رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتنة دهشور.. ليست الأخيرة


لا نغالى إذا قلنا إن نقطة الضعف فى الدولة المصرية هى الفتنة الطائفية، وهى المدخل لمن يريد العبث بالجغرافيا المصرية، الفتنة الطائفية التى يزكيها ضعاف العقول والنفوس وعديمو الإيمان، ويستغلها من يريد تفجير الوطن بأسره،

وقد كان النظام يتعامل مع أى فتنة بأسلوب أمنى بحت، فما أن تقع مشكلة يهب الأمن ويقيم الجلسات العرفية للصلح ويتنازل الإخوة الأقباط، وتنفض الجلسة وتخمد الفتنة إلى حين تقع مأساة أخرى، دون الوصول لحل جذرى لأى مشكلة. ولكن يحسب للنظام السابق أنه لم تحدث حالة تهجير للإخوة المسيحيين من قراهم أو مدنهم، فالكل كان يعرف أن من يقوم بالتهجير سيدخل السجون وربما لا يرى النور بعدها، وعندما كان يشكو الأقباط للبابا شنودة كان يهدئ خواطرهم بأن المتشددين المتطرفين يقتلون المسلمين أيضا بدافع القتل لا غير، حدث هذا أثناء مشكلة وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة، وكان من المفترض أن تغير الثورة من ثقافة الناس، ولكن حدث العكس. وبذلك خرجت للنور جماعات تزعم أنها تدافع عن الأخوات المسلمات الجدد، أختى كاميليا وأختى وفاء، وكأن من كمال الإيمان التدخل فى عقائد الآخرين والتفتيش عن النوايا، وحدث فى دهشور أن قامت مشاجرة بين مسلم ومسيحى فقتل المسلم، ولكن الأهالى كان لهم رأى آخر فى التعامل مع المشكلة بعيدا عن القانون، فكيف ينام من فعل هذا وإخوانهم تم تهجيرهم دون أى ذنب جنوه؟، وهل حادث قتل يؤدى إلى تلك الغوغائية الظالمة، وإذا حدث وقتل مسلم مسلماً آخر هل يقوم الأهالى بقتل غير القاتل إذا حاولوا الأخذ بالثأر؟، الأمر جد خطير ومرعب وسيناريو لا يستفيد منه سوى أعداء الوطن والدين والأمة. وعندما يتدخل الغرب فى الشأن الداخلى المصرى يقولون إنها مؤامرة غريبة، ولا يعترفون أن المؤامرة بدأت عندما سمح أهل دهشور بطرد أشقائهم وحرق منازلهم، ورغم أن جميع العلماء أفتوا بحرمة ترويع الآخرين فضلا عن طردهم أو قتلهم، ولكن على أرض الواقع لا يطبقها الناس عندما تحدث أى شرارة، مثل حب فتاة مسيحية لشاب مسلم أو العكس، أو بناء كنيسة أو تجديدها، وكلها أسباب بها فتيل جاهز للاشتعال فى أى وقت. والدولة المصرية الجديدة عليها عبء تغيير ثقافة المجتمع والاعتراف بوجود التعدد الدينى والمذهبى والجغرافى، وعلى عاتق الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل أن تثبت أنها حكومة كل المصريين، وعلى الرئاسة المصرية أن تثبت أنها رئاسة مصرية وليست رئاسة إخوانية طائفية، فلا تكتفى بإرسال لجنة تقصى حقائق فى وقت يعيش فيها المطرودون عند أقاربهم مثل اللاجئين، فلابد من القبض على الجناة ومحاكمتهم محاكمة سريعة، لأن العدالة البطيئة تعنى اغتيال الحق، وعليها أيضا إعادة المطرودين إلى ديارهم وتعويضهم تعويضا كاملا عن ممتلكاتهم شريطة أن يكون التعويض على حساب الجناة وليس على حساب الدولة لكى يعتبر من يفكر فى طرد إخوة له فى الوطن. وعلى الدولة أن تعيد أسس المواطنة على أصولها الحقيقية، فتمنع أى خطيب منبر يثبت أنه يروج للفتنة ومحاكمته، وأى إعلامى يستضيف شيوخا أو قساوسة يريدون إشعال النار لا إطفائها، الأمر خطير وليست المرة الأولى التى يحدث فيها هذا ولن تكون الأخيرة، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ولكننا نلدغ مئات المرات، فلسنا مؤمنين بحق، ولولا ذلك ما حدث ما حدث فليتذكر أولو الألباب، لعلهم يعقلون فيهدون ويهتدون.

■ كاتب