رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيام الثورة والخلاص.. شكرى أبوعميرة: الرئيس السيسى رفض استهداف «طبق الإرسال» فى «رابعة» خوفًا من سقوط ضحايا وقال «ولا واحد يموت»

الدكتور محمد وشكرى
الدكتور محمد وشكرى أبو عميرة

كشف المخرج شكرى أبوعميرة، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقًا، عن كواليس ما حدث داخل التليفزيون المصرى فى فترة حكم جماعة الإخوان، وكيف كانت تتدخل لقمع أى رأى معارض لتوجهاتها، وحاولت طمس الحقائق وتزوير ما حدث خلال مظاهرات ثورة ٣٠ يونيو.

وقال «أبوعميرة»، خلال حواره مع برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الكاتب الصحفى والإعلامى الدكتور محمد الباز، عبر قناة «إكسترا نيوز»، إن مستشار الرئيس المعزول محمد مرسى لشئون ماسبيرو كان دائم التدخل فى شئون التليفزيون، وكان منزعجًا للغاية من إذاعة بيانات القوات المسلحة قبل بيانات الرئاسة.

وأضاف أن وزير الإعلام الإخوانى، صلاح عبدالمقصود، أمره بتزييف الحقائق وفبركة صورة منافية لحقيقة ما حدث يوم ٣٠ يونيو من مظاهرات عارمة، لكنه رفض توجيهاته وأصر على تقديم الحقيقة وتوضيح إرادة المصريين.

■ كيف رصدت خطة جماعة الإخوان للسيطرة على الإعلام المصرى واختراقه؟

- نشأت وتربيت فى مبنى ماسبيرو العريق منذ بداية مسيرتى، وأخرجت أعمالًا فنية كبيرة، ولم تكن الإدارة من اهتماماتى، إلى أن شاءت الأقدار بأن أتولى رئاسة القناة الأولى عام ٢٠١١، والحقيقة أن ما حدث فى ثورة ٢٥ يناير كان درسًا للتليفزيون المصرى كله، حيث ابتعدنا كثيرًا عن المشهد، وكان لتلك الأحداث تأثير سلبى على التليفزيون والإذاعة المصرية، وعندما توليت مسئولية قيادية كان همى الكبير هو إزالة الصورة السلبية من أذهان الشعب المصرى، وتوليت رئاسة التليفزيون وقت حكم الإخوان، وكان هدفى هو تقديم وإظهار إرادة المصريين.

■ هل صدرت توجيهات ضد مذيعين معينين وقت حكم الإخوان؟

- شهدت تلك الفترة توجيهات من الإخوان بإيقاف مذيعين ورؤساء تحرير خلال أحداث مصيرية، منهم عبدالناصر البنا، وكانت توجيهاتى حينها هى تقديم المُعارض لحكم الإخوان وعرض المواقف المختلفة بحيادية تامة، لكن هذا لم يرق للجماعة، وكانت لديها تحفظات على استضافة العديد من الشخصيات السياسية.

■ ما كواليس إيقاف برنامج «حديث المدينة» للراحل مفيد فوزى؟

- تم إيقاف برنامج «حديث المدينة» فى عهد الإخوان، لكنى تدخلت وتواصلت معه وقتها، وطلبت منه العودة لبرنامجه، وقلت له: «لازم تاخد نفس الأجر اللى بياخده المذيع».

■ كيف استقبلت خبر تعيين وزير الإعلام الإخوانى صلاح عبدالمقصود؟ وكيف تم التعامل معه؟

- كنت أعرفه منذ أن كان مسئولًا فى نقابة الصحفيين، وكنت وقتها مسئولًا فى نقابة السينمائيين، وكان يحدث بيننا تعاون فى مشروع العلاج الطبى، وقابلته وباركت له وقلت له: «إحنا عايزين نقدم إرادة المصريين أيًا كانت، وتقديم كل ما هو يمثل إرادة الشعب المصرى»، وقال لى: «آه طبعًا»، وبدأت أعمل مع رؤساء القطاعات على استضافة الرأى والرأى الآخر.

■ هل حاول أحد قيادات جماعة الإخوان التدخل فى سياسة التليفزيون؟

- كنت أعمل من مكتب رئيس التليفزيون بالدور الثامن، ومن مكتب رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون بالدور الثامن أيضًا، وذات مرة أبلغونى بحضور أحمد عبدالعزيز، مستشار الرئيس المعزول محمد مرسى، وقال لى: «مش إحنا بعد ٢٠١١ قلنا إن القوات المسلحة متبقاش الخبر الأول»، قلتله: «لأ يا فندم، بعد ٢٠١١ أنا مُصر أن القوات المسلحة تكون الخبر الأول مش الرئيس»، قال لى: «إزاى؟.. هو مش الرئيس مبارك كان الخبر الأول؟».. قولتله: «إحنا بعد ٢٠١١ أنا خدت قرار بكده»، وكان منزعجًا جدًا من إذاعة بيان الجيش قبل بيان الرئيس، وكانت تأتى التعليمات من وزير الإعلام وقتها، وكان هناك تدخل دائم من مستشار «مرسى» فى عمل التليفزيون، وجاء لى رئيس قطاع الأخبار إبراهيم الصياد وقتها وأبلغنى برفض العاملين التعامل مع تدخلاته، وكانت هذه الواقعة قبل ٣٠ يونيو بأسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

