رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رجل الناتو الثالث عشر

حلف شمال الأطلسى، الناتو، قرر، أمس، تمديد ولاية ينس ستولتنبرج، الأمين العام الثالث عشر، لسنة جديدة، تنتهى فى ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤، ما قد يعنى أن الرجل الذى تولى المنصب، فى أول أكتوبر ٢٠١٤ بعد أشهر قليلة من ضم روسيا شبه جزيرة القرم، قد لا يغادره حتى تنتهى الأزمة الروسية الأوكرانية!

تأسس حلف الناتو فى ٤ أبريل ١٩٤٩، بموجب معاهدة وقعت عليها ١٢ دولة بالعاصمة الأمريكية واشنطن، نصت على أن أى «اعتداء مسلح ضد دولة أو أكثر فى أوروبا أو أمريكا الشمالية سيُعدّ اعتداءً على الدول جميعًا، ويستوجب أن تتخذ كل الدول الإجراءات التى تراها ضرورية، بما فيها العمل العسكرى». وفى ٢٤ مارس ١٩٥٢، اختارت دول الناتو أول أمين عام للحلف. وبعد ثلاثة بريطانيين، وثلاثة هولنديين، وبلجيكيين وإيطالى وألمانى وإسبانى ودنماركى، وقع الاختيار على النرويجى ينس ستولتنبرج، ليكون الأمين العام الثالث عشر، وأول أمين عام من دولة مجاورة لروسيا، وأول أمين عام يتم تجديد ولايته أربع مرات!

المولود فى ١٦ مارس ١٩٥٩، تولى رئاسة وزراء النرويج مرتين، الأولى بين ٢٠٠٠ و٢٠٠١، والثانية بين ٢٠٠٥ و٢٠١٣، وخلفًا للدنماركى أندرس فوج راسموسن، الذى شغل منصبه منذ ١ أغسطس ٢٠٠٩ حتى ٣٠ سبتمبر ٢٠١٤، وتولّى منصب أمين عام الناتو، وفى ١٢ فبراير الماضى، أكدت أوانا لونجيسكو، المتحدثة الرسمية باسمه، أنه لا يريد تمديدًا جديدًا لولايته، لكن ستولتنبرج نفسه، كتب، أمس، فى حسابه على تويتر: «تشرفت بقرار أعضاء حلف شمال الأطلسى تمديد ولايتى»!

وثيقة تأسيس الحلف حملت توقيعات بريطانيا، كندا، الدنمارك، فرنسا، بلجيكا، أيسلندا، إيطاليا، لوكسمبورج، هولندا، النرويج، البرتغال، والولايات المتحدة. ولاحقًا، انضمت اليونان وتركيا سنة ١٩٥٢، ثم ألمانيا الغربية سنة ١٩٥٥، وبعد ٢٧ سنة انضمت إسبانيا فى ١٩٨٢، ثم ظل الحلف يتمدد، وعدد الدول الأعضاء يتزايد، حتى وصل فى أبريل الماضى إلى ٣١ دولة، إضافة إلى ٢١ دولة تشارك فى برنامج الشراكة من أجل السلام التابع للحلف، و١٧ دولة حاصلة على صفة وضع «حليف رئيسى» خارج الحلف، «MNNA»، وهى صفة يمنحها الحلف للدول التى لديه معها علاقات قوية، حتى تستفيد من مزايا فى صفقات الأسلحة والتنسيق الأمنى، كتلبية احتياجاتها بشكل عاجل من المعدات وتزويدها بالفائض منها مجانًا، وإعطاء قواتها أولوية فى التدريبات.

خمس دول، إلى الآن، انضمت للحلف خلال ولاية ستولتنبرج: ألبانيا وكرواتيا فى أول أبريل ٢٠٠٩، والجبل الأسود فى ٥ يونيو ٢٠١٧، ومقدونيا فى ٢٨ مارس ٢٠٢٠ وفنلندا فى ٥ أبريل الماضى، وقد تصبح السويد السادسة خلال ولاية المذكور، والثانية والثلاثين فى الحلف، لو تمكنت من حل مشكلاتها مع المجر وتركيا، كما سيكون انضمام أوكرانيا على جدول أعمال قمة الحلف المقرر أن تستضيفها العاصمة الليتوانية فيلنيوس، خلال يوليو الجارى، لكن ستولتنبرج أقر فى كلمة ألقاها أمام صندوق جيرمان مارشال فاند، فى مايو الماضى، بأن هناك انقسامًا داخل الحلف بشأن هذا الأمر، وأشار إلى أن «اتخاذ القرار فى الناتو يتم بالإجماع».

بالفعل، لا يوجد تصويت داخل الحلف، ولا يتم اتخاذ قراراته بالأغلبية، بل بالإجماع أو التوافق أو الاتفاق المشترك. ما يعنى أن كل دول الحلف تتحمل، بمشاركة الولايات المتحدة، مسئولية الأزمة لأوكرانية، التى كان أبرز أسبابها توسع الحلف شرقًا، دون مراعاة المخاوف الأمنية لروسيا. ويمكنك أن تضيف إلى ذلك أن البيان الختامى لقمة الحلف السابقة، التى استضافتها العاصمة الإسبانية مدريد، ندّد بـ«الشراكة الاستراتيجية العميقة» بين روسيا والصين، واتهم البلدين بأنهما يحاولان زعزعة استقرار النظام العالمى!

.. وأخيرًا، يكاد دور الأمين العام لحلف شمال الأطلسى يقتصر على إدارة الوكالات المدنية، ورئاسة اجتماعات مجلس الحلف، بينما تحتفظ كل الدول الممثلة فى المجلس أو فى لجانه الفرعية بمسئوليتها الكاملة عن قراراتها. وبالتالى، لن يختلف المعنى كثيرًا، لو قرأت «رجل»، فى العنوان، بكسر الراء وتسكين الجيم.