديدة لكل المناطق فى الجمهورية دون علمه.

الدولة لم تكن ضد الإخوان فى هذه الفترة، بدليل حفظ هذه القضية، لأنه لأول مرة تخرج مذكرة من نيابة أمن الدولة العليا بحفظ القضية الـ١٢٢، وهى المرة الوحيدة فى تاريخ نيابة أمن الدولة العليا فى وسط ٤ آلاف قضية مثلًا تكتب فيها مذكرة تبرر أسباب الحفظ وتقول مستنكرة ما الداعى لتحريك قضية ضد أناس يدعون إلى الله.

ولا أعتقد أن هناك فوارق جذرية بين أفكار قادة التنظيم السرى و«التلمسانى»، فالجانبان يسعيان لأخونة المجتمع، لكن لكل منهما طريقته وفلسفته، وإن كنت أرى فى منهج «التلمسانى» ذكاءً أكثر ولينًا.

■ ما حقيقة علاقة اللواء فؤاد علام بمقتل كمال السنانيرى القيادى الإخوانى عام ١٩٨١؟

- كنت مسجونًا وقت الإعلان عن انتحار أو مقتل كمال السنانيرى، وكنت أنا المختص بكل شئون الإخوان فى السجن، حتى حفلات أعياد الميلاد كنت المسئول عن تجهيز مستلزماتها، وكذلك الفض بين المساجين بعد نشوب مشادات بينهم.

فى هذا الوقت إذا أردت أن تعذب أصحاب الفكر المتطرف فضعهم فى سجن واحد، لأنهم كانوا يضربون بعضهم بالعصى والمطاوى والآلات الحادة ويجرحون بعضهم وفى أحيان يقتلون بعضهم، حتى إن بعض الأفراد كانوا يطلبون نقلهم من سجن الإسلاميين، لأن حياتهم مع بعض كانت فى غاية السوء. 

اللواء فؤاد علام، لم يكن له أى علاقة بموت «السنانيرى»، ولا أعرف سر الزج باسمه وإلصاق تهمة تعذيب وقتل «السنانيرى» به، وسبق أن استضافنى فى مكتبه حين كنت مسجونًا أكثر من مرة، وكان حريصًا على الحديث مع قيادات الإخوان لتجنيدنا، وكان قائدًا وضابطًا بارعًا، ولم يكن موجودًا لحظة موت «السنانيرى» وما يشاع بشأن موته جراء التعذيب غير دقيق، لأن انتحار المساجين شنقًا كان حادثًا معتادًا فى هذا التوقيت، وإن كان قتل السجين سهلًا فمن الصعب تحديد قاتله.

■ ما سر العداوة بين الإخوان والنائب العام الأسبق عبدالمجيد محمود؟

- العداوة بين الإخوان الإرهابية والنائب العام الأسبق المستشار عبدالمجيد محمود، قديمة، لأنه كان القاضى الذى حكم فى قضية سلسبيل الشهيرة عام ١٩٩٢، وسميت بهذا الاسم نسبة لشركة السلسبيل للمشروعات التى أسسها خيرت الشاطر وحسن مالك للعمل فى مجال الحاسبات ونظم المعلومات، وداهمها الأمن وتحفظ على الأجهزة وأقراص تخزين البيانات، ونَسب إلى المؤسسين الإعداد لتحركات معادية للدولة.

وبعد أن وصل الإخوان للحكم، تعمد محمد مرسى إقصاء «محمود» بتعيينه سفيرًا لمصر فى دولة الفاتيكان.

المستشار «محمود» لم يكن متساهلًا مع التيارات الإسلامية، وفى قضية سلسبيل طبق القانون تطبيقًا كاملًا، ووقتها اقترح قادة الجماعة رفع دعوى مخاصمة ضده والادعاء أنه غير محايد ويُضمر العداء للمتهمين، بهدف تنحيته عن نظر القضية، ووقتها اعترض القيادى الكبير مأمون الهضيبى على الفكرة وحذر من المضى فيها.

