رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

واستعادت سوريا مقعدها

برئاسة جمهورية مصر العربية، قرّر مجلس جامعة الدول العربية، على المستوى الوزارى، فى دورته غير العادية، أو الاستثنائية، أمس الأحد، «استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية فى اجتماعات مجلس الجامعة وكل المنظمات والأجهزة التابعة لها». وخلال رئاسته للجلسة، أكد سامح شكرى، وزير الخارجية، أن السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية هو الحل السياسى، دون تدخلات أو إملاءات خارجية، لافتًا إلى أن مراحل الأزمة أثبتت أنه لا يوجد حل عسكرى لها ولا يوجد غالب أو مغلوب فيها.

القرار، الذى حمل رقم ٨٩١٤، جاء استنادًا إلى مذكرة المندوبية الدائمة لجمهورية مصر العربية، رقم ١٣٣٥، الصادرة فى ٣ مايو ٢٠٢٣، وانطلاقًا من حرص الدول الأعضاء على أمن واستقرار سوريا، وعروبتها، وسيادتها، ووحدة أراضيها، وسلامتها الإقليمية، والمساهمة فى إيجاد مخرج للأزمة السورية يرفع المعاناة عن الشعب السورى الشقيق، ويضع حدًا للأزمة الممتدة التى تعيشها البلاد، وللتدخلات الخارجية فى شئونها، ويعالج آثارها المتراكمة والمتزايدة من إرهاب، ونزوح، ولجوء، وغيرها. ومع التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة، قرر وزراء الخارجية العرب، أيضًا، تشكيل لجنة اتصال وزارية تضم مصر، الأردن، السعودية، العراق، لبنان، والأمين العام، لمتابعة تنفيذ بيان عمان، والاستمرار فى الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل إلى حل شامل للأزمة. 

فى أحد أكثر أيام ما يوصف بـ«الربيع العربى» سوادًا، تحديدًا فى ١٢ نوفمبر ٢٠١١، صدر قرار تعليق أو تجميد عضوية سوريا، مع حزمة عقوبات لم يسبق أن أصدرتها جامعة الدول العربية، منذ تأسيسها سنة ١٩٤٥، ضد دولة عربية أو أجنبية. ولاحقًا، أقر مهندس هذا القرار، أو المحرض الرئيسى عليه، بأن بلاده لعبت دورًا فى مخطط تفجير الأوضاع الداخلية فى سوريا، ودعمت جماعات إرهابية، بمشاركة أطراف عربية وإقليمية، وأمريكية. كما لم يجد حرجًا فى أن يُرجع فشلهم فى الإجهاز على الدولة الشقيقة، أو على ما تبقى منها، إلى أنهم تصارعوا أو «تهاوشوا على الصيدة»، فأفلتت منهم!.

ما يؤسف أكثر، كان فشل غالبية، إن لم تكن كل، محاولات التحايل على العقوبات العربية أو الغربية، بينما استمر توزيع الأدوار، أو ضبط الإيقاع، بين القوى الدولية والإقليمية، المنخرطة فى الأزمة، بدرجات متفاوتة، وبأسلحة مختلفة. وعليه، أكدنا أمس الأول، السبت، أن الأكثر أهمية بالنسبة لسوريا والسوريين هو استئناف العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول العربية، واتخاذ خطوات جادة لدفع الولايات المتحدة، والدول الحليفة أو التابعة، عربيًا وغربيًا، إلى مراجعة سياستها تجاه الأزمة السورية، وإنهاء العقوبات على دمشق التى تشكل عقبة رئيسية أمام بدء جهود إعادة الإعمار وإعادة توطين اللاجئين العائدين، لو عادوا.

نرى، أيضًا، ضرورة التوافق على استراتيجية شاملة للأمن القومى العربى، تعيد توازن القوى إلى المنطقة، وتتصدى للأزمات والتهديدات، الحالية أو المستقبلية، وتواجه الأطماع الإقليمية والدولية. ولعلك تتذكر، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى طالب، مرارًا، بضرورة وضع هذه الاستراتيجية، كما أكد، فى سياقات ومناسبات مختلفة، أهمية إعداد آليات جديدة، لإحداث التكامل العربى، وإيثار المصلحة القومية، ودرء أى خلافات بينية، لتحقيق الأهداف التنموية المشتركة. وربما تتذكر أيضًا أن الرئيس السيسى كان قد طالب، فى كلمته أمام القمة العربية التاسعة والعشرين، بألا تكتفى الدول العربية بتكرار التزامها بمرجعيات الحل السياسى للأزمة السورية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وإنما يجب أيضًا أن توجه رسالة واضحة ولا لبس فيها، بأنه لا يجوز أن يتقرر مصير سوريا أو تُعالج مُشكلاتها إلا وفقًا لإرادة الشعب السورى.

.. أخيرًا، ومع اقتراب موعد القمة العربية الثانية والثلاثين، التى تستضيفها العاصمة السعودية الرياض، فى ١٩ مايو الجارى، ننتظر أن يترأس الرئيس السورى بشار الأسد وفد بلاده، التى كان غيابها مؤلمًا، ومؤسفًا، عن قمة «لم الشمل»، القمة الحادية والثلاثين، التى استضافتها الجزائر، أول نوفمبر الماضى، أى قبل أحد عشر يومًا من حلول الذكرى الحادية عشرة لتعليق أو تجميد عضويتها فى الجامعة العربية.