رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صفاقة فورين بوليسى

ماجد حبته
ماجد حبته

فورين بوليسى، Foreign Policy، مجلة أمريكية معنية، كما هو واضح من اسمها، بالشئون الخارجية، أسسها صامويل هنتجتون ووارن ديميان مانشل، سنة ١٩٧٠، وكانت نسختها الإلكترونية قد نشرت، فى ٢ يوليو الجارى، مقالًا تحريضيًا ضد مصر، امتلأ بالادعاءات والأكاذيب، ثم رفضت نشر الرد، الذى أرسله لها السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، بدعاوى وحجج واهية!

مرات عديدة نشرت المجلة الأمريكية، مزاعم وأكاذيب عن ثورة ٣٠ يونيو، وعما يوصف بالربيع العربى، من بينها، مثلًا، تلك التى تضمنها مقال نشرته فى ديسمبر ٢٠٢٠ لـ«ستيفن كوك»، الذى وصفته بـ«الخبير المختص فى شئون الشرق الأوسط»، وزعم فيه أن المنطقة كلها أصبحت «نموذجًا للمدينة الفاسدة، التى تتسم بالعنف، والنظم السلطوية، والتفكك الاقتصادى، والصراعات الإقليمية». أما المقال التحريضى الأحدث، الذى حمل عنوان «دروس مستفادة للربيع العربى المقبل»، فقدم فيه المدعو شادى حميد، وهو أمريكى مجهول الأصل، قراءة مشوهة للأحداث، التى شكلت مستقبل البلاد، مدعيًا أن الرئيس الأمريكى الأسبق بارك أوباما أعطى الجيش المصرى الضوء الأخضر للإطاحة بما وصفه «أول رئيس منتخب ديمقراطيًا فى البلاد»، ثم طالب الإدارة الأمريكية بعدم تكرار «هذا الخطأ» إذا تكرر «الربيع العربى» مرة أخرى.

فى الرد، الذى رفضت المجلة نشره، وصف المتحدث باسم الخارجية، وصف العلاقة بين مصر والولايات المتحدة بأنها «شراكة طويلة الأمد»، موضحًا أننا نعتبر الولايات المتحدة شريكًا رئيسيًا وحليفًا موثوقًا به. ثم أكد أن «النظام السياسى الذى يتم انتقاده هو نظام منتخب ديمقراطيًا تم اختياره بإرادة الشعب المصرى، أعاد الأمور إلى نصابها بعد عدة سنوات من الاضطرابات السياسية والصعوبات الاقتصادية وعدم اليقين، وشرع فى إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة النطاق، وقدم الحماية الاجتماعية لملايين المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر». و... و... ورأى المتحدث باسم الخارجية أن الولايات المتحدة اتخذت القرار الصحيح حين الاعتراف بأحداث ٣٠ يونيو على أنها انتفاضة شعبية، مشددًا على أن ذلك لم يرجع فقط إلى الطبيعة الاستراتيجية للتعاون الثنائى بين مصر والولايات المتحدة، ولكن لأن الإدارة الأمريكية، إدارة أوباما، أدركت أنها تدعم إرادة الشعب المصرى والمسار الديمقراطى والتنموى الواعد، الذى شرعنا فى تنفيذه منذ ذلك الحين. 

لعلك تتذكر أننا أشرنا فى مقال سابق، أو مقالات سابقة، إلى أن العلاقات المصرية الأمريكية، التى أعيد تأسيسها فى منتصف سبعينيات القرن الماضى، اختلفت قوتها أو درجة توافقها أو توترها، من إدارة إلى أخرى، حتى تغيرت المعادلة تمامًا، بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وتمنينا أن تكون إدارة بايدن قد أدركت هذا التغيير، واستوعبت أن مصر، وغالبية دول العالم، صارت أكثر تمسكًا بسيادتها وحقوقها غير القابلة للتصرف. وما قد يؤكد استيعابها ذلك، هو أن لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكى، مثلًا، أعرب خلال زيارة الرئيس السيسى، مساء ديسمبر الماضى، لمقر وزارة الدفاع، البنتاجون، عن تقديره البالغ لجهود الرئيس الشخصية، وروح القيادة المصرية، شديدة الاتزان والفاعلية، فى تحقيق الأمن والاستقرار، ليس فقط فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، بل تجاه مختلف القضايا والأزمات الدولية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تعوّل كثيرًا على هذا الدور.

.. وتبقى الإشارة إلى أن شادى حميد، المولود فى الولايات المتحدة، يعمل باحثًا فى قسم العلاقات الأمريكية بالعالم الإسلامى فى معهد «بروكنجز» بواشنطن، وكان يرأس الوحدة البحثية فى «بروكنجز»، فرع الدوحة، وقبل ذلك، عمل فى قسم «الدبلوماسية الشعبية» بالخارجية الأمريكية، وسبق أن وصفته جريدة «الشرق الأوسط» السعودية بأنه «خبير أمريكى يدرس المنظمات الإسلامية فى الدول الإسلامية، وخاصة الإخوان المسلمين فى مصر»، فى مقدمة حوار نشرته فى ١ يوليو ٢٠١٤، قال فيه نصًا: «عرفت مرسى كواحد من الإخوان المسلمين الملتزمين والمنفذين. لكنه، قطعًا، ليس صاحب رؤية مستقبلية، وليس مفكرًا استراتيجيًا.. وعرفته لا يعطى المعارضين الليبراليين حقهم. قلل من شأنهم، ونظر إليهم كمنعزلين عن طبيعة الشعب المصرى. طبعًا، هذا يمكن أن يكون مقبولًا من زعيم حزب سياسى، لكن، ليس من رئيس دولة».