رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

داعش يلعب فى ألمانيا!

البيان الصادر، أمس الخميس، عن الادعاء العام الاتحادى فى ألمانيا، لم يكشف فقط عن وجود خلية تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابى فى ولاية شمال الراين فيستفاليا، بل أشار أيضًا إلى وجود عناصر تابعة لتلك الخلية فى هولندا، التى كشف ممثلو الادعاء فيها، فى بيان منفصل، عن إلقاء القبض على رجل وزوجته، يقيمان فى البلاد منذ سنة ٢٠٢٢، ويحملان جنسيتى طاجيكستان وقرغيزستان، ويشتبه فى انتمائهما للتنظيم الإرهابى نفسه، وتلقيا أوامر بالتخطيط لشن هجوم على الأراضى الهولندية!.

الخلية الإرهابية، التى تم إلقاء القبض عليها، بحسب البيان الأول، تضم سبعة أفراد، يحملون جنسيات تركمانستان وطاجيكستان وقرغيزستان، ودخلوا إلى ألمانيا عبر أوكرانيا، بعد وقت قصير من بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، وجمعوا أموالًا، منذ أبريل ٢٠٢٢ وحولوها إلى تنظيم «داعش» فى الخارج، ثم شكلوا تنظيمًا إرهابيًا، فى يونيو التالى، وكانوا يحاولون الحصول على أسلحة، لـ«القيام بهجمات ذات تأثير على الرأى العام بألمانيا وفقًا لمفهوم تنظيم داعش». واللافت، أن الإعلان عن إلقاء القبض على هذه الخلية، يأتى بعد أسبوع بالضبط من صدور تقرير أكدت فيه «لجنة مستقلة»، تضم ١٢ عضوًا، أن ما يعانيه المسلمون فى ألمانيا من تمييز متزايد، يستوجب اتخاذ إجراءات متضافرة لمكافحة الكراهية والانحياز ضدّهم!. 

هزات أمنية عديدة تعرضت لها ألمانيا، خلال السنوات العشر الأخيرة، بسبب تعامل حكومة أنجيلا ميركل السلبى مع كيانات تربطها علاقات وثيقة بتنظيمات إرهابية، كـ«جماعة الإخوان»، التى سبق أن أكد بوركهارد فرايير، رئيس جهاز مخابرات ولاية شمال الراين فيستفاليا، أن تأثيرها على الديمقراطية الألمانية أكثر خطورة من تأثير السلفيين الراديكاليين الذين يدعمون القاعدة أو داعش. وأشار إلى أن «الجمعيات المقربة من الإخوان المسلمين تستقطب بشكل متزايد اللاجئين من دول عربية لتجنيدهم من أجل تحقيق أهدافها». 

ما يثير الدهشة، وربما الريبة، هو أن مؤسسات ألمانية رسمية، لا تزال تدعم جماعات إرهابية، وتفتح وسائل إعلامها، كـ«دويتشه فيله»، مثلًا، لمن يبررون جرائمها ويقومون بالتخديم عليها. مع أن وزراء داخلية الولايات كانوا قد اجتمعوا، فى ١٨ أكتوبر ٢٠١٩، واتفقوا على خطوات إضافية يمكن اتخاذها لمواجهة الإرهابيين من بينها تشديد الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعى وعلى مجتمع ألعاب الفيديو!. 

سهولة التعاملات النقدية، جعلت ألمانيا أرضًا خصبة لعصابات الجريمة المنظمة، وحين فتحت أبوابها أمام اللاجئين، سنة ٢٠١٥، دون تدقيق أمنى، تسلل إليها عدد كبير من المتطرفين، وقاموا بتكوين شبكات إرهابية، كتلك التى داهمت الشرطة والأجهزة الأمنية الألمانية، فى أكتوبر ٢٠٢١، عشرات المنازل والمكاتب التابعة لها، للاشتباه فى قيامها بمساعدة وتمويل وتسهيل أعمال تنظيمات إرهابية فى سوريا وتركيا، إضافة إلى قيامها بأعمال غير مشروعة أخرى، بدءًا من تجارة المخدرات، وليس انتهاءً بالتهرب من الضرائب والاحتيال على الدولة للحصول على إعانات اجتماعية!.

الصدفة وحدها، قادت إلى اكتشاف هذه الشبكة، بعد تعرض سورى لحادث سير على الحدود الألمانية الهولندية، وعثور رجال من الجمارك على حقيبة رياضية بداخلها ٣٠٠ ألف يورو. ثم قادت التحقيقات إلى إلقاء القبض على عشرات المشتبه فيهم، فى عمليات مداهمة منسقة بين مختلف الأجهزة والجهات الألمانية على المستوى الفيدرالى. وخلال مؤتمر صحفى، أكد المدعى العام الألمانى، وقتها، أن الأصول الرئيسية لهذه الشبكة كشفت عن تعاملها مع جهات مشكوك فيها خارج البلاد، وعن مزيد من الشبكات الناشطة على الأراضى الألمانية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن ملف مكافحة الإرهاب لم يكن بين الموضوعات التى نوقشت خلال الاتصال التليفونى الذى تلقاه سامح شكرى، وزير الخارجية، أمس الأول الأربعاء من نظيرته الألمانية، أنالينا بيربوك، بحسب البيان الصادر عن الخارجية المصرية، الذى قال إن الوزيرين أكدا حرص القاهرة وبرلين على تعزيز العلاقات الثنائية والارتقاء بها فى مختلف المجالات، وأشادا بالزخم الذى يشهده التعاون الاقتصادى بين البلدين.