وبعد أن وصل الإخوان للحكم قلت إن الإخوان لم ينسوا ما حدث وسيفكرون فى الانتقام. 

■ يزعم الإخوان أنهم تخلوا عن طريق العنف عقب الخروج من السجن فى عهد السادات، ما تعليقك على هذا الادعاء؟

- ادعاء كاذب، لأن طلال الأنصارى، أحد أعضاء التنظيم الإرهابى الذى شارك فى تنفيذ اقتحام الكلية الفنية العسكرية عام ١٩٧٤، اعترف لى بأن الإخوان شاركوا فى العملية، وكنت أحسب أنهم لا دخل لهم فيما حدث، ولكن «الأنصارى» أمدنى بالوثائق وحكى لى التفاصيل، وقال لى أيضًا إن «الهضيبى» قال لصالح سرية، العقل المدبر للعملية، توكل على الله، فإن وفقكم الله فنحن معكم، وإن لم تنجحوا فإننا سننكر معرفتنا بكم. 

كما قال لى إن «سرية» كان يفكر فى التراجع عن العملية، لكنه خشى أن يظهر صغيرًا فى عيون أتباعه، فأقدم على تنفيذ العملية، وفشلت، وكانت النهاية أنه اعترف على نفسه فقط ولم يعترف على شركائه وأحب أن يموت بطلًا فى عيون تلاميذه. 

أعتقد أن «سرية» لم يعترف فى التحقيقات على القيادات الإخوانية التى عاونته فى تخطيطه مثل السيد سابق ومحمد الغزالى و«الهضيبى»، كما أنه كان مقيمًا هو وزوجته فى منزل زينب الغزالى أثناء البحث عن مسكن جديد.

■ هل هناك ارتباط بين جماعة «التكفير والهجرة» والإخوان؟

- شكرى مصطفى مؤسس «التكفير والهجرة» كان يقول كلامًا يستوجب أن تقوم الدنيا ولا تقعد، وتصدى الإمام الدكتور محمد حسين الذهبى لهذه الأفكار وتفنيدها كان سببًا فى أن تدبر الجماعة خطفه واغتياله عام ١٩٧٧.

وكان من المفترض أن تتولى جماعة الإخوان نفسها الرد على أفكار «مصطفى» لأنه أسس جماعة «بدعية» لأقصى درجة تقول تخاريف لا يمكن قبولها.

كما أنه لم ينكر أى قيادى إخوانى تلقى «مصطفى» تمويلًا من الرئيس الليبى السابق معمر القذافى، فى هذا التوقيت بسبب خلافه مع «السادات». 

■ كيف تصف دفاع محامى الإخوان عن جماعة التكفير والهجرة بعد إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم؟

- جميع محامى الإخوان- بقلة ذكاء- ترافعوا عن أعضاء جماعة التكفير والهجرة وروجوا لفكرة أن المؤسس شكرى مصطفى سيخرج من السجن وسيحكم العالم. 

إن محامى الإخوان المدافعين عن جماعة التكفير والهجرة، جعلوا شباب التكفير والهجرة الذين كانوا فى السجن والذين كانوا يفكرون فى التراجع عن أفكارهم، أو حسب وصف شكرى مصطفى «كانوا يريدون عمل رِدّة»، جعلوهم يترددون فى فعل ذلك بسبب الدعم الكبير الذى تلقاه مؤسس الجماعة من محامى الإخوان.

■ هل من المنطقى أن الخلاف السياسى بين تيار مثل اليسار، مع السلطة المتمثلة فى السادات، يصل بهم إلى الدفاع عن قتلة السادات، الذين يختلفون عنهم فكريًا وأيديولوجيًا، خاصة أن اليسار والشيوعيين مختلفون مع الإخوان ومع الجماعات التى تطلق على نفسها جهادية؟

- إن ظاهرة دفاع اليسار عن قتلة السادات الذين يختلفون معهم، فكريًا وأيديولوجيًا، لمجرد وجود خلاف سياسى بين اليسار والسلطة المتمثلة فى الرئيس السادات، يرجع إلى سببين هما: فتنة المناخ وفتنة الخلاف، الأولى أقصد بها المناخ العام الذى شارك السادات فى صنعه، والثانية تتعلق بالخلاف الفكرى.

