رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مناخ الاستثمار.. العام والخاص

ماجد حبته
ماجد حبته

ستة وثلاثون يومًا فصلت بين صدور قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى رقم ١٤١ لسنة ٢٠٢٣، بتشكيل «المجلس الأعلى للاستثمار» ونظام عمله، وبين اجتماع المجلس، أمس الأول الثلاثاء، الذى جرت خلاله الموافقة على ٢٢ قرارًا تستهدف، فى مجملها، تحقيق طفرة حقيقية فى جذب وتشجيع وتعزيز الاستثمار، المحلى والأجنبى، وانتهى بتكليف الرئيس، رئيس الجمهورية والمجلس، للحكومة بالعمل على إعداد هذه القرارات وتجهيزها، ليتم تنفيذها فى أسرع وقت ممكن، ووفق جدول زمنى محدّد ومُعلَن.

منذ نصف قرن تقريبًا، أدرك صانعو السياسة الاقتصادية فى مصر مدى أهمية وضرورة تحسين مناخ الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والنهوض بالاقتصاد المصرى فى ظروف اقتصادية وجيوستراتيجية معقدة. وعليه، صدر القانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٤ الخاص باستثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة، ثم قرار رئيس الجمهورية رقم ١٩٨ لسنة ١٩٧٧ بإنشاء المجلس الأعلى للاستثمار، الذى تحل، غدًا الجمعة، الذكرى السادسة والأربعون لنشره فى الجريدة الرسمية، الذى نصت مادته الأولى على تشكيله برئاسة رئيس مجلس الوزراء. وكان لافتًا، أن السنة نفسها، شهدت صدور قرار جمهورى آخر، القرار رقم ٤٩٧ لسنة ١٩٧٧، بإنشاء «المجلس الأعلى للاستثمار القومى»، الذى قام القرار رقم ٦ لسنة ١٩٧٩، بدمجه مع المجلس الأول، فى مجلس واحد، يرأسه وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية والتعاون الاقتصادى!

بعد فواصل زمنية متقطعة، زادت خلالها التحديات والعقبات، وبعد منازعات فى الاختصاصات بين وزارات وهيئات، وبعد سنوات شداد أكلن الأخضر واليابس، صدر القرار الجمهورى رقم ٤٧٨ لسنة ٢٠١٦، بإنشاء، أو بإعادة إنشاء، المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية، وتبعه قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧، وفى ١٠ أبريل الماضى صدر قرار تشكيل المجلس، الذى عقد اجتماعه، أمس الأول، وكان أبرز قراراته، فى رأينا، «الموافقة على مشروع قرار بإجراء تعديلات على بعض المواد القانونية التى تمنح معاملة تفضيلية للشركات والجهات المملوكة للدولة، بهدف تعزيز الحياد التنافسى فى السوق المصرية»، و«الموافقة على مشروع قرار بإصدار قانون بإنشاء وحدة بمجلس الوزراء تتولى جمع بيانات الشركات المملوكة للدولة، وتكون قراراتها مُلزمة بإعادة الهيكلة، سواء بالبيع أو نقل التبعية من جهة إلى أخرى».

منذ بداية تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى، سنة ١٩٧٤، تزايد الاهتمام بوضع إطار تنظيمى وتشريعى لخلق بيئة استثمارية مواتية لجذب رءوس الأموال وتحفيز أنشطة القطاع الخاص، من خلال الاعتماد المتزايد على آليات السوق، وإزالة القيود والإجراءات الإدارية، القانونية، والمؤسسية، التى تحد من نطاق وفاعلية القطاع الخاص. وعليه، صدرت مجموعة من القوانين وتم اتخاذ العديد من الإجراءات التى تهدف إلى إفساح مجال أوسع للنشاط الخاص، الوطنى والأجنبى، لكى يؤدى دوره كقطاع رائد أو محرك رئيسى لعملية التنمية.

الحكم المسبق على طبيعة العلاقة بين الاستثمار العام والخاص أمر فى غاية الصعوبة والتعقيد، ليس فقط لاختلاف هذه الطبيعة من دولة لأخرى، بل لتباينها فى الدولة الواحدة من وقت لآخر. ولا نعتقد أنك ستجد اتفاقًا بين الاقتصاديين بشأن طبيعة هذه العلاقة: هل هى علاقة تنافسية أم تكاملية، أو بشأن القنوات التى يتم من خلالها التأثير، أو حول إمكانية تزامن الأثر التنافسى مع التكاملى. وبمراجعة دراسات اقتصادية عديدة وجدنا تأثيرين مختلفين، أو متناقضين، الأول عكسى ويوصف بتأثير المزاحمة، Effect out-Crowding، ويحدث إذا ترتب على زيادة الاستثمار العام تراجع فى معدلات الاستثمار الخاص. بينما التأثير الثانى طردى أو تكاملى، Effect in-Crowding، ويعنى أن زيادة الاستثمار العام تؤدى إلى زيادة الاستثمار الخاص.

.. ولا يبقى غير الإشارة إلى أن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، شدّد خلال الاجتماع الأسبوعى للحكومة، أمس الأربعاء، على ضرورة التزام كل وزارة بتنفيذ القرارات الصادرة عن اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار، مشيرًا إلى أن هناك توقيتات زمنية محددة لتنفيذ هذه التكليفات، ومتابعة دورية لتنفيذها. فى السياق ذاته، أكد الدكتور مدبولى أن الدولة تستهدف إيجاد مناخ أكثر جذبًا للاستثمار، والعمل على تيسير الإجراءات، وحل المشكلات التى تواجه المستثمرين، وتذليل أى معوقات أو تحديات قد تطرأ.