رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السبع والصين.. والقواعد! 

وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية بمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، اجتمعوا، أمس الأول الخميس، فى مدينة نيجاتا اليابانية، لمناقشة «سبل حماية النظام الدولى القائم على القواعد»، والتصدى لما وصفوه بـ«الإكراه الاقتصادى»، الذى اتهموا الصين بممارسته. فى المقابل، ردت الخارجية الصينية باتهام دول المجموعة بالنفاق، وبأنها تمثل الذين ينتهكون القواعد الدولية، التى يطالبون الصين بالالتزام بها!

مصطلح «النظام الدولى القائم على القواعد»، لا يزال غامضًا. ولم يتم، إلى الآن، وضع تعريف محدد لـ«القواعد الدولية»، التى وصفها وانج وين بين، المتحدث باسم الخارجية الصينية، بأنها «القواعد الغربية للأيديولوجيات والقيم، التى تحقق مصالح مجموعة صغيرة، تتزعمها الولايات المتحدة». أما ما يوصف بـ«الإكراه الاقتصادى»، فحين سُئِلت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، عن معناه استشهدت بالإجراءات التجارية التى اتخذتها بكين ضد أستراليا، وقالت إن هناك أمثلة كثيرة على استخدام الصين هذا الإكراه ضد دول تتخذ إجراءات لا ترضى عنها بكين من منظور جيوسياسى، مشددة على أن مجموعة الدول السبع لديها اهتمام مشترك بهذه الممارسات الصينية وتتطلع إلى التصدى لها!.

مجموعة الدول الصناعية السبع، عبارة عن ملتقى سياسى حكومى دولى يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا واليابان، ما يعنى أن الأخيرة هى العضو الآسيوى الوحيد فى المجموعة. وكان اسمها «مجموعة الست»، حين اقترح الرئيس الفرنسى الأسبق فاليرى جيسكار ديستان تأسيسها، واستضاف قمتها الأولى، سنة ١٩٧٥، لمناقشة القضايا الاقتصادية الدولية بعد الركود الناتج عن صدمة النفط الأولى، سنة ١٩٧٣. ولاحقًا، انضمت كندا، ثم اجتمعت دول المجموعة، سنة ١٩٧٨، لتقرر تحويل القمة إلى «مكتب سياسى دولى» يهدف إلى ضبط الأداء السياسى والاقتصادى للعالم كله. وسنة ١٩٩٨ أُضيف للمجموعة ضلع ثامن، هو روسيا، لكن تم تعليق عضويتها، سنة ٢٠١٤، اعتراضًا على ضمها شبه جزيرة القرم.

المهم، هو أن جدول أعمال محادثات وزراء المالية ومحافظى البنوك المركزية كان مزدحمًا بقضايا مهمة، أبرزها المخاوف المتعلقة بالأمن السيبرانى والتضخم، الذى لا يزال مرتفعًا، وبناء سلاسل توريد طاقة عالمية نظيفة وآمنة وقادرة على الصمود أمام التحديات و... و... وتأثيرات الأزمة الأوكرانية على الأوضاع الاقتصادية لغالبية دول العالم، إضافة إلى موجة الأزمات أو الإخفاقات الأخيرة التى ضربت عدة بنوك أمريكية وأوروبية، والتى زادت من تعقيد توجيه دفة الاقتصاد العالمى. كما كانت كارين جان بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض، قد ذكرت أن الرئيس جو بايدن سيتناول مع رؤساء دول مجموعة السبع «الدعم الثابت لأوكرانيا وأزمتى الغذاء والمناخ وسبل ضمان نمو اقتصادى شامل ومرن والجهود المبذولة للانتقال إلى طاقة نظيفة».

مع كل ذلك، نال الهجوم على الصين، القدر الأكبر من تصريحات المشاركين فى الاجتماع. والطريف، أن دول المجموعة، التى تتزعمها الولايات المتحدة، أكدت أنها لا تدعو إلى تفكيك العلاقات الاقتصادية مع بكين، بل تطالب فقط بأن تقوم تلك العلاقات على «عدم المخاطرة» وتجنب الاعتماد على الصين بدرجة كبيرة. كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مستشار للحكومة الألمانية، أن قمة المجموعة ستناقش إنشاء «نادٍ للمواد الأولية» لتقليل الاعتماد على الواردات الصينية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن المحادثات، التى استضافتها المدينة الساحلية المطلة على بحر اليابان، هى الأخيرة فى سلسلة الاجتماعات الوزارية التحضيرية لقمة قادة مجموعة السبع، التى تستضيفها مدينة هيروشيما يوم الجمعة المقبل، التى نتمنى أن يقدم خلالها قادة الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واليابان، تعريفًا محددًا ودقيقًا لـ«القواعد الدولية»، وحلولًا عملية لمواجهة التأثيرات الكارثية المستمرة للأزمة الأوكرانية على الاقتصاد العالمى. وقد تكون الإشارة مهمة أيضًا إلى الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى قال إنه قد يغيب عن القمة، وزيارات خارجية أخرى، حال فشله فى الاتفاق مع الكونجرس بشأن رفع سقف الدين.