رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"غذاء المصريين آمن"| طفرة فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية.. وأسعار مجزية للفلاحين

غذاء المصريين آمن
غذاء المصريين آمن

- استغلال مساحة المليون ونصف المليون فدان فى الأراضى الجديدة لزراعة فول الصويا

- تنفيذ مشروعات إنتاجية عملاقة لإنتاج الخضر فى الصوب الزراعية

- مشروع قومى لإنتاج التقاوى محليًا وإنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف

تنفذ أجهزة الدولة المعنية بقيادة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى خططًا طموحة لزيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية الغذائية ومعدلات إنتاجها، على رأسها البقوليات والمحاصيل السكرية، إلى جانب المحاصيل الزيتية ومحاصيل الأعلاف.

وتستهدف الدولة من وراء هذه الجهود سد الفجوة الغذائية فى المحاصيل الغذائية والعلفية، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من معظمها لتأمين غذاء المصريين، والتصدير إلى الخارج، ما يساعد فى جلب عملة صعبة للبلاد.

«الدستور» تحدثت إلى ٣ من مسئولى مراكز الأبحاث الزراعية ومجالس المحاصيل التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، وهم الدكتور محمد عزمى رزق، رئيس قسم بحوث المحاصيل البقولية، والدكتور سعد محمد شبل، الأستاذ فى مركز البحوث الزراعية، والدكتور مصطفى عبدالجواد، رئيس مجلس المحاصيل السكرية، للتعرف على تفاصيل هذه الخطط وما وصلت إليه من إنجازات.

محمد عزمى: دعم رئاسى لزيادة إنتاج فول الصويا إلى ربع مليون فدان لاستخلاص الزيوت وأعلاف الماشية والدواجن

قال الدكتور محمد عزمى رزق، رئيس قسم بحوث المحاصيل البقولية فى معهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، إن فول الصويا من المحاصيل الاستراتيجية المهمة التى تستخدم فى إنتاج زيت الطعام وعلائق الماشية، كما يدخل فى العديد من الصناعات الغذائية.

وأضاف «رزق»: «تم استيراد كميات كبيرة من فول الصويا خلال الفترة الماضية، لاستيفاء احتياجات الاستهلاك، ما جعل الدولة تتبنى خطة لحل مشاكل المزارعين والاستفادة من هذا المحصول، لدوره فى توفير زيت الطعام، واستخدامه كأعلاف للماشية، كما أنه مهم فى الدورة الزراعية، لأنه يزيد من خصوبة التربة، خاصة فى الأراضى الجديدة، فهو يمدها بعناصر غذائية مهمة، تفيد المحاصيل التى تتم زراعتها بعده».

واستعرض المعوقات التى تقف حائلًا أمام توفير الاحتياجات من فول الصويا، بداية من تواضع القدرة التنافسية للمحصول مع المحاصيل الاستراتيجية الصيفية الأخرى مثل الذرة والأرز فى الأراضى القديمة، وعدم قدرة المزارعين والمنتجين على تصريف إنتاجهم وتسويقه، فى ظل كونه محصولًا تصنيعيًا يحتاج إلى إيجاد وسيلة لتجميعه وتسويقه، كما أنه محصول يتأثر بالأسعار العالمية، ما يؤدى إلى تذبذب العائد النقدى له من موسم إلى آخر، وبالتالى محدودية المساحة المزروعة منه فى النهاية.

وخلص إلى أن عزوف المزارعين عن زراعة فول الصويا خلال الفترة الماضية يرجع إلى ضعف العائد المادى، وعدم تسويقه بشكل جيد، وأيضًا عدم الإعلان عن سعر ضمان وسعر استرشادى للمحصول.

وكشف عن وضع خطة طموحة من خلال معهد بحوث المحاصيل الحقلية للتوسع فى زراعة فول الصويا، وهى خطة تتبناها وزارة الزراعة، بدعم وتوجيهات من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

وأفاد بأن الموسم الماضى شهد زراعة حوالى ٩٠ ألف فدان، ومن المستهدف زراعة ٢٥٠ ألف فدان هذا العام، مع وضع سعر ضمان استرشادى بـ١٨٠٠٠ جنيه، مضيفًا: «هذه الأسعار أسعار ضمان، بمعنى إذا ارتفعت الأسعار فى السوق عن ذلك يتم رفع هذه الأسعار، وإذا انخفضت لا تقل عن هذه الأسعار، وذلك تشجيعًا للفلاح».

