رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عهد جديد لأرض الفيروز

سيبدأ عهد جديد على أرض الفيروز، فمنذ أيام احتفلنا بالعيد القومى لتحرير سيناء فى ٢٥ أبريل الماضى، ورفع العلم المصرى على أرضها والانسحاب الكامل للاحتلال الإسرائيلى من أرضها فى ٢٥ أبريل ١٩٨٨.

وشهدت أرض الفيروز احتفالات مبهجة يسودها الأمان بعد أن تم تطهيرها من الإرهاب الأسود تمامًا، وانتصرت مصر فى معركة العبور الثانية فى رمضان ١٤٤٤ هجريًا، حيث أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن أنه تم القضاء على الإرهاب تمامًا فى أرض سيناء، وذلك فى كلمته التى ألقاها مع رجال الجيش المصرى فى الاحتفال بذكرى انتصارات حرب العاشر من رمضان ١٣٩٣ و٦ أكتوبر ١٩٧٣.

وأكد أن المعركة مع الإرهاب لا تقل فى صعوبتها وتضحياتها وبطولات رجال الجيش المصرى فيها عن حرب العبور فى ١٩٧٣، وقال، فى خطابه، إنه «لن نسمح برفع سلاح فى مصر إلا سلاح الدولة، ولن نسمح لمخلوق بامتلاك السلاح غير سلاح الدولة»، وأضاف أنه سيدعم قوة ومكانة شيوخ القبائل فى سيناء وسيدعمهم أكثر.

إن الانتصار فى معركة العبور الثانية «القضاء على الإرهاب» سيغير وجه الحياة فى أرض الفيروز بعد أن تم القضاء على الجماعات الإرهابية، التى كانت تهدد أهلها وتنشر القتل والخراب بينهم، وتستهدف جنودنا البواسل الذين استشهدوا دفاعًا عن أرض سيناء وروت دماؤهم الطاهرة أرضها الغالية دفاعًا عنها وعن أهلها وعن وطننا الغالى، كما قامت بعمليات إرهابية بتفجير خطوط الغاز فيها. 

إلا أنه بعد أن طُويت صفحة الإرهاب الأسود فإننى أتوقع مستقبلًا مزدهرًا لأرض الفيروز، وستسطع شمس الأمل على أرجائها، وسيتمتع أهلها بالأمن والأمان والدعم والمساندة من كل أجهزة الدولة، وأتوقع لها من الآن فصاعدًا غدًا زاخرًا بالخيرات، وأن تفتح ذراعيها لاستقبال راغبى الاستثمار والسياحة والمهرجانات الدولية، وسنكتشف فى أرضها آثارًا فرعونية جديدة ينبهر بها العالم، فضلًا عن الثروات المعدنية التى تضخ الخير لسكانها ولكل أرجاء مصرنا الغالية بعد أن كانت أراضى سيناء تفتقر لعقود للخدمات الأساسية كالصحة والتعليم، والبنية التحتية، وأيضًا شبكة طرق ومواصلات تربط سيناء بباقى أنحاء البلاد.

ثم تفاقم الأمر بعد أحداث يناير ٢٠١١، حيث أصبحت مستهدفة من الجماعات الإرهابية، والتى تم اقتلاعها من جذورها بملحمة بطولية لأبناء الجيش المصرى البواسل، ثم جاء اهتمام الرئيس السيسى بها بوضع خطة استراتيجية تسير بالتوازى مع خطة محاربة الإرهاب الأسود والقضاء عليه، إلا أننى أتوقع عهدًا جديدًا لأرض الفيروز إذا ما تسارعت خطط التنمية فى سيناء، حيث وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى اجتماع مهم عقده منذ أيام، إلى أن تهدف جهود الدولة لتنفيذ استراتيجية تنمية سيناء وصياغة مسار تنموى متطور ومتكامل الأركان يشمل مدنها وقراها ويتسق مع أهمية المكانة الفريدة لسيناء، وأكد ضرورة دعم المجتمع السيناوى وزيادة مساحة التطوير الحضارى.

أتوقع بعد هذا الاجتماع المهم أن تشهد سيناء عبورًا جديدًا فى معركة مسيرة سيناء التنموية، وأن يكون عبورًا إلى عهد جديد يبدأ بالتنمية، ونرى فيه تفتح الخيرات لكل أبناء أرض الفيروز بل ولكل المصريين، حيث تمثل سيناء البعد الاستراتيجى لمصر، كما أن تسميتها بأرض الفيروز ترجع إلى أنها تشتهر بأجود أنواع الفيروز فى العالم، والذى اكتشفه المصريون القدماء على أرضها واستخدموه فى تزيين المعابد والتماثيل والحلى، وتسمى أيضًا أرض الخيرات وخزائن الأرض كما قال عنها يوسف الصديق، عليه والسلام.

