رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تقود عملية إنقاذ.. خبراء يشيدون بقمة دول جوار السودان: تدعم الحل السياسى وتُحد من تداعيات الأزمة

السودانيين
السودانيين

أكد خبراء سياسيون أن قمة دول جوار السودان، التى ستستضيفها مصر بعد غدٍ الخميس، ستدعم الحل السياسى وإنهاء الأزمة فى السودان والحد من تداعياتها على دول الجوار، التى تعرضت لتأثيرات مباشرة نتيجة استمرار هذه الأزمة.

وأوضح الخبراء أن القمة ستبحث سبل إنهاء الصراع الحالى، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة فى السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى.

وأشاروا إلى أن المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، المستشار أحمد فهمى، ذكر أن القمة تأتى فى ظل الأزمة الراهنة فى السودان، وحرصًا من الرئيس عبدالفتاح السيسى على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المباشر للسودان، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السودانى، وتجنيبه الآثار السلبية التى يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل.

وحول القمة، قالت شمائل النور، الإعلامية والسياسية السودانية، إن السودانيين ودول الجوار، خاصة مصر، بحاجة شديدة لوقف الحرب الآن وليس غدًا، بشكل لا يقل عن حاجة السودانيين أنفسهم لذلك، موضحة أن أى جهد لوقف الحرب ينبغى أن يجد دعمًا، لكن قبل ذلك لا بد من توافر الإرادة لدى السودانيين أولًا.

وأشارت شمائل النور، خلال حديثها لـ«الدستور»، إلى أن مصر تعمل حاليًا على تعزيز جهودها لإنهاء الأزمة، بما يليق بحجم علاقتها بالدولة الجارة، وبحجم الضرر المترتب عليها من هذه الحرب.

وأكدت أن مصر وتشاد، باعتبارهما دولتى جوار، يمكن أن تؤثرا بشكل كبير وفاعل فى السودان، سواء من خلال مستوى علاقاتهما بالأطراف السودانية السياسية والعسكرية، أو بسبب مستوى الضرر المترتب عليهما من الأزمة بحكم هذا الجوار.

فيما قالت نرمين سعيد كامل، الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن قمة القاهرة، التى دعت إليها مصر، ستعمل على عدة ملفات، من أهمها التأكد من التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ويجب أن يتم ذلك بشرط تحقق عدد من المعايير التى تأخذ فى الاعتبار الجوانب الإنسانية للأزمة فى السودان، ومنها خروج القوات العسكرية التى تحتل المستشفيات والمنازل الخاصة بالمواطنين، وأيضًا ممارسة النهب والسرقة من المحال والبنوك والمقار العسكرية وغيرها.

وقالت الباحثة، لـ«الدستور»: «الملفات المهمة بالنسبة لدول الجوار هى التى تتعلق بالوضع الأمنى على الحدود، مثل الحدود بين مصر والسودان، وذلك يشمل مسألة تعزيز الأمن على هذه الحدود».

وأضافت: «جنوب السودان وإفريقيا الوسطى من الدول المجاورة للسودان، ومسألة ضبط الحدود بالنسبة إليهما هى أمر مهم جدًا، لأنه يسمح بمنع دخول النازحين بشكل غير قانونى، أو باستخدام أوراق مزورة، كما يعمل على تقليل مخاطر انتشار الإرهاب عبر الحدود».

واستطردت: «فى حالة تفاقم الأزمة الإنسانية للنازحين يمكن أن تمتد الآثار السلبية لتؤثر على دول الجنوب الأوروبى، عبر الاستفادة من الحدود غير المنضبطة لتسهيل تهريب المسيحيين السودانيين لهذه الدول، ويمكن أيضًا أن يتم استغلال الوضع لشن هجمات إرهابية على أوروبا».

وأوضحت أن دور مصر فى الدعوة لقمة دول جوار السودان فى القاهرة يأتى استكمالًا للدور الذى لعبته منذ بداية الأزمة فى السودان، فى أبريل الماضى، لافتة إلى أن القاهرة اتخذت العديد من الإجراءات بالتنسيق مع جنوب السودان والجامعة العربية.

وتابعت: «القاهرة تحاول الآن العمل ضمن نطاق إفريقى أوسع، ويمكن أن يكون لهذه القمة تأثير إيجابى على الأزمة السودانية، فى ظل ما تعانيه دول الجوار من مشكلات فيما يتعلق بعدد النازحين وموجات الإرهاب، والضغوط على البنية التحتية، وكل ذلك يدفع تلك الدول لتكون أكثر اهتمامًا بإيجاد حلول للأزمة السودانية، وحتى توفير آليات لتنفيذ تلك الحلول».

وأردفت: «قمة دول الجوار ربما تلعب دورًا كبيرًا، خاصة بعد رفض أطراف فى السودان التفاوض عبر الاتحاد الإفريقى بسبب تعليق عضوية الخرطوم فى الاتحاد، ومن ناحية أخرى، يرفض السودان تدخل بعض الأطراف الإفريقية الأخرى، بقيادة كينيا، كما أنه رفض ترؤس اللجنة الرباعية التى عقدت اجتماعها فى جيبوتى، وتتألف من حكومتى إثيوبيا وإريتريا بالإضافة إلى كينيا وجيبوتى، لأن وساطة بعضهما غير محايدة، لاستضافتها ميليشيا الدعم السريع وإيواء المقاتلين، لذا فإن قمة دول الجوار يمكنها أن تلعب دورًا بديلًا، وتكون قادرة على ملء الفراغ».

