رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شرق العوينات.. والبقية تأتى

لسد الفجوة فى المحاصيل الاستراتيجية، وتحقيقًا للأمن الغذائى، وتوفيرًا لآلاف فرص العمل، تبنت دولة ٣٠ يونيو خطة طموحة لتطوير القطاع الزراعى، وأقامت مشروعات ضخمة، للتوسع الأفقى، بإضافة مساحات جديدة من الأراضى المزروعة، من بينها مشروع «مستقبل مصر»، و«توشكى الخير»، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء و... و... ومشروع شرق العوينات، الذى زاره الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأحد، ليطلق موسم حصاد القمح، وليفتتح مصنعًا لإنتاج البطاطس نصف المقلية.

تقع منطقة شرق العوينات على بعد ٣٦٥ كم جنوب واحة الداخلة بمحافظة الوادى الجديد، وتفصلها ٥٠٠ كيلومتر عن بحيرة ناصر. وكانت الدراسات، التى قامت بها المراكز البحثية التابعة للدولة، قد كشفت عن وجود مخزون ضخم من المياه الجوفية يمكن استغلاله فى الزراعة. وعليه، بدأ العمل فى المشروع سنة ١٩٩٧، وبعد مطبات وتعثرات، أعاد الرئيس السيسى إحياءه، ووجه فى ٢٣ يوليو ٢٠١٤ بحل كل مشكلاته وتوفير كل المقومات اللازمة لإنجاحه. بالضبط، كما فعل مع مشروع توشكى، الذى قام بافتتاح المرحلة الأولى منه فى ٢٦ ديسمبر ٢٠٢١، مرجعًا الفضل للدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء الأسبق.

بعد تعثر مشروع «دولة ٢٣ يوليو» التنموى، جرت فى منتصف تسعينيات القرن الماضى محاولات لإعادة صياغة أدوات التخطيط المركزى وإقامة تنمية عمرانية خارج الوادى الضيق. وقام الدكتور الجنزورى بجولة آسيوية، سنة ١٩٩٧، شملت الصين وماليزيا وسنغافورة، عاد منها منبهرًا، وقرر خلال فترة رئاسته الأولى للوزراء، التى انتهت فى أكتوبر ١٩٩٩، إقامة مشروعات طويلة المدى، من بينها توشكى وشرق العوينات.

من حالة الموات، التى استمرت سنوات وسنوات، زادت المساحة المزروعة بالقمح، الآن، فى شرق العوينات، على ١٨٦ ألف فدان، مع ٥٠ ألف فدان من البطاطس، و٤٣ ألف فدان ذرة شامية، و٣٧ ألف فدان فول سودانى، و١٣ ألف فدان من الشعير. و... و... وجرى، أيضًا، إنشاء وحدة محلية، وحدة صحية، نقطة شرطة، وحدة زراعية، وحدة بيطرية، مخبز، فرع للبنك الزراعى المصرى، مركز شباب، مسجد، محطة مياه شرب، سنترال، جمعية تنمية اجتماعية، مزرعة للطاقة الشمسية، مساحتها الإجمالية ٢٠٠ فدان، و... و... وأقامت وحدة الخدمات البستانية التابعة لوزارة الزراعة، بالتعاون مع شركة أسترالية، مزرعة أبقار تسع ٥٠٠٠ رأس ملحق بها ثلاث وحدات لتصنيع الأعلاف.

مبكرًا، وجه الرئيس السيسى بتدقيق الدراسات الخاصة بطبيعة منطقة شرق العوينات الجغرافية، ونوعية تربتها، وتضاريسها الجغرافية، ومناخها، ومصادر المياه المتاحة فيها، وانتقاء أفضل المحاصيل التى تتوافق مع هذه العوامل. وهنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن مركز بحوث الصحراء أعد الدراسات اللازمة للمناطق التى شملتها خطة استصلاح واستزراع الأراضى، كما قامت أكاديمية البحث العلمى، بالتعاون مع شركة تنمية الريف المصرى ومركز البحوث الزراعية وكليات الزراعة بالجامعات المصرية، بتوجيه مشروعات البحوث والتطوير، للاستفادة من الطاقات العلمية والتكنولوجية فى زيادة إنتاجية المحاصيل المختلفة. 

تأسيسًا على ذلك، استهدفت خطة ٢٠٢٢/٢٠٢٣، التى ستنتهى فى ٣٠ يونيو المقبل، زيادة المساحة المحصولية الإجمالية فى هذا المشروع، مشروع شرق العوينات، وفى مشروعات مُستقبل مصر والدلتا الجديدة وتنمية توشكى، لتتجاوز ١٩ مليون فدان مُقابل ١٧.٥ مليون فدان سنة ٢٠٢٠، عبر زيادة إنتاجية الفدان بنسب تتراوح بين ١٥٪ و٢٠٪، من خلال مجموعة آليّات تشمل استنباط أصناف وسُلالات من المحاصيل عالية الإنتاجية ومُبَكّرة النُضج ومُقاومة لِلجفَاف والحرارة وقليلة الاستخدام للمياه، وتطبيق المُمارسات الزراعية الحديثة. و... و... ونستهدف، بحلول سنة ٢٠٢٥، رفع نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح إلى ٦٥٪، ومن الذرة الصفراء إلى ٣٢٪ ومن الفول البلدى إلى ٨٠٪، ومن المحاصيل الزيتية إلى ١٠٪، ومن اللحوم الحمراء إلى ٦٥٪، و... و... وإلى ٨٥٪ نستهدف رفع نسبة الاكتفاء الذاتى من الأسماك. 

وأخيرًا، نرى أن بإمكاننا تجاوز هذه النسب، بسهولة، لو تخلى القطاع الخاص عن «رأسمالية تعظيم الربح» وتبنى «رأسمالية النفع العام»، أو بمعنى أوضح، إذا استطاع أن يوازن بين مصالحه ومصالح المواطنين، أو المصلحة العامة.