"رائد المسرح المصري".. 184عامًا على ميلاد يعقوب صنوع
184 عاما مرت على ميلاد يعقوب صنوع، الذي ولد في 15 أبريل لعام 1839 بالقاهرة، ودرس في صباه تعاليم التوراة إلى أن أصبح "لاويا" أي مؤمنا بعقيدة وجود الله، ثم درس الإنجيل والقرآن، وكان والده مستشارا للأمير أحمد يكن، حفيد محمد علي، وقد لاحظ الأمير، سمات الذكاء والنبوغ، التي أخذت تتجلى في أقوال صنوع وتصرفاته، فأرسله إلى إيطاليا ليدرس على نفقته، وهناك أتيحت له الفرصة ، ليشبع نهمه من الاطلاع والتحصيل.
وبعد ثلاث سنوات، عاد إلى مصر، ليضع أول لبنة في صرح مستقبله، وعمل في التدريس الخاص، فكان يسعى في الصبح وراء رزقه، وينتقل من سراي إلى سراي، ومن فندق إلى فندق، يعلم أبناء الوالي والرؤساء، وبناتهم أيضا، وكان يلقن البنين اللغات والعلوم، ويدرب البنات على الفنون الزخرفية والتصوير والموسيقى، وفي سنة 1868 عين مدرسا في "مدرسة الفنون والصناعات" بالقاهرة، وممتحنا في مدارس الحكومة.
بسبب ذكائه النادر، ومقدرته الفائقة، وإطلاعه الواسع على الآداب والعلوم، واختباره المباشر للحياة الأوروبية، استهل حياة الكفاح وأن يؤدي للوطن الذي احتضنه ورباه، ما يفرضه عليه من واجبات، وتبلور نشاطه في الكفاح الوطني، في اتجاهين بارزين، كانت لهما آثار فعالية في الحياة الشعبية بمصر، في النصف الثاني من القرن الماضي، وأول هذه الاتجاهين، هو الاتجاه المسرحي، فقد اضطلع بتأسيس أول مسرح عربي في مصر، وكان ذلك في عام 1870؛ بحسب تقرير بعنوان "موليير مصر يعقوب صنوع أبو نظارة" بمجلة "الأديب" بعددها الصادر بتاريخ 1 أبريل لعام 1953.
أصبح "صنوع" أحد رواد المسرح المصري والصحافة المصرية الساخرة، كانت باكورة أعماله المسرحية هي افتتاح مسرحه بأوبريت "راستو وشيخ البلد والقواص"، وراعى المؤلف كتابتها باللغة الدارجة الشعبية، وضمنها بعض الأغنيات الشعبية المنتشرة والمتداولة بين الناس في ذلك الحين.
وكانت فرقته في البداية تتكون من نحو عشرة فتيان أذكياء انتخبهم من بين تلاميذه وارتدى أحدهم الملابس النسائية ليقوم بدور العاشقة، ولكن بعد ذلك انضم إلى فرقته فتاتين فقيرتين جميلتين وشاركتا في مسرحياته وما كدت تنقضى بضعة أشهر حتى أصبحتا كوكبى المسرح الناشئ الذي قدم عليه، خلال سنتين، اثنين وثلاثين رواية من تأليف صنوع، تترواح بين المشهد الواحد، والتراجيديا، هذا عن الروايات المترجمة عن الفرنسية التي كان يقدمها له زملائه.
وقد قام صنوع هو وفرقته بتمثيل مسرحيتين أمام الخديوي وحاشيته، وقد أطلق عليه الخديوي "موليير مصر" وربما يعود هذا اللقب نظرا لما كان يقدمه مسرحه من هزليات كانت تشبه إلى حد كبير الملاهى والهزليات التي كان يقدمها "موليير" عاهل المسرح الفرنسي الأول.
ونشأ مسرح "صنوع" في فترة كان لا يزال فيها الجمهور غافلا عن الفن المسرحى وتقاليده وآدابه، ولم يكن يدرى بالفن المسرحى إلا القلة من الأمراء والباشوات، وهذه الفئة لم يكن صنوع يعنيها عندما كان يكتب روايات مسرحه بل كان يكتب للسواد الأعظم من الشعب، وللطبقة الوسطى والدنيا، ولقد عانى "صنوع" في أول الأمر من جهل جمهوره من هذه الطبقة بالفن المسرحى مما جعله يلقى قبل العرض المسرحى خطابا، يشرح للجمهور فيه فكرة المسرحية ومغزاها الاجتماعى أو الأخلاقى مثلا.
ألّف "صنوع" مسرحيات كان يحملها بالنقد الاجتماعي والسياسي لمجتمع مصر في زمانه، ومن بينها: "موليير مصر وما يقاسيه" وهم ثلاث مسرحيات قام بتمثيلها مع فرقته على المسرح الخاص بسراى الخديوى إسماعيل في "قصر النيل" فقاموا بتمثيل ثلاث روايات وهم "البنت العصرية" و"الضرتين" و"غندورة مصر"، "بورصة مصر"، "العليل"، "أبو ريدة البربرى ومعشوقته كعب الخير"، "الصداقة"، "الأميرة الإسكندرانية"، "مدرسة النساء"، "البخيل"، "مقالب سكابان"، "الأولاد بيسوقوا الشيطنة والبنات بتسوق عليه الدلاعة"، حكم قراقوش، الدخاخني، سلطان الكنوز، شيخ الحارة، الوطن والحرية، زمزم المسكينة، شيخ البلد، الجهادية، القرداتي، آنسة على الموضة.