رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقييم نظم غذاء العالم

لتقييم التقدم العالمى فى تحويل نظم الغذاء، وتحديد الأولويات، وبحث سبل مواجهة التحديات، وتسريع العمل على تحقيق الأهداف الأممية، أقامت «منظمة الأغذية والزراعة»، الفاو، فى مقرها الرئيسى بالعاصمة الإيطالية روما، مؤتمر «لحظة الأمم المتحدة لتقييم نظم الغذاء ٢٠٢٣»، الذى شاركت فيه مصر بوفد ترأسه الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، وضم السيد القصير، وزير الزراعة، والسفير بسام راضى، سفيرنا فى روما، والسفير إيهاب بدوى، مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولى.

نحن، باختصار، أمام اجتماع تقييمى لمنجزات قمة الأمم المتحدة لنظم الغذاء ٢٠٢١، أى بعد مرور سنتين على انعقادها. واستباقًا لهذا المؤتمر، أو الاجتماع، عقد «مركز تنسيق النُظم الغذائية» التابع للأمم المتحدة، اجتماعًا عربيًا إقليميًا، فى ١٣ مارس الماضى، كان أبرز ما استوقفنا فيه هو إشارة مداخلتى الأردن ولبنان إلى أعباء استضافة المهاجرين واللاجئين، وتأثيراتها العميقة على الأمن الغذائى ومتطلبات التحول إلى نظم غذائية مستدامة. وهى الإشارة، الأعباء والتأثيرات، التى أكدت عليها مداخلة مصر، التى كنا قد أشرنا، أمس، إلى أنها تستضيف أكثر من تسعة ملايين مهاجر ولاجئ، وما زالت تستقبل المزيد، رغم التحديات الاقتصادية المتزايدة، ومحدودية الدعم الذى يقدمه المجتمع الدولى، ولذى لا يتناسب مع حجم الأعباء التى نتحملها.

فى المؤتمر، أو الاجتماع التقييمى، استعرضت كلمة مصر، التى ألقاها وزير الزراعة، أمس الأول، جهود الدولة لتعزيز التحول فى نظم الغذاء، والوصول إلى مؤشرات أفضل للأمن الغذائى، وأشارت إلى أن انعقاد المؤتمر يتزامن مع واقع ملىء بالتحديات الإقليمية والدولية المُركبة، التى وضعت الدول النامية، خاصة الإفريقية، فى مواجهة أزمة خانقة أثرت على أمنها الغذائى، فى ظل انقطاع سلاسل الإمداد، وتزايد الأسعار العالمية، وضيق الحيز المالى المتاح، الأمر الذى يلقى على عاتق جميع الدول المزيد من المسئولية للتعامل مع نقص الغذاء وسوء التغذية، بالتوازى مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع إيلاء الأولوية للدول النامية.

جهود التحول إلى نظم غذاء صحية ومستدامة، تأتى فى سياق تطبيق «رؤية مصر ٢٠٣٠»، بالتكامل مع مبادرة «حياة كريمة» وبرنامجى «تكامل وكرامة»، وباقى المبادرات الرئاسية، التى تهدف إلى تحسين أحوال معيشة المواطنين ودعمهم اقتصاديًا واجتماعيًا وتقليل الفقر والجوع، التى شملت، إلى الآن، التوسع فى إنشاء الصوب الزراعية والزراعة الرأسية والمزارع السمكية ومشروعات إدارة المياه وإعادة تدوير مياه النيل.

الواقع يقول إن مصر سارعت بالاستجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، وأطلقت أواخر سنة ٢٠٢٠ عملية حوار وطنى، على ثلاث مراحل، الأولى كانت على المستوى الحكومى، ثم جرى توسيعها لتشمل القطاع الخاص والمجتمع المدنى، وفى المرحلة الثالثة جرت الاستعانة بمنظمات الأمم المتحدة المعتمدة فى القاهرة. كما تم تشكيل لجنة وطنية لنظم الغذاء والتغذية، برئاسة رئيس الوزراء، تستهدف تعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية العاملة فى مجال نظم الغذاء والتغذية على الصعيدين الوطنى والدولى.

تعاونت مصر، أيضًا، بشكل وثيق مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، الفاو، لإطلاق مبادرة الزراعة والأمن الغذائى من أجل تحول مستدام، FAST، خلال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى استضافتها شرم الشيخ فى نوفمبر الماضى. كما حرصت مصر خلال رئاستها المؤتمر على إدراج نظم الغذاء ضمن مخرجات المسار التفاوضى، ليس فقط بالإشارة إلى ما تواجهه دول العالم من تحديات نتيجة أزمات الطاقة والغذاء، ولكن أيضًا بالتأكيد على أولوية العمل على ضمان الأمن الغذائى وتعزيز قدرة نظم إنتاج الغذاء على الصمود أمام الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن النظام الغذائى يشمل جميع جوانب إطعام البشر: الزراعة والحصاد والتعبئة والمعالجة والنقل والتسويق والاستهلاك، إضافة إلى التفاعلات بين الإنسان والأرض والمياه والمناخ، والمدخلات والمؤسسات والبنية التحتية والخدمات، و... و... وطبعًا، لن يكون النظام الغذائى مستدامًا إلا حين يوفر الطعام المغذى الكافى للجميع دون المساس بالبيئة أو الطبيعة أو قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتهم الغذائية.