وواصل: «خطة الدولة فى استصلاح أراضٍ جديدة تدعم فكرة التوسع فى زراعة فول الصويا، وتوفير منتج مصرى، وسد جزء من فجوة الزيت والعلف، ما يعود بالدعم على الاقتصاد، خاصة من خلال خفض الطلب نوعًا ما على الاستيراد»، لافتًا إلى أن إنتاجية فول الصويا تبلغ من ١.٥ إلى ١.٧ طن للفدان.

وقال رئيس قسم بحوث المحاصيل البقولية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية إن فول الصويا يعد من المحاصيل المهمة على المستويين الغذائى والصناعى، ويستخدم فى صناعة اللحوم النباتية، والحلويات والأطعمة المجمدة والمخبوزات، والحبوب المدعمة بالبروتينات النباتية، كما يُستخدم فى صناعة الألبان النباتية والصلصات والزيوت.

وأضاف: «تم إنشاء عدد من المصانع فى مصر لتصنيع منتجات غذائية، واستخلاص الزيت وأعلاف الماشية والدواجن من فول الصويا، وهذه المصانع تستورد كميات ضخمة من بذور فول الصويا لتصنيعها، لذلك يجب تقليل فجوة إنتاج المحصول فى مصر، بزيادة مساحة زراعته، من خلال استغلال المساحات الكبيرة المزروعة بمحاصيل الذرة الشامية، والقصب الغرس الربيعى، وأشجار الفاكهة»، مشيرًا إلى تجميع المعلومات الإحصائية لتلك المحاصيل، تمهيدًا لدراسة كيفية استغلالها فى تحميل فول الصويا عليها.

وأفاد بأنه يمكن استغلال مساحة المليون ونصف المليون فدان فى الأراضى الجديدة الصالحة للزراعة، فى الفرافرة وتوشكى والوادى الجديد، بزراعة مساحات كبيرة من فول الصويا، كزراعة منفردة تحت ظروف رى ومواعيد زراعة مناسبة، وهذا سيؤدى إلى تحسين صفات التربة، مع إجراء التلقيح البكتيرى لبذور فول الصويا عند زراعتها لتكوين العقد البكتيرية المثبتة للآزوت الجوى، لتحسين محصول الصويا والمحاصيل التى تليه، وتحسين صفات التربة أيضًا، ما يجعلها أكثر كفاءة ويزيد من إنتاجيتها.

وحول الإجراءات العملية لزيادة المساحة المزروعة من فول الصويا، والتغلب على معوقات الإنتاج، قال «عزمى» إنها تتضمن استنباط أصناف حديثة عالية الإنتاجية متحملة للإجهادات الحيوية، التى تحمل صفة المقاومة للحشرات آكلة الأوراق، وكذلك الإجهادات غير الحيوية، مثل الملوحة ونقص مياه الرى والحرارة، مع تربية أصناف صويا ذات جودة عالية للبذور من حيث محتواها من الزيت والبروتين.

وتتضمن، أيضًا، تحميل فول الصويا على الذرة الشامية، فى كل من البحيرة والغربية والمنوفية والدقهلية والمنيا وأسيوط وسوهاج، وعلى القصب الغرس الربيعى فى كل من المنيا وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان، وعلى أشجار الفاكهة حديثة العمر فى النوبارية والإسماعيلية.

وشدد «عزمى» على أهمية الزراعة التعاقدية ودورها فى زيادة المساحة من محصول فول الصويا، مشيرًا إلى أن تطبيق الزراعة التعاقدية يعتبر إحدى أهم الآليات لكسر حلقات الاحتكار، وتصحيح مسار العملية التسويقية، وتأمين عائد مجزٍ للمزارع، وتشجيعه على التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية، خاصة الأعلاف الزيتية التى يصعب تداولها فى السوق المحلية.

