رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مهرجان الموسيقى.. عزف غير منفرد

كنت وما زلت أحد الذين تحمسوا لفكرة تجديد الدم فى قيادات وأفكار مهرجان الموسيقى العربية.. وكتبت بالفعل منذ أسبوعين مرحبًا باختيار المايسترو هانى فرحات خلفًا لجيهان مرسى.. وقلت وما زلت أقول إن ستة أشهر مدة كافية لإعادة فك وتركيب هياكل المهرجان الذى بلغ من العمر أرزله.. كنت أنتظر أن يجلس فرحات مع اللجنة التى ستدير المهرجان، سواء تم تغيير أفرادها، أو ظلوا كما هم.. الغريب أن هانى فرحات وقبل أن يتسلم عمله رسميًا قرر أن يصبح المهرجان مهرجانًا لهانى فرحات وليس للموسيقى العربية.

أفهم أن يأتى الرجل بأفكار جديدة، وهذا أمر طيب وبديهى جدًا.. لكن الغريب أن الرجل لم يجلس مع أحد ليكشف بعدها عن هذه الأفكار، وما سيتم تنفيذه من عدمه.. الصدمة التى صدرها هانى للجميع جاءت عبر حوار نشرته الزميلة هبة محمد على صفحات «روزاليوسف» كشف فيه عن بعض أفكاره.. أولاها أنه يفكر منفردًا.. ولو عمل الرجل بنفس المنطق لنسف المهرجان من أساسه.. لا يوجد مايسترو دون عازفين.. هذا ما يعرفه الجميع، لكن يبدو أن المايسترو قرر أن يعزف صولو.. وأول العزف لم يكن حسنًا.. كان نشازًا.. فالسيد فرحات لا يعرف الفرق بين أن يكون المهرجان عربيًا.. وبين كونه مهرجانًا مصريًا للموسيقى العربية، والبون شاسع.. الرجل أتى بقرارات من منازلهم أو من منزل صديقه الخليجى، المهم فقرر أن تكون هناك مشاركات خليجية أوسع هذا العام.. على أى أساس؟ لم يحدد.. هل تطورت الموسيقى الخليجية فقدمت للموسيقى العربية ما لم نعرفه فى موسيقى اليمن التى هى الأصل، أم أن موسيقى أهل الرافدين والشام تراجعت، وبالتالى قرر هو بديكتاتورية فجة تحجيم وجودهما فى المهرجان؟.. الرجل الذى لم يرجع لرئيس الأوبرا، التى تنظم المهرجان، ولم يجلس مع أمانة المهرجان يقرر أن عمرو دياب هو نجم المهرجان المقبل.. هذا أمر حسن فعمرو مغنٍ مصرى.. ولكن هل هناك علاقة بين النوع الذى يقدمه عمرو من الموسيقى.. وبين ما هو عربى؟.. سيقول أحدهم نعم.. وربما يضيف بأن ما قدمه هو إضافة لهذه الموسيقى.. جميل جدًا.. فماذا عن رأى اللجنة التى سيخرج المهرجان فى دورته الجديدة باسمها؟.. وهل المسألة أصبحت تغيير اسم مغنٍ؟.. هل يستعيد المهرجان هويته بإضافة عمرو دياب إلى جدول حفلاته أو حذف مطربى الأوبرا من الجدول لأنه مهرجان دولى؟.. يبدو أن هناك خلطًا فى ذهن المايسترو، الذى اعتاد مصاحبة مطربين خليجيين لسنوات، فى فهم طبيعة ودور المهرجان من أصله.. الأمر الذى دعا الصديق د. خالد داغر إلى إصدار تصريحات عاجلة لبوابة الأهرام تتحدث عن المؤتمر العلمى الذى هو أساس المهرجان، وما الذى سيناقشه وعلى أساسه تتحدد طبيعة وأسماء المشاركين فى الحفلات المشاركة.. كلام مهم فى توقيت مهم لوضع الأمور فى نصابها بدلًا من ذلك العبث الذى حدث نتيجة الهرتلة التى تلت تصريحات فرحات الأولى.

لقد سمعت منذ أسبوع من مطرب كبير.. وقبل أن يطلق فرحات تصريحاته غير المتزنة وكنت قد كتبت مقالًا مطولًا مرحبًا بقدومه.. أخبرنى المطرب الكبير بأن بعض المقربين من فرحات يشيعون أنه سعى للحصول على دعم مالى من شخصية خليجية للمهرجان.. وهو أمر مشين.. فمهرجان مصر الأكبر عربيًا لا يحتاج إلى مثل هذه الطرق.. وخشى المطرب الكبير من اختطاف المهرجان.. وهذا ما لم أعتقده وقلت إنه خيال بعيد.. المهرجان يستقبل الرعاة، وهذا أمر معتاد، لكن لا يستطيع أحدهم فرض أفكار بعينها على مهرجان عمره أكبر من عمر بعض الدول.. ولم أنزعج.. لكن أزعجنى مثلما أزعج الكثيرين خطاب فرحات الذى يختصر المهرجان الأهم فى حفلات يحييها بعض النجوم، وقراره الذى أعلن عنه بأن من شارك فى العامين الأخيرين لن يشارك هذا العام وكأنها جمعية بالدور.. هذا كلام لا يليق بالمهرجان، ولا رئيس المهرجان، ولا بالأوبرا.. السيد فرحات عليه أن يعرف أنه جاء ليستعيد ما ضاع ويكمل ما بدأناه منذ سنوات طويلة.. ربما قبل أن يتم تسجيل اسمه فى شهادة ميلاده.. وعليه أن ينحى تلك اللغة الفردانية التى يتحدث بها إزاء أعمال مهرجان ملك لمؤسسة مصرية عريقة وليس حفلًا يقيمه لصالح متعهد من إياهم.. فرق كبير يا سيد بين عمل يقام على أفكار متعددة ومتراكمة.. وبين نزوة أو شطحة لأحدهم فى فراغ الصحراء.. حسنًا فعلت زميلتنا الموهوبة هبة محمد على.. وحسنًا فعل الكبير خالد داغر بمحاولة لملمة تلك الأفكار الطائشة التى أطلقها فرحات.. والتى جاءت وكأنها دندنة خاصة من منازلهم قبل أن تبدأ البروفة.. وعليه أن يعتذر عن بعض ما جاء فيها، وأن يعيد توضيح ما لم يوضحه.. وأن يعلن هو أو إدارة الأوبرا عن أمانة المهرجان فى وقت قريب ليبدأ عمل جاد لإنقاذ المهرجان من شطحات فرحات أو غيره.