رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسامير فى نعش تويتر!

اليوم، الخميس، تطلق شركة «ميتا» منصة جديدة للتدوينات القصيرة، اسمها «Threads» أو «خيوط»، سيكون مسموحًا لمستخدمى «إنستجرام»، الاشتراك فيها، بعدد المتابعين أنفسهم، وسط توقعات بأن تستحوذ هذه المنصة على جزء كبير من حصة «تويتر» فى سوق شبكات التواصل الاجتماعى، خاصة بعد السياسات، القواعد أو التعقيدات، التى استحدثها، ولا يزال، إيلون ماسك، صاحب المنصة الأخيرة، التى كان آخرها إعلانه عن وضع «سقف» لعدد التغريدات، التى يستطيع المستخدمون قراءتها يوميًا!.

تملك شركة «ميتا» منصات «فيسبوك»، «واتساب» و«إنستجرام»، وفى إعلان نشرته منذ أيام وصفت «ثريدز» بأنها «منصة تجتمع فيها المجتمعات لمناقشة كل شىء، بدءًا من الموضوعات التى تهتم بها اليوم وصولًا إلى ما سيشغل العالم غدًا». وفى المقابل، استعان «ماسك» بتغريدة كتبها جاك دورسى، مؤسس تويتر، يتهم فيها شركة «ميتا» بأنها ستستخدم المنصة الجديدة لجمع معلومات المستخدمين الشخصية!. 

تتنافس مع شبكة «تويتر»، حاليًا، عدة منصات أمريكية، أبرزها «تروث سوشيال»، Truth Social، المملوكة للرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، الذى كان قد أقر، بعد شهرين من توليه الرئاسة، بفضل شبكة «تويتر» فى وصوله إلى السلطة. وقال لقناة فوكس نيوز، فى ١٦ مارس ٢٠١٧: «لولا تويتر لما كنت هنا». غير أنه سرعان ما بدأ يهاجم الشبكة وكل شبكات التواصل ويتهمها بأنها تمارس تمييزًا ضد الجمهوريين. ثم حاولت إدارته تجريد تلك الشبكات من الحماية، التى توفرها المادة ٢٣٠ من قانون تنظيم الاتصالات الأمريكى، التى نصت على عدم مسئوليتها عن المحتوى الذى ينشره مستخدموها.

التعامل الأمريكى الرسمى مع شبكات التواصل الاجتماعى، اختلف تمامًا بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض، ليس فقط بسبب ما أشيع عن استخدامها فى التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية، ولكن أيضًا لأن الرئيس السابق كان يعتمد بشكل أساسى على حسابه فى «تويتر»، للإعلان عن جدول أعماله وقراراته ومهاجمة منتقديه، ورأى فيه تعويضًا عن وسائل الإعلام التقليدية التى كانت تناصبه، أو يناصبها، العداء. غير أن الشبكة قامت، لاحقًا، مع باقى شبكات التواصل الأمريكية، بحظر حسابات ترامب وعدد كبير من مؤيديه، مع أنها لم تقترب من حسابات قيادات وأعضاء داعش والقاعدة والإخوان، وغيرها من التنظيمات الإرهابية، التى لم تتوقف عن نشر تغريدات ومقاطع فيديو، تحض على الكراهية، وتحرّض أحيانًا على القتل!.

هناك أيضًا، منصات غير أمريكية، مثل «كوو»، KOO، الهندية، التى تم إطلاقها فى مارس ٢٠٢٠، اكتسبت شهرة كبيرة، حين تحدث عنها ناريندرا مودى، رئيس الوزراء الهندى، فى خطاب عام، كان يستعرض فيه رؤيته لبناء «الهند المعتمدة على الذات». ثم حدث التطور الأكبر، عندما أعلن وزراء وقياديون فى حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم، ومشاهير، أوائل ٢٠٢١، عن مغادرتهم «تويتر» إلى «كوو»، ردًا على رفض الأولى حذف تغريدات رأت الحكومة الهندية أنها تتضمن معلومات مضللة عن احتجاجات المزارعين. وتكرر الشىء نفسه، حين قامت «تويتر» بحظر حساب كانجانا رانوت، نجمة السينما الهندية.

التتابع نفسه تقريبًا، حدث فى نيجيريا، حين قامت شبكة «تويتر» فى يونيو ٢٠٢١، بحذف تغريدة للرئيس النيجيرى محمد بخارى، كان يهدد فيها المسئولين عن أعمال العنف فى جنوب شرق البلاد، بزعم أن تلك التغريدة خالفت قواعد الاستخدام، فردَّت الحكومة النيجيرية بتعليق نشاط «تويتر»، وخلال ساعات، قام الوزراء وكبار المسئولين بفتح حسابات على «كوو». الأمر الذى استغلته الشركة المالكة للتطبيق الهندى، وقامت فى أغسطس التالى بافتتاح مكتب لها فى لاجوس، أكبر مدن نيجيريا وغرب إفريقيا. ووقتها، أعلن رادهاكريشانا، الرئيس التنفيذى للشركة، عن اعتزامه التوسع فى إفريقيا، ثم فى جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية، متعهدًا بأن يكون «كوو» صوت من لا صوت لهم.

هناك، إذن، مسامير عديدة فى نعش «تويتر» قامت الإدارة السابقة بدقها، وبينما كنا نتوقع أن يقوم إيلون ماسك بنزعها، بعد استحواذه على الشركة، أو الشبكة، مقابل ٤٤ مليار دولار، فوجئنا به يدق مسامير جديدة، كان أحدثها، كما أشرنا، وضع «سقف» لعدد التغريدات، التى يستطيع المستخدمون قراءتها يوميًا!.