وأشار إلى وضع خطة طموحة لإنتاج تقاوى المربى والأساس، لتلبية احتياج الإدارة المركزية للتقاوى وشركات القطاع الخاص، ما يحقق نسبة التغطية المطلوبة بالتقاوى المحسنة، بالتزامن مع التحديث المستمر لحزمة التوصيات الفنية التكنولوجية للمحصول، ما يتوافق مع كل منطقة لتحقيق أعلى إنتاجية ممكنة، والاهتمام بمكون نقل التكنولوجيا بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، بهدف توصيل التكنولوجيا والأصناف الحديثة للمزارعين، وتقديم الدعم الفنى وحل المشكلات المتعلقة بمعوقات الإنتاج، واستغلال مساحات التوسعات الجديدة بالأراضى المستصلحة حديثًا من مشروع المليون ونصف فدان فى الفرافرة وتوشكى والوادى الجديد والعوينات و«مستقبل مصر» كزراعة منفردة لفول الصويا، تحت ظروف ونظم رى ومواعيد زراعة مناسبة.

وكشف عن أن من أصناف فول الصويا «جيزة ١١١»، وهو صنف مستنبط بالتهجين، مقاوم لدودة ورق القطن، ينضج بعد نحو ١١٥- ١٢٠ يومًا من الزراعة، وتنجح زراعته فى جميع محافظات الجمهورية، حتى الوادى الجديد والأراضى الجديدة بجنوب الوادى، ولا ينصح بتأخير زراعته عن آخر شهر مايو، وتدور إنتاجيته حول ١٫٧ طن للفدان فى الأراضى القديمة، و١٫٢- ١٫٤ طن للفدان فى الأراضى الجديدة، بجانب تسجيل صنفين جديدين من محصول فول الصويا هما «مصر ٦» و«مصر ١٠» بالقرار الوزارى رقم ٥٤٤ لسنة ٢٠٢٢، وجارٍ إكثارهما ليكونا متاحين للمزارعين.

وبيّن التوصيات الفنية لزراعة محصول فول الصويا، قائلًا إنه يُزرع عقب البرسيم والمحاصيل الشتوية مثل الفول البلدى والعدس والبصل، ويمكن زراعته بعد القمح والشعير، خاصة بعد استنباط الأصناف الجديدة المقاومة لدودة ورق القطن، وكذلك عقب محاصيل الخضر مثل البطاطس والطماطم والبسلة والفاصوليا.

واختتم بقوله: «لا ينصح بالحصاد المبكر عن ذلك، لأن ذلك يؤدى إلى تدهور صفات المحصول المزروع بغرض التقاوى، وارتفاع نسبة البذور الضامرة والبذور الخضراء، وقد يؤدى ذلك إلى عدم قبول المحصول كـ«تقاوى»، فضلًا عما تسببه البذور الخضراء من مشاكل فى عملية استخلاص الزيت».

سعد شبل: تدشين عدة مشروعات جديدة.. تطبيق «الزراعات التعاقدية».. والاهتمام بتسويق المحاصيل

أوضح الدكتور سعد محمد شبل، الأستاذ فى مركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، أن مركز البحوث الزراعية بمعاهده المتخصصة، يعد قاطرة البحث العلمى الزراعى، فى ظل أن كل قسم متخصص فى المركز يعد بيت الخبرة لمحصول من المحاصيل، سواء كان الأرز أو القمح، أو محاصيل البقول، أو المحاصيل الزيتية، وغيرها. وأضاف «شبل»: «يعمل كل قسم على تربية وتحسين وإنتاج الأصناف العالية الإنتاجية المتحملة لظروف التربة والمياه والظروف المناخية غير المواتية، وكذلك الأصناف القليلة الاستهلاك للماء والمبكرة النضج، لتناسب الظروف التى تمر بها البلاد».

وواصل: «إضافة إلى ذلك تضع الأقسام البحثية التوصيات الفنية التى تلزم للحصول على أفضل إنتاجية من كل محصول، وكيفية التعامل مع الأصناف المختلفة، مع نقل هذه التكنولوجيا والتقنيات إلى المزارعين».

وانتقل الأستاذ فى مركز البحوث الزراعية للحديث عن تسويق المحاصيل الزراعية، مشيرًا إلى أن هذا الملف من أهم المشاكل التى تواجه المزارع، لذا كانت للإرادة السياسية رؤية ثاقبة بشأنه.