■ ماذا عن تدخلات مستشار «مرسى» فى منع ظهور المذيعين؟

- تدخل أحمد عبدالعزيز لوقف مذيع بـ«راديو مصر»، وقلت للعاملين بالراديو وعلى رأسهم المذيع المعروف ماهر عبدالعزيز: «هذا المذيع سيعود فورًا، وكل هذه الأمور ستنتهى».

وعاد لعمله فعلًا، أما واقعة محاولة استبعاد المذيع جورج رشاد فكانت يوم ثورة ٣٠ يونيو صباحًا، حيث قال على الشاشة: «صباح ثورة ٣٠/٦»، واتصل بى الوزير وقال لى: «ده يتشال من على الشاشة فورًا، قولتله طبعًا لازم يتشال».

■ ما تفاصيل إذاعة مؤتمر حركة تمرد على القناة الأولى؟

- لم يتدخل أحد لإذاعة مؤتمر حركة تمرد على القناة الأولى خلال ٣٠ يونيو، وبعد بيان ٣ يوليو، نقلنا الصورة ضمن استراتيجيتنا لتقديم إرادة المصريين، وكان العاملون فى التليفزيون يثأرون من كل الأوضاع الخاطئة، وحدثنى وزير الإعلام وقتها وعنفنى وقال لى: «الرئيس زعلان جدًا»، فقولتله: «إحنا اتفقنا إننا هنقدم إرادة المصريين».

■ هل كان يتم فرض شخصيات أو متحدثين بعينهم فى البرامج من جماعة الإخوان؟

- طبعًا كان يتم ذلك، لديهم شخصيات كانوا يفرضونها على البرامج، وكنت أتواصل مع رؤساء تحرير البرامج وأطلب منهم أن يكون الضيف من التيار المعارض قويًا جدًا، وكان يحدث ذلك، وكانت نصيحتى دائمًا للمستشارين ألا تكون الاجتماعات الرئاسية على الهواء، لكن أصرت مستشارة الرئيس باكينام الشرقاوى على أن يذاع اجتماع «بحث ملف سد النهضة» على الهواء، وأذكر وقتها أن وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى حينها لم يكن راضيًا عمّا يفعله الإخوان، وحين طُلب منى أكثر من مرة إذاعة الاجتماع كنا نذيعه فى أوقات «ميتة».

■ هل كانت هناك خطة لتغطية أحداث ثورة ٣٠ يونيو؟

- ثورة ٣٠ يونيو هى إرادة الشعب المصرى، وكان وزير الإعلام الإخوانى قد طلب منى وقتها تنفيذ خطة لتغطية ما سيحدث فى ٣٠/٦، وقدمت الخطة، واتفقنا على تقديم إرادة الشعب المصرى فى كل ميادين مصر، وكل القطاعات ستعمل معنا، ولن نعيد تكرار ما حدث فى ثورة ٢٥ يناير، ولم يكن لدى وزير الإعلام خيار بعدم الموافقة، لأن جميع رؤساء القطاعات كانوا مُصرين على تقديم إرادة الشعب.

■ ماذا حدث فى اجتماع الهيئة الإعلامية الحرة فى مدينة نصر قبل ثورة ٣٠ يونيو بيومين؟

- كنت رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وقتها، وطلب منى رئيس الهيئة الإعلامية الحرة حينها يحيى حامد، بصفته وزير الاستثمار، وقف بث إذاعة قائمة من القنوات والإذاعات فى يوم ٣٠ يونيو، ولكنى طلبت منه الرجوع إلى وزير الإعلام وأكد لى أنه يعلم بالطلب، ولكنى أخذت ٥ دقائق للتفكير بمفردى، وأخذت قرارًا بعدم وقف بث إذاعة واحدة أو قناة تليفزيونية خلال ٣٠ يونيو.

■ ماذا حدث خلال التغطية؟

- أيقنت بنهاية الإخوان وقت توافد المتظاهرين على كل الميادين يوم ٣٠ يونيو، فى الساعة الواحدة ظهرًا، ورأيت ذلك من خلال الشاشات داخل مكتبى، والتى تظهر كل القنوات وكاميرات كورنيش النيل.

