رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر الإفريقية فى نيروبى

خامس قمة إفريقية تنسيقية مصغرة، أو النسخة الخامسة من القمة التنسيقية نصف السنوية للاتحاد الإفريقى، أقيمت إذن، فى العاصمة الكينية نيروبى، أمس الأحد، واستعرض فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى خطة الرئاسة المصرية الحالية للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإفريقية للتنمية، الـ«نيباد». وبصفته الرئيس الحالى لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، استعرض أمام جلسة تناولت البند الخاص بتغير المناخ والاقتصاد الأزرق، الجهود المصرية فى مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية على دول القارة السمراء.

أولويات الرئاسة المصرية الخمس لوكالة الـ«نيباد»، كما أوضحنا أمس، تهدف إجمالًا إلى تعزيز مسار التكامل الاقتصادى بين دول القارة، الذى كان أبرز خطواته «منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية»، التى تم إطلاقها، خلال سنة الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى. كما تستهدف تحقيق شعار وأهداف أجندة التنمية الإفريقية ٢٠٦٣، والأهداف الاستراتيجية التى توافقت عليها القمم الإفريقية المتعاقبة: قارة متكاملة ومزدهرة، يسودها السلام، يمسك مواطنوها بزمام قيادتها، وتمثل قوة مؤثرة فى الساحة الدولية.

ترأست مصر الاتحاد الإفريقى سنة ٢٠١٩، وتسلمت الرئاسة الدورية لتجمع «الكوميسا»، بين نوفمبر ٢٠٢١، ويونيو الماضى، وتتولى خلال العامين، الجارى والمقبل، رئاسة الـ«نيباد»، وبينهما ترأست فى أكتوبر ٢٠٢٠ «مجلس السلم والأمن» التابع للاتحاد الإفريقى. وكنا قد أشرنا أمس إلى أن القمة الإفريقية التنسيقية المصغرة، جرى استحداثها خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، ضمن جهود الإصلاح المؤسسى، وفى إطار محور تقسيم العمل والمهام بين مفوضية الاتحاد والتجمعات الاقتصادية الإقليمية.

مع تركيزها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالقارة السمراء، أولت الرئاسة المصرية لتلك الكيانات اهتمامًا بالغًا بمد جسور التواصل الثقافى والحضارى بين الشعوب الإفريقية، وتحقيق الاندماج الإقليمى، ودعم جهود منع الصراعات والوقاية منها والوساطة فى إنهائها، وتعزيز الآليات الإفريقية لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد الصراعات، عبر إنشاء مركز يهدف إلى تعزيز التحول الهيكلى ومنع تجدد الصراعات. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن فكرة إنشاء «مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات»، اقترحتها مصر، ورحب بها البيان الختامى للقمة الإفريقية، الصادر فى ٣١ يناير ٢٠٢١، وفى ٣٠ ديسمبر التالى، تم إطلاق المركز، رسميًا، فى القاهرة، كوكالة فنية متخصصة تابعة للاتحاد الإفريقى.

الثابت هو أن السنوات التسع الماضية شهدت إقامة أهم وأكبر المشروعات التنموية المصرية بالقارة السمراء. وقولًا وفعلًا، سخرت مصر كل إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى المشترك إلى آفاق أرحب، وأكدت حرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية لدول وشعوب القارة، وقامت بنقل التجارب والخبرات الفنية المصرية إلى الأشقاء، سواء من خلال جهود صندوق الدعم الفنى للخارجية المصرية، أو عبر «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية»، إضافة إلى الوجود الكبير للشركات والمؤسسات المصرية فى قطاعات الصحة، الزراعة، الثروة الحيوانية، الاستزراع السمكى، الطاقة، الاتصالات، تطوير البنية التحتية، و... و... وغيرها من المجالات.

استهدافًا لتحقيق مصالح القارة، أيضًا، ولتحقيق التكامل القارى فى مواجهة التغيرات المناخية، جاءت رئاسة مصر واستضافتها قمة المناخ، كوب ٢٧، كما أوضح الرئيس السيسى، فى كلمته الثانية، من منطلق حرصها على المشاركة بفاعلية فى صياغة الجهد الدولى للتعامل مع هذه الأزمة، ولتأكيد التزام القارة بدفع أجندة العمل المناخى، بما يتناسب مع مبدأى الإنصاف والمسئولية المشتركة مُتباينة الأعباء، ويأخذ فى اعتباره الظروف الوطنية للدول. كما أوضح الرئيس، مجددًا، أن قارتنا الإفريقية هى الأكثر تضررًا، من تغير المناخ وتأثيراته، التى تتنوع ما بين تهديد المناطق الساحلية وازدياد حدة الجفاف والتصحر وشح الموارد المائية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى، بعد استعراضه رؤية مصر الخاصة بقيادة الـ«نيباد»، تعهد بأن يسعى جاهدًا إلى ترجمة هذه الرؤية إلى مبادرات قابلة للتنفيذ، بالتنسيق مع أشقائه رؤساء الدول والحكومات أعضاء اللجنة التوجيهية، وبالاعتماد على سكرتارية الوكالة، مؤكدًا استعداد مصر للعمل بكل جهد وإخلاص، لتعميق التكامل الاقتصادى بين دول القارة، ودفع مُعدلات التنمية فيها، وصولًا إلى رفع مستوى معيشة شعوبها.