رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"قرأ ألف ليلة وليلة بالإنجليزية".. حكايات عن المؤرخ البريطاني إدوارد جيبون

إدوارد جيبون
إدوارد جيبون

يحتل كتاب “اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها”، للمؤرخ البريطاني، إدوارد جيبون، بين كتب التاريخ والأدب مكانة مرموقة، أعيد طباعته ونشره مئات المرات كاملا ومختصرا، وترجم إلي عشرات اللغات العالمية، وعلق عليه العشرات من المؤرخين وفلاسفة التاريخ والنقاد .

وكان الكتاب قد صدر في ستة مجلدات لأول مرة في العام 1767، في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم أعيد نشره في طبعة واحدة تضم الثلاثة أجزاء عام 1962، في مجلد مكون من أكثر من ألف صفحة. وفي هذا الكتاب أوضح إدوارد جيبون في مقدمته، المنهج الذي سار عليه .

وفي مذكراته الصادرة تحت عنوان “مذكرات من حياتي وكتاباتي”، يشير إلى بداياته الأولى: “خليق بي أن أذكر ما حبتني به الطبيعة، فقد ولدت في بلد تزدهر فيه الحضارة، في عصر يشع فيه نور العلم والمعرفة، في أسرة ذات مكانة رفيعة ابتسم لها الحظ.”   

كنت الأخ الأكبر لخمس من الأخوات، ماتوا جميعا في سن الطفولة، أما أنا فكنت حتى 16 من عمري ضعيف البنية هزيل الجسم إلى درجة غير عادية، حتي أن أبواي انقطع رجائهما في بقائي على قيد الحياة، ولهذا تعثرت في سنوات دراستي الأولية، فكثيرا ما أقعدني المرض عن الانتظام والمواظبة في مقاعد الدرس، ومن هنا كانت اللحظة الأولى التي أخذت فيها تعليم نفسي بنفسي. 

بدأ “جيبون” في تعلم القراء والكتابة ومبادئ الحساب في البيت، ثم بدأ في تعلم اللغة اللاتينية على يد مدرس اسكتلندي خاص، ولما بلغ الثامنة التحق بمدرسة “بنتي”، ومنها انتقل في العام التالي إلي مدرسة “كنجستن” الداخلية. وعن هذه الفترة يقول “جيبون” في مذكراته: “لقد اشتريت معرفة النحو اللاتيني بثمن باهظ من دموع ذرفت ودماء نزفت، لكن القراءة كانت سلوتي فقرأت أعمال هوميروس وفيرجيل وألف ليلة وليلة مترجما بالإنجليزية”.

وفي العام 1752 التحق “جيبون” بجامعة أكسفورد وعن هذه الفترة الجامعية من دراسته يقول: "التحقت بها ــ جامعة أكسفورد ــ وعندي حصيلة من العلم والمعرفة تحير أي علامة، ولكن على قدر من الجهل يندي له جبين أي طالب. فقد كرهت الكلية ومعلميها وطلابها، وكانت هذه الفترة من حياتي أشد فترات من الخمول والعقم.

 ــ أول مؤلفات إدوارد جيبون

في سنة 1761 نشر جيبون باللغة الفرنسية أول مؤلف له وهو “بحث في دراسة الأدب”، وكان الفضل في ظهور هذا الكتاب لوالده، الذي حثه على نشره بعدما كان يؤجل هذه الخطوة، وقد رحب أهل الثقافة والفكر في سويسرا وفرنسا وهولندا بهذا الكتاب، لكنه لما نشره في بريطانيا باللغة الإنجليزية لم يلفت اهتمام أحد.

في عام 1774 فاز جيبون بمقعد في مجلس العموم البريطاني، واحتفظ بهذه العضوية طيلة ثماني  سنوات، ولكن حياته البرلمانية اتسمت بالصمت والخمول، فلم يلق خطابا واحدا في المجلس رغم أن فترة عضويته تزامنت مع حرب انجلترا مع مستعمراتها الأمريكية التي كانت تنشد الانفصال والاستقلال، واكتفي جيبون بالإدلاء بصوته تأييدا لسياسة لورد نورث.