وفى حالة الربط بين ثورة يناير واتجاه بعض القوى السياسية لمساعدة الإخوان، ستجد أنه ينطبق عليها فتنة الخلاف. 

وتتمثل فتنة المناخ، فى أن المناخ الذى صنعه الرئيس السادات فى السبعينيات، أدى إلى أن يُنظر للذى يترافع عن هذه الأفكار باعتباره بطلًا، لدرجة أن الذى كان يغنى أو ينشد من المساجين ويقول «أنا عالمى ليس لى أرض أسميها بلادى» وهو كلام فى منتهى الخطورة، وضد المعايير الوطنية، لكن مع ذلك الكل يستمع إليه وكأنه يستمع إلى قرآن، كما أن فكرة فتنة المناخ هى التى جعلت المحامين أصحاب الأفكار الشيوعية أن يترافعوا بحماس كبير جدًا عن قتلة السادات.

وكان ينظر لعائلتى «عزام» و«الإسلامبولى» باعتبارهما عائلتين أنجبتا بطلين، كما أننى أعتبر أن عائلة «الظواهرى» ولدت فى هذه القضية، رغم أن أيمن الظواهرى لم يكن بطلاً فى هذه القضية، وبالتالى فإن كل القيم والمعانى كانت مختلطة فى قضية مقتل السادات، وكانت اللقاءات التليفزيونية محببة لدى محامى اليسار، وذلك فى اعتقادى بسبب الفتنة السياسية. 

■ ما تفسيرك لإقدام شاعر يسارى كبير مثل أحمد فؤاد نجم على كتابة قصيدة يمدح فيها خالد الإسلامبولى ورفاقه من قتلة السادات؟

- هذه القصيدة لأحمد فؤاد نجم كانت بسبب فتنة المناخ الذى خلقه السادات، خاصة أن اليسار كان مصابًا بفتنتى المناخ والخلاف.

أعتقد أن حجم الظلم الذى تعرض له أى مخالف سياسى، حتى فى عهد مبارك، لا يساوى ما كان سيلاقيه أو ربع ما كان سيلاقيه فى عصر الإخوان. 

الإخوان كانوا واضحين جدًا بأنهم كانوا جماعة سمع وطاعة وجماعة اللا عقل وجماعة ضد الديمقراطية.

وقضية اغتيال السادات كشفت عن العورات التى كانت فى المجتمع المصرى، والتى تبلورت مرة أخرى وأعادتنا للصفر فى ٢٥ يناير، وتحالف القوى السياسية مع أى خصم يأتى لخدمة أفكارها ورغباتها، بغض النظر عما إذا كان هذا التحالف سيذهب به إلى الجنة أو سيذهب به إلى جهنم. 

■ كيف تصف عنف الإخوان بعد خروجهم من السلطة؟

- إن عنف الإخوان بعد خروجهم من السلطة يأتى لأسباب نفسية موروثة فى منهجهم، فمن خلال قراءة منهج الإخوان يمكن معرفة سبب كراهيتهم للأوطان، وكذلك معرفة أسباب تكالبهم على الأزهر الشريف. 

إن الإخوان يُظهرون أسوأ ما فيهم إذا تمكنوا، أو عندما تكون أمورهم مستقرة، أو عندما يأمنون العقاب، وهذا ينطبق على الإخوان حتى فى السجون، فإذا أعطتهم إدارة السجن مساحة للتصرف بحرية فإنهم يردون الجميل بإساءة الأدب مع الجنود وصف الضباط.

والإخوان تجاهلوا ٢٥ يناير لمدة ٤ أيام، حتى صدرت أوامر أمريكية لهم بالانضمام للثورة واستخدام العنف.

الشاطر لم ينس للمستشار عبدالمجيد محمود حزمه فى قضية «سلسبيل» وقرر الانتقام منه بعد 2011