رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء: القمة الإفريقية الروسية فى توقيت مهم وفرصة لتحرر دول القارة السمراء من الهيمنة الغربية

القمة الإفريقية الروسية
القمة الإفريقية الروسية

توقع خبراء وسياسيون أن تمثل القمة الإفريقية الروسية فى نسختها الثانية، نقلة مهمة فى العلاقات بين موسكو ودول القارة، خاصة فى ملفات مهمة ومصيرية مثل الغذاء والطاقة.

ورأى خبراء وسياسيون تحدثت إليهم «الدستور»، أن القمة تحمل رؤية جديدة لتطوير العلاقات بين الجانبين، ودعم شعوب القارة، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تضرب العالم بأسره فى الوقت الحالى.

وقال مسلم شعيتو، رئيس المركز الثقافى الروسى العربى، إن القمة الروسية الإفريقية تأتى فى توقيت مهم للغاية، بمشاركة العشرات من قادة الدول الإفريقية، مشيرًا إلى أن القمة لم تنقطع أبدًا، لكن كانت هناك ظروف أعاقت عقدها منذ ٢٠١٩، وعلى رأسها جائحة فيروس «كورونا»، لتتاح فرصة الآن لعقدها من جديد، على الرغم من كل الضغوطات التى مورست لمنع ذلك.

وأضاف «شعيتو»: «هذه القمة واللقاءات الثنائية والاتصالات بين روسيا وإفريقيا، يمكن أن تقدم الكثير، خاصة أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أعلن استعداد بلاده لتقديم القمح مجانًا أو بأسعار تشجيعية للدول الفقيرة، والتعاون من أجل إنشاء مراكز صناعية للبنية التحتية وتطويرها فى إفريقيا، بما يضمن التعاون الاقتصادى والثقافى خارج نطاق الضغط الذى تمارسه الدول الأوروبية».

وحول إمكانية مساعدة الدول الإفريقية روسيا للخروج من دائرة العقوبات الغربية، قال «شعيتو»: «المسألة تبادلية جدلية بين روسيا وإفريقيا، وفى كل الأحوال تطرح روسيا مبدأ عالم متعدد الأقطاب، وأن تلعب الدول الإفريقية دورًا مهمًا فيه».

وشدد على أن حضور وفود ٤٩ دولة إفريقية و٣٠ رئيسًا أو رئيس وزراء لهذه القمة، يعنى الكثير ما بين روسيا وإفريقيا، التى تستطيع أن تكون قطبًا مهمًا، مشيرًا إلى اقتراح روسيا الخاص بتمثيل الدول الإفريقية بعضو دائم فى مجلس الأمن، قد يكون جنوب إفريقيا أو مصر.

وقال رئيس المركز الثقافى الروسى العربى إن كل المبادرات التى طرحت لحل الأزمة الروسية الإفريقية، وافقت عليها روسيا مباشرة، ودون أى استثناءات، سواء المبادرات العربية أو الإفريقية أو غيرها، بينما كان أول من يعارض الولايات المتحدة وخلفها أوكرانيا.

ورأى أن ما يجب أن تركز عليه القمة الروسية الإفريقية هو التنمية المستدامة فى دول القارة، وإعادة بناء البنية التحتية، وخروج إفريقيا من الهيمنة الأمريكية والأوروبية، والعمل على وقف سرقة مواردها الأولية، وإعادتها كلاعب مهم اقتصاديًا على الساحة الدولية، خاصة أن الأموال التى تمتلكها إفريقيا ومنهوبة فى البنوك الغربية، إذا ما عادت، ستكون للقارة قدرة شرائية تفوق كل أوروبا والولايات المتحدة.

وقال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الإفريقية، إن القمة تحمل رؤية روسية جديدة، خاصة مع استمرار العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، وما صدر عنها من تداعيات غير يسيرة على روسيا، وتأثيرات على أوضاعها الداخلية، مرورًا بأزمة قوات «فاجنر»، فضلًا عن التداعيات المرتبطة بالمحكمة الجنائية الدولية، والموقف الدولى من موسكو، وأزمة الغذاء وانسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب.

