رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المؤرخ نشأت زقلمة: اكتشاف جسد الأنبا أنطونيوس في عصر البابا ثاؤذوسيوس

الانبا انطونيوس
الانبا انطونيوس

شرح المؤرخ الكنسي نشأت زقلمة، عضو لجنة المصنفات الكنسية، في كُتيب حمل شعار «الجزء الثاني عن اكتشاف جسد الأنبا أنطونيوس ونقله إلى فرنسا»- خص الدستور بُنسخة منه- بعض تفاصيل نقل جسد القديس العظيم الأنبا أنطونيوس إلى فرنسا.

وجاء في هذه التفاصيل أنه في عصر البابا ثاؤذوسيوس البطريرك الـ(33) تم اكتشاف جسد الأنبا أنطونيوس، وكان البطريرك عالماً وحافظاً للكتب المقدسة، ولكن بعد فترة وجيزة من تجليسه للكرسي البابوي، حدث أن أثار عليه عدو الخير قوماً أشراراً من أهل المدينة، فأخذوا رئيس شمامسة كنيسة الإسكندرية وكان يدعى (فاكيوس) ورسموه بطريركاً بمعاونة يوليانوس الذي كان البابا تيموثاوس البطريرك (٣٢) قد حرمه لموافقته لقوانين مجمع خلقيدونية، ولما حضر رسل الإمبراطور جستنيان الأول إلى الإسكندرية، أخبرهم الوالي (يوحنا) الذي نال رشوة من فاكيوس بأن رسامة فاكيوس حق،. وأنه هو الأول في الرسامة من البطريرك ثاوذوسيوس.

ولكن اجتمع نحو مائة وعشرين رجلاً من الكهنة ومقدمي المدينة وأرسلوا تقريراً يعترفون فيه بقانونية البطريرك ثاؤذوسيوس للإمبراطور جستينيان الأول، ولكن خوف الإمبراطور على أفكاره الخلقيدونية من الاندثار والزوال، وفي الحال أملى عليه الشيطان كتاباً لوالي الإسكندرية والبابا ثاؤذوسيوس ليجذبه إلى معتقدات مجمع خلقيدونية وطومس لاون، ووعده بمكافأة على ذلك أن يمنحه كرسي البطريركية، ويكون جميع أساقفة أفريقيا تحت طاعته، ثم هدده بأن إذالم يطع، فيخرج من البيعة ويمضي إلى حيث يشاء.

فلما قرأ البطريرك كتاب القيصر، هتف أمام الرسل وقال: ليس لمولاكم سلطان إلا على جسدي الفاني، ولكن روحي في يد الله مخلصي، إنني أرفض كل أفكار وقانون طومس لاون، وخرج البطريرك من المدينة وذهب في مركب إلى صعيد مصر حيث أقام لمدة أربع سنين يعلم الشعب، والكهنة، والرهبان في الأديرة، ويثبتهم على احتمال الاضطهاد حتى الموت.

فاندهش القيصر من رفض البطريرك ثاؤذوسيوس كل تلك الهبات وأرسل رجلاً يدعى (بولس النيسي) من القسطنطينية وأقامه على كرسي الإسكندرية، بدون أن يعلم المصريون عنأصله شيئاً، فكان المصريون يلقبونه (يهوذا الثاني) ولم يعرفوا بطريركاً آخر سوى البابا ثاؤذوسيوس الذي في المنفى وكانوا يطيعونه ويخضعون لأوامره.

وفي إطار الاضطهاد الخلقيدوني للكنيسة القبطية والذي وصل إلى ذروته، أمر الإمبراطور جستنيان الأول بإغلاق الكنائسالأرثوذوكسية، حتى يخضعوا للبطريرك الدخيل الذي عينه، لذلك اضطر المؤمنون في بناء كنيسة على اسم القديسين قزمانودميان، وكانوا يتقربون فيها ويعمدون أولادهم.

