رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر فى القمة.. العربية

بتثمين القادة العرب جهود مصر، التاريخية والدءوبة والمستمرة، لرعاية المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، انتهت القمة العربية الثانية والثلاثون التى استضافتها مدينة جدة السعودية، الأربعاء الماضى، وتناول بيانها الختامى قرارات تهدف إجمالًا إلى إطفاء الحرائق، أو تصفير المشاكل، أو حل الأزمات، بدءًا من القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية والممتدة، ومرورًا بالملف السورى وتطورات الأوضاع فى السودان، اليمن، ليبيا، الصومال، لبنان و... و... وأزمة السد الإثيوبى والعلاقات العربية مع دول الجوار.

القادة العرب أشادوا، أيضًا، فى البيان الختامى، بالجهود الحثيثة، التى تبذلها مصر والأردن، لإعادة القضية الفلسطينية إلى رأس أولويات المجتمع الدولى، وأدانوا الجرائم الإسرائيلية واسعة النطاق ضد الشعب الفلسطينى، وأكدوا الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين. كما جدّدوا التزامهم بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها. ولعلك تعرف أن الرئيس بشار الأسد، شارك فى القمة، لأول مرة منذ ١٢ سنة، بعد أسبوعين تقريبًا من استعادة سوريا مقعدها فى الجامعة العربية.

مع مطالبته بالحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها، التى تؤكد مصر دائمًا، وكل ذى بصيرة، أنها «فرض عين.. وضرورة حياة»، تحدّث الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى كلمته، عن أهمية، أو حتمية، توحيد الصف العربى، مشددًا على أن الاعتماد على جهودنا المشتركة وقدراتنا الذاتية والتكامل فيما بيننا، لصياغة حلول حاسمة لقضايانا، أصبح واجبًا ومسئولية. كما أكد ضرورة أن يمتد تطبيق مفهوم العمل المشترك، إلى التعامل مع الأزمات الدولية، مطالبًا بإصلاح منظومة الحوكمة الاقتصادية العالمية، وفى القلب منها مؤسسات التمويل وبنوك التنمية الدولية، التى ينبغى أن تكون أكثر استجابة، لتحديات العالم النامى. ولم تفُت الرئيس الإشارة إلى أن حالة الاستقطاب الدولى، أصبحت تهدد منظومة العولمة، التى كان العالم يحتفى بها، وخلقت، أو استعادت إلى الواجهة صراعًا لفرض الإرادات وتكريس المعايير المزدوجة فى تطبيق القانون الدولى.

عن الأزمة السودانية المشتعلة، قال الرئيس السيسى إنها تنذر بصراع طويل وتبعات كارثية على السودان والمنطقة، إذا لم نتعاون فى احتوائها، لافتًا إلى أن استمرار الأزمات فى ليبيا واليمن، يفرض تفعيل التحرك العربى المشترك، لتسوية تلك القضايا، على نحو أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى. وفى السياق نفسه، أكد أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تعد بمثابة التفعيل العملى للدور العربى. وانطلاقًا من إدراكنا أن الأمن القومى العربى كل لا يتجزأ، أكد الرئيس أن الوقت قد حان لكى نأخذ زمام مبادرة الحفاظ عليه، وأشار إلى الخطوات المهمة، التى بادرت بها دولنا، لضبط إيقاع العلاقات مع الأطراف الإقليمية غير العربية، معربًا عن تطلعه إلى أن تتخذ تلك الأطراف خطوات مماثلة وصادقة، تسهم فى تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.

بالفعل، شهدت المنطقة، خلال الشهور الماضية، خطوات جادة، لحل قضايا إقليمية عبر الحوار مع الأطراف المعنية. وفى هذا السياق، رحب القادة العرب بالاتفاق، الذى تم التوصل إليه بين السعودية وإيران فى بكين، الذى يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية. وطالبوا الحكومة التركية بسحب قواتها من الأراضى العراقية، دون شروط، وأدانوا كل أشكال العمليات الإجرامية التى شنتها المنظمات الإرهابية فى دول المنطقة، وفى كل دول العالم، داعين الدول العربية، التى لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، إلى التصديق عليها.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى استقبل فى مقر إقامته بمدينة جدة، الرئيس التونسى قيس سعيد، ونجيب ميقاتى، رئيس الوزراء اللبنانى، و... و... ولا نعتقد أنك فى حاجة إلى استشارة خبراء لغة الجسد لمعرفة ما دار فى حواره الودى، فى مقر انعقاد القمة، مع الرئيس السورى بشار الأسد، والذى ستجد صوره متداولة بكثافة على شبكات التواصل الاجتماعى. كما لا نعتقد، أيضًا، أنك فى حاجة إلى ما يؤكد، مجددًا، دور مصر فى تعزيز جهود توحيد الصف العربى، وحرصها الدائم على تدعيم وتطوير وتعزيز أواصر العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، أو حتى مع الدول غير العربية الصديقة، أو غير الصديقة.