رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيزنطيو مصر يحتفلون بعيد التطواف بالصليب الكريم

الكنيسة
الكنيسة

تحتفل الكنيسة البيزنطية بعيد التطواف بالصليب الكريم المحيي، ويعود تاريخ هذا العيد إلى العام 164م. جرت العادة في القسطنطينيّة، أن يُصار إلى إخراج عود الصليب من كنيسة القصر الملكيّ إلى كنيسة الحكمة المقدّسة والتطواف به بمواكبة حشد من الكهنة والشمامسة يبخّرونه في الطريق. كانوا يتوقّفون أولاً عند بيت المعموديّة الصغير حيث يجري تقديس المياه. بعد ذلك يكمّل الموكب سيره إلى كنيسة الحكمة المقدّسة حيث يوضع الصليب على المذبح. من هناك كان الموكب يطوف المدينة، حيًّا حيًّا، ويستمر إلى مساء عيد رقاد والدة الإله في 14 اغسطس. الغرض منه كان تنقية الجوّ، وحماية سكان العاصمة من الأوبئة الّتي كان انتشارها سهلاً في مثل هذه الأيّام الحارّة من السنة. ثمّ بعد أن يُستعان بالصليب المقدّس لصحّة وتعزية كلّ من يوقّرونه بإيمان، كان يٌردّ إلى القصر.

كما تحتفل الكنيسة أيضا بذكرى القدّيسين المكابيّين السبعة، وأمّهم صالومي ومعلّمهم الشيخ لعازر، واستشهد الإخوة المكابيون السبعة وأمهم صالومي ومعلمهم الشيخ لعازر لأجل تمسّكهم بدين آبائهم وتقاليدهم في المحاولات التي قام بها بعض الملوك السلوقيّين، أسياد سوريا، ولا سيما انطيوخوس ابيفانيوس (175-164 قبل المسيح)، لافساد الشعب اليهودي في دينه وجرّه إلى الوثنية معتقدًا وأخلاقًا. وكانت فلسطين آنذاك خاضعة لسلطانهم. وقد دعوا "المكابيين" ليس لأنهم من السلالة المكابية، بل لأنهم استشهدوا في العهد المكابيّ، ولأن خبر استشهادهم يسرده سفر المكابيين الثاني (6:18 إلى 41:7).

وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها إنّ أكثر الشهداء إثارةً للإعجاب هو بوليقَربُس الأسقف، لأنّهُ عندما سمع بكلّ ما حدث (من اضطِّهادٍ للمسيحيّين)، لم يضطرب إنّما قرّر البقاء في المدينة. ولكن عند إلحاح الكثيرين، انتهى به الأمر إلى مغادرتها. ولهذا اعتزل في منزلٍ صغيرٍ ليس ببعيد عن المدينة ومكث هناك ومعه بعض رفاقه. وهناك لم يفعل شيئًا سوى الصلاة ليلاً ونهارًا من أجل الكلّ ومن أجل الكنائس في العالم كلّه كما كانت عادته.

وانطلقت الشرطة والفرسان متعقّبين إيّاه، وكانوا مسلّحين كما لو أنّهم كانوا يطاردون قاطع طريق. وفي وقت متأخّر من أحد الأيّام، وصلوا إلى المنزل حيث وجدوا بوليقَربُس نائمًا في غرفة من الطابق العلوي، مع أنّه كان يستطيع الهرب إلى مكان آخر، إلاّ أنّه رفض ذلك مردّدًا: "لتكن مشيئة الربّ". وعندما سمع أصوات الفرسان، نزل إليهم وتحدّث معهم وأعجب الحاضرون بشيخوخته وثباته. ولم يفهموا لماذا عانوا كلّ ذلك الجهد كي يقبضوا على هذا العجوز الرائع. وعلى الرغم من الوقت المتأخّر، أسرع بوليقَربُس لخدمتهم وقدّم إليهم الطعام والشراب، بقدر ما أرادوا. وطلب منهم فقط أن يمنحوه ساعة واحدة يختلي فيها للصلاة فوافقوا. فوقف وصلّى وبدا مملوءًا بالنعمة الإلهيّة، وصلّى لمدّة ساعتين بصوت مسموع دون أن يستطيع التوقّف. وأولئك الذين سمعوه يصلّي استولى عليهم الذهول وأسفوا جدًّا لأنّهم جاءوا ليلقوا القبض على هذا الشيخ القدّيس.

عندما انتهى من الصلاة ذاكرًا كلّ مَن كان يعرفهم من الصغار والكبار، الأغنياء والفقراء، والكنيسة الجامعة المنتشرة في جميع أنحاء العالم، حانت ساعة الرحيل. فأركبوه على ظهر حمار وقادوه إلى مدينة سميرنا. وكان ذلك يوم السبت العظيم.