وتعد منطقة شمال سيناء أيضًا من المناطق الغنية بالآثار الفرعونية التى تنتظر من يكتشفها ويخرجها إلى النور لتبهر العالم، ومن المستجدات والأنشطة التى بدأت تنطلق مع توافر الأمان فى أرض سيناء أن الاحتفالات بعيدها القومى، والتى تقرر لها أن تستمر على مدى أسبوعين، لأول مرة تشهد هذا العام الاحتفال بمهرجان مسابقة الهجن بمدينة العريش، الذى يقام تحت رعاية محافظ شمال سيناء، اللواء عبدالفضيل شوشة، وتنظمه وزارة الشباب والرياضة ووزارة التضامن الاجتماعى ووزارة الثقافة، بالتعاون مع مجلس القبائل والعائلات المصرية، وهو يقام تحت عنوان «سيناء آمنة مستقرة».

ويعتبر هذا المهرجان رسالة تؤكد وجود الأمن والأمان والاستقرار بها، كما يسهم فى إحياء السياحة الدولية والعربية والإقليمية، حيث تحظى مثل هذه المهرجانات بالإقبال الكبير على المستوى الدولى والعربى والإقليمى، كما شهدت مدينة العريش أيضًا حفلًا غنائيًا أحياه المطرب الكبير المحبوب «الكينج محمد منير».

كما تم افتتاح مدارس ومستشفيات وملاعب ومصانع وغيرها من المشروعات التنموية.. وهذه المشروعات التنموية تتضمن إنشاء ١٧ تجمعًا تنمويًا فى سيناء بتكلفة مليار وخمسمائة وخمسة وتسعين مليون جنيه لخدمة ٥٥٠ أسرة، وهى فى حاجة الآن إلى كل يد شريفة مصرية تستثمر بها لأنها مليئة بالخيرات والمواد الخام، وأصبح لكل مصرى حق فى أن يتمتع بالمزايا التى يتمتع بها أبناء سيناء فى شراء الأراضى وفى الاستثمار بها.. وتسير خطة التنمية على ٣ محاور رئيسية، وهى: التنمية العمرانية المتكاملة وتحسين مستوى الخدمات الأساسية وتنمية اقتصادية وفرص استثمار واعدة فى خطة إعمار مبشرة.

وفى تقديرى أنه ستتم كتابة تاريخ جديد على أرض الفيروز إذا تسارعت خُطى التنمية والاستثمار دون تعقيدات بيروقراطية، حيث يمكن لأرض الفيروز أن تتبوأ مكانة عالمية لما بها من فرص تنمية واستثمار واعدة، وفرص عمل بلا حدود، ولما بها من عناصر سياحية وحضارية وتنموية جاذبة ينبغى التنبه لها واستثمارها. مما يدعونى لمطالبة الجهات المعنية من المسئولين فى الدولة بعدم وضع صعوبات وعراقيل تقف عائقًا أمام راغبى الاستثمار وأصحاب المشروعات الصناعية والمشروعات الصغيرة والمشروعات السياحية الجادة.. فمن الأهمية القصوى الآن أن يتم تشجيع رءوس الأموال ورجال الأعمال الجادين على الاتجاه بمشروعاتهم الاستثمارية والصناعية والسياحية إلى سيناء، وتشجيع الصناعات المحلية والمشروعات الصغيرة، وإتاحة فرص عمل للشباب السيناوى والمرأة السيناوية، والانتهاء من تطوير الموانئ البحرية حتى يمكن تصدير المنتجات والصناعات السيناوية المميزة إلى الأسواق الخارجية.

ولا بد أن أقول إننا إذ نحتفل بذكرى تحرير سيناء فإننا لا بد أن نحيى وأن نتذكر أن سيناء قد عادت بسبب بطولات وتضحيات شهدائنا من أبناء الجيش المصرى وبالتعاون مع أبناء سيناء المخلصين للوطن، وأن تطهيرها من الإرهاب الأسود كان بتفويض شعبى فى ٢٧ يوليو ٢٠١٣ لرئيسنا الوطنى الشجاع عبدالفتاح السيسى، الذى كان وقتذاك وزيرًا للدفاع، فاستجاب للتفويض، وأصدر قرارًا بمحاربة الإرهاب الأسود، ثم وجّه بتطوير سيناء ليكون بذلك أول رئيس مصرى يوجّه بوضع استراتيجية قومية لتعمير وتنمية وبناء سيناء ودعم أهلها وشيوخ قبائلها، وهكذا تشرق شمس جديدة على أرض الفيروز العزيزة علينا، وها هى تعود إلى حضن الوطن آمنة ومستقرة ومنتشرة ومبشرة بمستقبل زاهر نرى ثماره قريبًا إن شاء الله.