وبناء كنائس أخرى على اسم الإنجيليين (القديس يوحنا المعمدان)، والكنيسة الملائكية خارج المدينة، فاغتاظ الإمبراطور واستولى على الكنائس وسلمها للخلقيدونيين. وقد أخذ البطريرك الدخيل بولس النيسي الكنيسة الكبرى المسماة بالكنيسة القيصرية، ثم استحوذ بمساعدة الجيش على عدة كنائس أخرى.

واستمر هذا الاضطهاد خلال فترة البابا ثاؤذوسيوس لمدة اثنين وثلاثين سنة وهو بطريركاً قضى منها ٢٨ سنة في أماكن النفي معلماً للشعب والكهنة. وهذه كانت أحوال الكنيسة خلال اكتشاف جسد القديس الأنبا أنطونيوس الكبير ونقله من الصحراء إلى الإسكندرية.

بعض الأحداث التي تعرض لها دير القديس الأنبا أنطونيوس تؤكد عدم وجود الجسد بالدير وهي:

۱- استولى الرهبان الملكيين (الخلقيدونيين) على الدير لمدة القرنين السادس والسابع الميلادي، واستمروا في الإشراف على الدير حتى أواخر القرن الثامن الميلادي.

٢- في عصر البابا أنسطاسيوس البطريرك الـ (36)[605م- 616مم] تعرض الدير لاعتداء وطرد بعض الرهبان.

3- في عصر البابا خائيل الأول البطريرك الـ (46)[743م -767م] تعرض الدير إلى النهب والسرقة.

4- في عصر البابا زخارياس الأول البطريرك الـ (64)[۱۰۳۲-1004م] تعرض الدير للدمار الشامل، وقتل جميع الرهبان، وحرق جميعالمخطوطات والمكتبة العظيمة... واستمر هذا الخراب حوالي65 سنة إلى عصر البابا غبريال السابع البطريرك (٩٥)[١٥٢٥- 1568م] وكان أول بطريرك يختار من دير السريان، أرادتعمير دير القديس الأنبا أنطونيوس، فأرسل عدد عشرون راهباً بعد أن زودهم بالكتب وأواني المذبح، وكل ما يلزم لتعمير الدير من غذاء وكساء... وقد سجل رهبان الدير نياحةالبابا غبريال السابع على جدران كنيسة الأنبا أنطونيوس الأثري ةفي الجهة القبلية الشرقية من الخورس يوم الثلاثاء ٢٩ بابةسنة ١٢٨٥ للشهداء.

5- وفي القرن السابع عشر: لم يذكر اسم الدير إلا لفتـرة وجيزة بشكل عـابر، وهـو اسـتخدام الـدير للمبشـرونالفرنسيسكان في إعداد المبشرين، ومع ذلك فقد سقط الـديرببطء بالكامل في الخراب، وقد اعتمد بعض الرهبان القلائلالذين عاشوا هناك حول الدير على الدعم من قريـة بـوش،واستمر هذا الحال حتى القرن التاسع عشر.

ومن خلال هذا العرض عبر العصور يوضـح لنـا عـدم استحالة أن يستمر تواجد جسد القـديس أنطونيـوس في المكان المحفوظ به بالدير، وكل هذه المؤشرات والأحـداثتدل على أنه قد تم نقل الجسد من الدير، وذلك حسب وعدرب المجد يسوع المسيح للقديس بأنه سوف يمجد في العالم بأسره، وهذا قد تحقق للقديس أنطونيوس الناسك حينما تمنقل جسده إلى القسطنطينية ثم إلى فرنسا، فبلغ إكرام القـديسفي الغرب حداً بعيداً فكان الناس يستغيثون به للخلاص مـنالمرض الجلدي وهو الجمرة التي كانوا يلقبونـه (بـالجمرةالمقدسة) وكذلك كان الجنود يتشفعون به أثناء الحرب.