رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استقرار إفريقيا.. وروسيا

فى تحيته لضيوف «المنتدى الاقتصادى والإنسانى الروسى الإفريقى»، أكد الرئيس فلاديمير بوتين حرص بلاده على دعم الدول الإفريقية لتحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعى والاقتصادى، والعمل معها لمكافحة الفقر وضمان الأمن الغذائى ومواجهة تغير المناخ، لافتًا إلى أن التعاون بين الجانبين وصل إلى «مستوى جديد» فى السنوات الأخيرة. كما تعهد بأن تواصل روسيا مساعدة شركائها الأفارقة، بكل وسيلة ممكنة، فى تعزيز السيادة الوطنية والثقافية، وأن تسهم، بنشاط أكبر، فى حل القضايا الإقليمية والدولية.

يقام المنتدى، الذى يهدف إلى تنويع وتعزيز مجالات التعاون بين الجانبين، على هامش النسخة الثانية من القمة الإفريقية الروسية، التى تستضيفها مدينة سان بطرسبرج، ويشارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى وحوالى ٤٥ رئيس دولة وحكومة و١٠٠ وزير، وعدد من رؤساء التجمعات الاقتصادية الإقليمية. وأعرب بوتين عن ثقته فى أن «المنتدى سيعطى زخمًا إضافيًا لتعاوننا السياسى والإنسانى على المدى الطويل، وسيصبح حدثًا مهمًا فى العلاقات الروسية الإفريقية ويمنحها طابعًا أكثر شمولًا». وأكد أنه يمثل فرصة لتبادل وجهات النظر بين السياسيين ورجال الأعمال والعلماء حول سبل تعزيز الشراكة متعددة الأوجه وتحقيق التنمية المستدامة.

عدد من قادة الدول الإفريقية سبق أن عبروا، بشكل عملى، عن حرصهم على تحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعى والاقتصادى فى روسيا، وحاولوا المساهمة «بنشاط أكبر» فى حل أبرز قضية إقليمية ودولية، وطرحوا مبادرة جادة لتسوية الأزمة الروسية الأوكرانية، وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها «مبادرة مهمة وتعتمد على الإرادة الطيبة لعدد من الدول المهمة». وعرفنا من مسودة «الوثيقة الإطارية»، التى لم يتم نشرها رسميًا، أنها تضمنت «إجراءات لبناء الثقة»، من بينها تعليق بعض العقوبات المفروضة على روسيا، وتهيئة الأجواء المواتية لوقف إطلاق النار، وتشجيع الطرفين على بدء عملية تفاوضية يقودها دبلوماسيون.

المبادرة الإفريقية، التى تم الإعلان عنها منتصف مايو الماضى، صاغتها مصر وجنوب إفريقيا وزامبيا والسنغال وأوغندا، إضافة إلى جزر القمر، التى تتولى حاليًا رئاسة الاتحاد الإفريقى. وخلال اجتماع عقدوه، فى ٥ يونيو، عبر الفيديو كونفرانس، تباحث قادة الدول الست بشأن تفاصيل المبادرة وتوافقوا على استمرار العمل المكثف لبلورة الآليات اللازمة لتشجيع الجانبين الروسى والأوكرانى على الانخراط فيها بشكل إيجابى. وأكدوا أن لدول القارة السمراء مصلحة أكيدة ومباشرة فى العمل على إنهاء الأزمة، نظرًا لآثارها السلبية الهائلة على الدول الإفريقية وسائر دول العالم فى عدد من القطاعات الحيوية، مثل أمن الغذاء والطاقة والتمويل الدولى، إضافة إلى أهمية ذلك فى دعم الاستقرار والسلم الدوليين.

لاحقًا، تحديدًا فى ١٦ يونيو، ذهب رؤساء جنوب إفريقيا، السنغال، جزر القمر، زامبيا، وممثلون عن أوغندا وجمهورية الكونغو، والدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن الرئيس السيسى، إلى العاصمة الأوكرانية كييف، وعقدوا جلسة مباحثات مع الرئيس الأوكرانى، بعد رحلة بالقطار من الحدود البولندية، استغرقت ١٢ ساعة. وفى اليوم التالى، غادروا أوكرانيا، بالقطار، إلى بولندا، ثم، بالطائرة إلى مدينة سان بطرسبرج حيث التقوا الرئيس بوتين. وفى اللقاءين، قدموا شرحًا مفصلًا للمبادرة التى تأخذ فى الاعتبار ما أفرزته الأزمة من تداعيات تدفع باتجاه أهمية التحرك لتسويتها، مع تبنى نهج أكثر تفاهمًا، مع كل الأطراف، من أجل التوصل إلى حلول سياسية وسلمية للمشكلات التى أدت إلى اندلاعها، وتعالج جذورها.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس بوتين، الذى اجتمع مع الرئيس السيسى، أمس الأول الأربعاء، سيجتمع معه، مجددًا، وباقى رؤساء دول المبادرة، على مأدبة غداء، فى ختام النسخة الثانية من القمة الإفريقية الروسية. وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن مصر تقف، منذ بداية الأزمة الأوكرانية، على مسافة واحدة من كل أطرافها، الرئيسية أو الحقيقية، وتبنت، ولا تزال، موقفًا متوازنًا، يستند إلى ضرورة احترام مبادئ القانون الدولى، وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، وتغليب لغة الحوار، ودعت فى كل اتصالاتها المتعلقة بالأزمة إلى حشد الجهود الدولية للتوصل إلى حل سلمى يحقن الدماء ويراعى شواغل جميع الأطراف.