وأضاف «حليمة»: «القمة تأتى فى ظل تحركات دولية لصناعة نظام عالمى متعدد الأقطاب، وأنظمة مالية ونقدية جديدة، تلعب فيها روسيا مع الصين ودول (بريكس) دورًا محوريًا، يرتبط بالتأكيد بالقارة الإفريقية، وعلاقة دولها مع الأقطاب المختلفة».

وواصل: «القمة الروسية الإفريقية الثانية تنعقد فى ظل التكالب والتصارع من قبل المجتمع الدولى ناحية إفريقيا، ليس فقط من جانب روسيا والصين والهند والدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، بل أيضًا هناك تصارع وتحرك نشط من جانب قوى إقليمية وعربية».

وأشار إلى أن روسيا ستسعى من خلال القمة للتحدث عن مشكلة الغذاء، وكون الغرب سبب الأزمة الحالية، مع توضيح أن الانسحاب من اتفاقية الحبوب كان بسبب المواقف الغربية، وعدم تنفيذ دول الغرب تعهداتها حول الأمن الغذائى العالمى، ما جعل روسيا ترى أنه لا جدوى من مواصلة العمل بالاتفاقية، لافتًا إلى أن مصر ستطرح خلال القمة حلولًا بديلة ورؤية واضحة للمساعدة فيما يتعلق بتقديم الحبوب والأسمدة بشكل مجانى، وليس من خلال صفقات تجارية.

وواصل: «سيكون هناك أيضًا حديث عن التبادل التجارى والاستثمارى بين روسيا وإفريقيا، وأن تكون المشروعات الاستثمارية والتجارية المقدمة للجانب الإفريقى ميسرة وشاملة، وفى مجالات عديدة، منها الطاقة والأمن والدفاع والتسليح والصناعة والزراعة والبنية التحتية، خاصة أن هناك اتفاقيات ومذكرات عمل تم إعدادها فى هذا الإطار لتوقيعها خلال القمة».

وتوقع أن تكون الأزمة الروسية الأوكرانية محل اهتمام كبير خلال القمة، خاصة أن هناك مبادرة من ٦ دول إفريقية بينها مصر، لتسوية الأزمة، بالإضافة إلى الأوضاع فى السودان.

وأضاف أن القمة ربما تشهد أيضًا لقاءً ثلاثيًا يجمع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد، للتباحث حول سد النهضة، ليكون هناك دور روسى فى هذا الملف من أجل التوصل لاتفاق.

ونوه «حليمة» إلى القمة الروسية الإفريقية فى دورتها الأولى، والتى استهدفت تنشيط العلاقات التجارية، وزيادة الاستثمارات الروسية فى القارة الإفريقية، وقطعت شوطًا كبيرًا فى مجال تعزيز العلاقات بين الجانبين الروسى والإفريقى، مع تأكيد ضرورة العمل المشترك.

وتابع: «كان من المستهدف بعد القمة الأولى الوصول بحجم العلاقات التجارية إلى ٤٠ مليار دولار خلال ٢٠٢٥، لكن فى واقع الأمر وصل حجم التبادل فى ٢٠٢٢ إلى ١٨ مليار دولار فقط، وكانت العلاقات تصب فى صالح موسكو، التى تمثل صادراتها إلى القارة ٧ أمثال ما تصدره إفريقيا لروسيا».

وأوضح أن ٧٠٪ من حجم الاستثمارات الروسية فى القارة انحصرت فى ٤ دول فقط، هى مصر والجزائر والمغرب وجنوب إفريقيا، ما يؤكد الدور الكبير لهذه الدول فى العلاقات الروسية الإفريقية بصفة عامة.

ورأى أن تنامى الوجود الروسى فى القارة الإفريقية كان بسبب دعم موسكو المواقف والقضايا الإفريقية، مع الدور الذى لعبته قوات «فاجنر» فى تعزيز هذا الوجود خلال السنوات الماضية.