رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فرانس 24 دهستها الجزائر

انتقادات حادة وجهتها وكالة الأنباء الجزائرية لـ«فرانس ٢٤»، وصفتها فيها بأنها «قناة الشر والفوضى والتلاعبات»، واتهمتها بأنها «تتلقى الأوامر بخصوص الجزائر من أحد المقربين من قصر الإليزيه المعروف بصلته الأكيدة مع منظمة ماك الإرهابية»، ووصفت العاملين فى القناة بأنهم «دُمى» يحركها «الاستعماريون الجدد»، وأشارت إلى أن «المعالجة المخجلة لملف الحرائق فى الجزائر تؤكد صحة قرار السلطات الجزائرية القاضى بغلق مكاتب هاته القناة، التى لا يبدو أنها ستعود قريبًا إلى الجزائر».

 

وكالة أنباء الجزائر الرسمية رأت أن «معظم مناطق حوض المتوسط تفترسها ألسنة النيران بشكل غير مسبوق، مخلفة خسائر بشرية فى كل من اليونان وإيطاليا وكورسيكا وإسبانيا والجزائر»، فى حين لم تجد القناة الفرنسية الحكومية «المبتذلة والمشينة، إلا الجزائر هدفًا لها كعادتها، دون أدنى احترام لأرواح الضحايا، وكأن الحرائق لم تطل سوى الجزائر دون غيرها». وعليه، قالت الوكالة إن القناة «لم تحترم القواعد الأساسية لأخلاقيات المهنة»، وأكدت أن «دعاة الاستعمار الجديد وحماة منظمة ماك الإرهابية، الذين ينشطون فى قناة الدولة الفرنسية»، قرروا منذ أمد طويل «التظاهر بالعمى والصم إزاء الجزائر الصاعدة».

ماك، MAK، هو الاسم المختصر لـ«حركة تقرير المصير فى منطقة القبائل»، التى تأسست سنة ٢٠٠١، بعد اضطرابات «الربيع الأسود»، ووضعتها الحكومة الجزائرية فى مايو ٢٠٢٠ على قائمة الحركات الإرهابية. ولعلك تتذكر أننا كنا قد توقفنا فى ٨ مارس الماضى أمام حوار مريب أجرته القناة نفسها مع أبوعبيدة العنابى، زعيم «تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى»، الذى وضعته الخارجية الأمريكية، فى ٩ سبتمبر ٢٠١٥، على قائمتها للإرهابيين الدوليين، ورصدت سبعة ملايين دولار لمن يدلى بأى معلومات تساعد فى تحديد موقعه، كما أدرجه قرار مجلس الأمن الصادر فى ٢٩ فبراير ٢٠١٦ على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب.

الإرهابى الدولى، الذى وصفته القناة الفرنسية الحكومية بـ«القيادى الجزائرى»، يحمل الجنسية الجزائرية، ومعروف أيضًا باسم «يزيد مبارك»، وكان قد بايع زعيم القاعدة أيمن الظواهرى فور إعلان «تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب» عن اختياره خلفًا لأميره السابق وزعيمه الأول، عبدالمالك دروكدال، الذى قتلته القوات الفرنسية بشمال مالى خلال عملية عسكرية فى يونيو ٢٠٢٠، وقبل ذلك، كان عضوًا فى مجلس شورى التنظيم ورئيسًا لـ«مجلس الأعيان»، و... و... وعليه، لم نجد تفسيرًا لهذا الحوار المريب غير أن الإعلام الحكومى الفرنسى قرر أن يكون لسانًا للإرهابيين، بعد أن سبقه إلى ذلك نظراؤه البريطانى والألمانى والقطرى، خاصة بعد أن وصفت القناة الفرنسية مراسلها، الذى أجرى الحوار، بأنه خبير فى «الحركات الجهادية» لا الإرهابية. 

المهم، هو أن وكالة الأنباء الجزائرية طالبت القناة بأن «توقف أكاذيبها المفضوحة حول الجزائر التى لم تدخر أدنى جهد وسخّرت كافة الوسائل المادية والبشرية لإخماد الحرائق»، وشدّدت على أن «التركيز الخاص حول منطقة معينة يخدم أهدافًا شيطانية لا تمت بصلة لأى عمل إنسانى»، وناشدت «السادة العاملين بقناة (فرانس ٢٤) الحثالة» بـ«أن يتحلوا ولو بالقليل من الموضوعية فى هذه الأوقات العصيبة والأليمة»، مؤكدة أن «الحرائق العنيفة التى اجتاحت الجزائر كانت نتيجة درجات الحرارة الشديدة، والرياح العاتية التى أدت إلى الانتشار السريع للنيران»، وأن الدولة الجزائرية، «التى تعلمت الدرس من الحرائق التى شهدتها سنة ٢٠٢١»، سخّرت كل الوسائل لمكافحة هذه الحرائق وأطلقت عمليات الإغاثة فى وقت قياسى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن قناة «فرانس ٢٤» وصفت انتقادات وكالة الأنباء الجزائرية لها، أو الاتهامات التى وجهتها إليها، بأنها «تحليلات غير عقلانية ومخالفة للمنطق السليم»، وقالت إنها «كغيرها من وسائل الإعلام تغطى هذه الأحداث كما وردت»، ورأت أن «استخدام الشتائم والإهانات أمور سخيفة، ولا سيما عند الحديث عن تغطية كوارث طبيعية مأساوية ومؤلمة». وبعد أن عبّرت عن تعاطفها «مع الضحايا أيًا كانوا»، زعمت القناة الحكومية، الناطقة بالفرنسية والإنجليزية والعربية، أنها ستواصل تغطية الأخبار فى العالم بكل مهنية!.