وأضاف: «تم فى هذا الخصوص إصدار القرار رقم ١٢ لسنة ٢٠١٥، الذى يقضى بإنشاء مركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة، والذى سيكون له دور محورى فى حماية المزارع من تقلبات السوق، ورفع كمية وجودة المحصول، ولعب دور حلقة الوصل بين الشركات المصنعة للمحاصيل والمزارعين».

وتابع: «هذا من شأنه تأمين المنتج والمستهلك، وبالفعل تم تفعيل الزراعة التعاقدية، ووضع سعر ضمان للمزارع، قبل زراعة محاصيل الذرة وفول الصويا ودوار الشمس وغيرها، على أن يشمل هذا النظام كل المحاصيل الاستراتيجية، إلى جانب الدواجن والثروة السمكية، ليكون له دور محورى فى التنمية الزراعية المستدامة».

وكشف عن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتى من محصول الأرز، مع وجود إمكانية لتحقيق ذلك فى الذرة الصفراء، إلى جانب وجود تقليل حقيقى للفجوة فى محصولى القمح وفول الصويا، من خلال تحسين الإنتاجية وزيادة المساحة المزروعة، وذلك عن طريق المشروعات الزراعية الواعدة، مثل توشكى والدلتا الجديدة والفرافرة. كما تطرق إلى المشروعات الإنتاجية العملاقة لإنتاج الخضر فى الصوب الزراعية، التى تتيح فرصة أكبر لزراعة المحاصيل الغذائية الاستراتيجية فى الأراضى القديمة، وكذلك المشروع القومى لإنتاج تقاوى الخضر محليًا، الذى يوفر المليارات التى نحتاجها فى استيراد هذه التقاوى، مع توفير تقاوى الخضر بأسعار فى متناول المزارع، ما يزيد إنتاج هذه المحاصيل، وبالتالى زيادة فرصة التصدير وتوفير العملة الصعبة وتحسين الاقتصاد. ونبه أيضًا إلى مشروع تبطين الترع، ومشروعات إنشاء محطات معالجة مياه الصرف، التى تسهم فى الحفاظ على المتاح من ماء النيل، إلى جانب إعادة استخدام مياه الصرف لإنتاج المزيد من المحاصيل الاستراتيجية، بهدف تحقيق الأمن الغذائى لمصر.

مصطفى عبدالجواد: اكتفاء ذاتى من القصب والبنجر بنسبة 90%.. والوصول إلى 100% خلال عامين

كشف الدكتور مصطفى عبدالجواد، رئيس مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، عن وصول نسبة الاكتفاء الذاتى من محصولى القصب والبنجر إلى ٩٠٪، واصفًا إياهما بأنهما من أهم المحاصيل الاستراتيجية فى مصر.

وقال «عبدالجواد»: «سنصل إلى الاكتفاء الذاتى الكامل من هذين المحصولين خلال عامين، من أجل بدء التصدير إلى الخارج»، منبهًا إلى ضرورة وضع سياسة سعرية عادلة للمحصولين وتوفير المقومات للوصول إلى الإنتاج المستهدف، الذى وصل إلى ٢.٨ مليون طن سكر، مقابل استهلاك وصل إلى ٣.٧ مليون طن.

وأضاف: «مصر قادرة على سد الفجوة الغذائية من السكر، بعد تشغيل مصنع القناة للسكر فى المنيا بكامل طاقته الإنتاجية»، مرجعًا تدنى إنتاجية القصب إلى انخفاض سعر القصب، وارتفاع سعر الوقود.

وأوضح رئيس مجلس المحاصيل السكرية: «تزرع مصر ٣٢٥ ألف فدان بمحصول القصب، و٦٥٠ ألف فدان بمحصول البنجر، مع زيادتها إلى ٧٥٠ ألف فدان خلال الفترة المقبلة، علمًا بأن زراعة البنجر تجود فى الأراضى الجديدة والقديمة والملحية».

واختتم بقوله: «زراعة البنجر أصبحت منتشرة فى جميع المحافظات، خاصة فى الأراضى الجديدة التى لا تصلح لزراعة المحاصيل الأخرى، كما أن زراعة البنجر فى الأراضى الملحية غير الصالحة تتميز بكون نسبة السكر فيه عالية مقارنة بالأراضى العادية، ما يمثل نقلة نوعية فى إنتاج السكر».