ولفتت الباحثة نرمين كامل إلى أن هناك آفاقًا مختلفة للتدخلات من أجل إنهاء الأزمة فى السودان، مع بذل العديد من الجهود فى هذا الإطار، خاصة بعد أن رحبت القوات المسلحة السودانية بدور روسى فى حل الأزمة، فيما رحب آخرون بدور تركى، مع الحديث عن عودة المحادثات فى جدة، مشددة على أن قمة القاهرة ستكون لها أهمية كبيرة فى هذا السياق. 

واختتمت حديثها بالقول: «استمرار الأزمة فى السودان يمكن أن يؤدى إلى تفاقم الوضع واندلاع حروب فى مناطق أخرى من البلاد، وربما يؤدى حتى إلى انفصال بعض الولايات عن السودان، لذا، فإنه يجب البحث عن حل سلمى للأزمة، والتفاوض بين الأطراف المختلفة يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا فى تحقيق ذلك الحل، وعلى المجتمع الدولى أن يتحرك بشكل فعال لدعم هذه المفاوضات، والتأكيد على أهمية إنهائها بنجاح لضمان الاستقرار والسلام فى السودان، والحد من الأزمات الإنسانية التى يتعرض لها المدنيون الأبرياء فيه».

من جانبها، أكدت رحمة حسن، الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تعدد المبادرات الدولية والإقليمية لاحتواء الأزمة السودانية دفع القيادة السياسية فى مصر لجمع الشركاء فى الجوار السودانى، من أجل وضع خطوات عملية تضمن وقفًا مستدامًا لإطلاق النار، مع التأكيد على وحدة الدولة السودانية وأهمية الحفاظ على مؤسساتها، وضمان عدم التدخل الخارجى فى القضية بشكل يضر استقرار البلاد.

وقالت: «المبادرة المصرية جاءت للحفاظ على مقدرات الدولة السودانية، مع الوقوف على الأسباب الحقيقية للنزاع، وضمان عدم اتهام أطراف إقليمية لأحد طرفى النزاع على حساب الآخر، كما حدث فى مبادرة الإيجاد، التى أقرت وساطة إقليمية رفضها الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة».

وأضافت، خلال حديثها لـ«الدستور»: من المتوقع أن تناقش القمة المصرية تداعيات الأزمة على دول الجوار من الناحية الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية، لأن رؤساء وحكومات دول الجوار السبع، وهى: «مصر وتشاد وجنوب السودان وليبيا وإثيوبيا وإريتريا وإفريقيا الوسطى»، تعى الدور المهم للجيوسياسية السودانية، من ناحية أمن البحر الأحمر والأمن الداخلى للمنطقة، نتيجة قرب التكتل من دول الساحل والصحراء والغرب الإفريقى، وهى المنطقة الأكثر تأثرًا بالإرهاب.

وتابعت: توصف منطقة الساحل والصحراء بأنها منطقة هشة أمنيًا، فى ظل وجود تنافس دولى عليها، كما ازداد الأمر بعد أزمة قوات شركة «فاجنر» الروسية، التى تلعب أدوارًا هناك، وتمردها على الدولة الروسية، الذى قد يؤثر على وجودها فى الدول التى ترتبط موسكو باتفاقيات عسكرية معها.

واستطردت: «المراقبون يتخوفون كذلك من انتقال الصراع القبلى والإثنى فى السودان إلى دول الجوار، خاصة الصراع فى الغرب فى دارفور مع احتمالات تمدده إلى تشاد، وأيضًا تأثير الحرب فى الخرطوم على الشرق السودانى، الذى يرتبط بحدود مضطربة بالفعل مع إثيوبيا ويتشابك مع إريتريا، وفى الجنوب أيضًا، فإن عدم استقرار ولايتى كردفان والنيل الأزرق قد يعمق من الأزمات الحدودية مع جنوب السودان، وهو ما ظهر فى أزمات اللاجئين وعمليات النزوح الداخلى، ما أثر على اقتصادات تلك البلدان، ومنها الدولة المصرية التى فتحت حدودها لاستقبال الفارين السودانيين من النزاع».

وأشارت إلى أن كل تلك الاضطرابات الأمنية قد تؤدى إلى سيطرة الجماعات المسلحة على الموارد الاقتصادية، لدعم وجودها من ناحية، والاستفادة من تهريب الثروات الطبيعية من السودان من ناحية أخرى.

من جهته، أكد الخبير والسياسى السودانى الدكتور أحمد المفتى أن مصر أكثر الدول فهمًا للوضع فى السودان وعلاقتها مع السودان مصيرية. 

واعتبر «المفتى» أن مصر تحركت متأخرًا بسبب العديد من الاعتبارات، منها وجود آليات دولية مثل مجلس الأمن، وإقليمية مثل الاتحاد الإفريقى، ومصر عضو فيهما، وحين رأت تعسر هذه الآليات رأت أنه من الأجدى أن تتحرك مباشرة.

وقال إن السودان يحتج على موقف الاتحاد الإفريقى، الذى يجمد عضويته، بجانب إشراك كينيا التى تستضيف قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو فى نيروبى بحجة تلقى العلاج، كما ورد فى بعض وسائل الإعلام، لذا فالموقف السودانى سيصب فى مصلحة التحرك المصرى.