رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قوارب الموت.. مسار روما

أملًا فى تشكيل تحالف واسع لمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا، وإيجاد حلول متكاملة توقف «قوارب الموت»، وتعالج أسباب الهجرة غير الشرعية من جذورها، استضافت العاصمة الإيطالية روما، أمس الأول الأحد، مؤتمرًا دوليًا عن «الهجرة والتنمية»، شارك فيه عدد من قادة وكبار مسئولى دول حوض البحر المتوسط والقارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط، والمؤسسات المالية الدولية. ونيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، شارك الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى فعاليات المؤتمر.

خلال حملتها الانتخابية، تعهدت جورجيا ميلونى، رئيسة وزراء إيطاليا، «بوقف إنزال» المهاجرين على سواحل بلادها، لكنها تراجعت خطوة إلى الوراء، خلال افتتاحها أعمال المؤتمر، وقالت إن حكومتها منفتحة على استقبال المزيد من الأفراد «عبر الطرق القانونية»، ثم أعلنت عن إطلاق مبادرة باسم «مسار روما»، لتوفير التمويل اللازم، لدعم مشاريع التنمية فى إفريقيا، خاصة فى الدول التى ينطلق منها المهاجرون. وقبيل كلمة مصر، التى وصفتها بأنها دولة محورية فى المنطقة، أشادت «ميلونى» بالعلاقات الثنائية بين البلدين، وأثنت على العلاقة المتميزة مع الرئيس السيسى، منذ لقائهما على هامش مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ.

تغيّر المناخ، الفقر، الإرهاب والحرب الأهلية، عوامل تغذى اللجوء والهجرة غير الشرعية، حسب أنطونيو تايانى، وزير الخارجية الإيطالى، الذى قال إن بلاده قامت بتنظيم هذا المؤتمر، لوضع حلول واضحة لمشكلات إفريقيا، نظرًا لما تسببه الهجرة غير الشرعية من أزمات ومشكلات لدول المنطقة. وأشار «تايانى»، إلى أن ضبط الأمن فى أعالى البحار ليس كافيًا، مشددًا على ضرورة وضع خطة عمل دولية لمعالجة جذور المشكلة.

المعنى نفسه تقريبًا، كرره الدكتور مصطفى مدبولى، موضحًا أن تدفقات الهجرة غير الشرعية تمثل أحد أكبر التداعيات التى يتطلب التعامل معها عقد شراكات مستدامة تحقق المنفعة المشتركة. وخلال كلمته فى الجلسة الأولى، أكد أن أى مقاربة للتعامل بشكل فعال مع قضايا الهجرة يجب أن تراعى اعتبارات تبدأ بتبنى نهج شامل للتعامل مع الأسباب الجذرية، يراعى الأبعاد الأمنية والتنموية لها، من خلال دعم جهود تحقيق الاستقرار السياسى فى المناطق التى تشهد نزاعات، ودفع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز التعاون فى مجال إدارة الحدود، هذا بالإضافة إلى احترام مبدأ التقاسم المنصف للأعباء والمسئوليات لتعزيز صمود المجتمعات المستضيفة، واستحداث أدوات تمويلية جديدة قادرة على التجاوب بشكل سريع وفعال وتوفير التمويل للدول التى تعانى تحديات اقتصادية لضمان استدامة تقديم الخدمات فيها.

يحتل ملف الهجرة مرتبة متقدمة على أجندة مصر الوطنية. ولكونها دولة مصدَر ومعبَر ومقصد، تتبنى الدولة المصرية نهجًا شاملًا فى التعامل مع هذا الملف، من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى المناطق الطاردة، ورفع مستوى الوعى بمخاطر الهجرة غير الشرعية، وتوفير العمالة المدربة، وخلق مسارات للهجرة النظامية، بالتوازى مع إحكام السيطرة على الحدود، ومكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار فى البشر، وتطوير القانون الوطنى لمكافحة ومنع هاتين الجريمتين ومحاسبة مرتكبيهما وحماية ضحاياهما، ونتيجة لذلك لم يبحر، منذ سبتمبر ٢٠١٦، أى «قارب موت» يحمل مهاجرين غير شرعيين من السواحل المصرية.

بنسبة تتجاوز ٨٪ من تعداد السكان، تستضيف الدولة المصرية أكثر من تسعة ملايين مهاجر ولاجئ، ينتمون إلى ١٣٣ دولة، طبقًا للتقرير الصادر عن «منظمة الهجرة الدولية»، فى أغسطس الماضى. ومؤخرًا، استقبلت أيضًا نحو ٤٠٪ من إجمالى الفارين من أعمال العنف فى السودان. وخلال كلمته، شدّد الدكتور مدبولى على أن حكومته لم تتوانَ عن تقديم الدعم وتوفير الخدمات الأساسية لكل هؤلاء، رغم التحديات الاقتصادية المتزايدة، ومحدودية الدعم الذى يقدمه المجتمع الدولى، والذى لا يتناسب مع حجم الأعباء التى تتحملها مصر.

.. وأخيرًا، لا تزال مصر تفتح أبوابها أمام الذين اضطرتهم الظروف إلى مغادرة بلادهم، وتوفر لهم الملاذ الآمن، وتتعامل معهم من منظور إنسانى يكفل لهم العيش بكرامة على أراضيها، وتمنحهم كل الحقوق، التى يحصل عليها المصريون، وتتيح لهم كل ما لديها، دون كثير من الكلام.