وتحدثت مع وزير الإعلام الإخوانى وقتها، صلاح عبدالمقصود، حول المشهد، لكنه أنكر واتهمنى بنقل صورة غير حقيقية للأحداث، وطلب منى النظر إلى قناة «مصر ٢٥»، التى كانت تتبع هوى الجماعة وتؤيد وجهة نظرها، وكانت تفبرك الأحداث وتنقل صورة غير حقيقية، وطلب منى فبركة الصورة بصفتى مخرجًا، لكنى رفضت تزوير ما يحدث من حقيقة راسخة وقتها، وهى أن المصريين كتبوا نهاية للإخوان.

■ لماذا ظهرت سيارات بث تابعة للإذاعة والتليفزيون داخل اعتصامى رابعة والنهضة؟

- أرسل التليفزيون المصرى وقتها سيارة لنقل الصلاة من مسجد رابعة، وكان من المفترض أن تعود، لكنها لم تعد، واستطاع الإخوان وقتها طرد طاقم التليفزيون المصرى من سيارة البث والاستيلاء عليها، وبعد بيان ٣ يوليو أصدرت قرارًا بعودة جميع السيارات من النهضة ورابعة، ولكن فوجئنا بأنهم طردوا الفريق وتولت إحدى القنوات المعادية البث.

وكانت هناك محاولات عديدة من التليفزيون للتشويش على ما تبثه القنوات المعادية، بعد ٣ يوليو، عن طريق إزالة الترددات من النايل سات، والتشويش على الترددات الأخرى عبر الأقمار الباقية، وحينما سُئلت عن الحل، قلت: «قناصة تطلع تضرب طبق الإرسال»، فبلغوا وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبدالفتاح السيسى، ولما سأل «هيموت كام؟»، قالوا: «من ٢٠ لـ٣٠ واحد»، فقال: «ولا واحد يموت»، ورفض المقترح.

■ كيف تم التعامل مع بيان ٣ يوليو؟

- صباح ٣ يوليو، اتصل بى مدير الشئون المعنوية، وقال لى إن القوى الوطنية مجتمعة حاليًا مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى وقتها، وفى الساعة الواحدة ظهرًا جاءنى اتصال من مدير الشئون المعنوية، وقال إن هناك بيانًا سيصدر عن القوى الوطنية، وجلست مع قيادات الإذاعة والتليفزيون نتوقع ماذا سيحدث، وجلست مع إبراهيم الصياد فى مكتبى، وتم وضع خطة للبيان، وتم الاتفاق على إذاعة أغنية «حبيبتى يا مصر» لتكون كلمة السر حتى تنقل كل القنوات لحظة إعلان البيان.

واتصل بى مدير الشئون المعنوية وقال: «أنا جاى على كوبرى أكتوبر» ونزلنا وانتظرناه، وبعدها تمت إذاعة البيان، وكنا نراه حين أذيع للمرة الأولى، وكانت هناك فرحة عارمة لدى كل العاملين بقطاع الأخبار، وكنا نردد «تحيا مصر»، وبعدها وضعنا خطة بتثبيت كل الكاميرات فى الشوارع والميادين لنقل فرحة المصريين.

■ بماذا ترد على الاتهامات الموجهة لك بـ«أخونة التليفزيون المصرى»؟ 

- هذه الاتهامات وجهت بسبب قصة سيارات البث فى ميدان رابعة، وما حدث أنه فى يوم ٤ يوليو، عرفت أن هناك عربات نقل تليفزيونى كثيرة فى رابعة، ووقتها حررت مذكرة وأرسلتها للنائب العام، وقلت إن العربات الموجودة تخص الإذاعة والتليفزيون، وأنها سُرقت، محذرًا من تدميرها.

كما حررت محضرًا فى القسم التابع لرابعة العدوية بشأن تلك العربات، وتم اتهام رئيس الهندسة الإذاعية وصلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام الإخوانى وقتها، بارتكاب ذلك، كما أصدرت تعليمات بعدم وقف أى من العاملين فى الإذاعة والتليفزيون بسبب رأى سياسى ضد الإخوان. 

كيف لى أن أكون عضوًا بتلك الجماعة، وتختارنى جهات الدولة عضوًا بالهيئة الوطنية للإعلام بعد ذلك؟! كما أننى لم يتم التحقيق معى، حتى الآن، فى أى شأن، أنا كنت أعمل على تنفيذ خطة موثقة للحفاظ على ماسبيرو والإعلام المصرى خلال حكم الإخوان.

■ لماذا سقطت الإخوان بعد عام واحد من الحكم؟

- كانت لدى الإخوان خطة موجهة ضد مصلحة الشعب المصرى، ولم ينتبهوا لحديث وحلول الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى عرضها عليهم كثيرًا، هم أضاعوا فرصة العمر بالنسبة لهم.