رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإعلام والشعب « 1-2»


هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.

وزير الإعلام الجديد مهمته صعبة، ربما لأنه قبل 25 يناير لم يدخل مبنى الإذاعة والتليفزيون حتى كضيف فى البرامج، بحكم انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، والتى كان محظورا على أعضائها مجرد المرور من أمام المبنى على كورنيش النيل، كان ممنوعا على العاملين فى المبنى الاتصال تليفونيا بأى من أعضائها، الآن الكاتب الصحفى صلاح عبد المقصود الذى ينتمى إلى جماعة الإخوان قلبا وقالبا أصبح وزيراً للإعلام، ولذلك فإن مهمته غاية فى الصعوبة شكلاً ومضموناً. فمن حيث الشكل فإن عدد العاملين فى وزارة الإعلام وقطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون يقترب من الخمسين ألف موظف 20٪ منهم فقط يقوم بعمل فعلى حقيقى و80٪ لا عمل لهم.. ومع ذلك مطالبهم لا تنتهى ومشاكلهم مستمرة، وقد وصل بهم الأمر إلى حد التهديد بوقف البث الإذاعى والتليفزيونى ومنع دخول الضيوف إلى المبنى، وكثيرا ما قاموا بتعطيل المصاعد وقطع طريق الكورنيش بسبب عدم صرف مستحقاتهم كاملة وفى مواعيدها. من المعروف أن هناك أزمة مالية طاحنة تواجه وزارة الإعلام مثل كل الوزارات تقريبا، والمسئولون فى المبنى كانوا يقترضون من البنوك من أجل صرف مستحقات الموظفين، وقبل تركه للوزارة استطاع أسامة هيكل - وزير الإعلام الأسبق - الحصول على مائتين وخمسين مليون جنيه من الجيش.

هذا المبلغ ساهم بشكل كبير فى حل مشاكل العاملين حتى يونيو الماضى، ورغم ذلك رحل هيكل قبل أن يجنى ثمار أفكاره الجيدة والتى ضاعت مع رحيله، حاليا مطلوب من وزير الإعلام الجديد مائة مليون جنيه شهريا.. أى مليار ومائتا مليون سنويا.. وهذا رقم صعب فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد بخلاف الديون المتراكمة على الاتحاد لبنك الاستثمار، هذا عن الشكل، أما من حيث المضمون فالمهمة أصعب، لأن هناك فقداناًَ للثقة بين المواطن وإعلامه الرسمى.

فكيف يستطيع وزير الإعلام إعادة هذه الثقة، وهناك من ينظر إليه سواء من العاملين فى المبنى أو من المواطنين، على أنه جاء لتقييد حرية الإعلام ووقف الهجوم على جماعة الإخوان ورئيس الجمهورية، رغم أن الهجوم ليس من الإعلام الرسمى بل من الإعلام الخاص، ووزير الإعلام ليست له أى سلطة على الإعلام الخاص سواء المقروء أو المسموع أو المرئى أو الإلكترونى.

إذن المهمة الصعبة أمام الوزير هى ليست إعادة ثقة المواطن فى إعلامه.. بل هى أن يثق المواطن والعاملون فى الوزير نفسه.. وأنه لم يأت لتقييد حرية الإعلام أو القضاء على التراث الكبير للإعلام المصرى سواء الإذاعى أو التليفزيون، حتى لو كان يخالف أفكاره التى تربى عليها فى جماعة الإخوان، وهذه نقطة مهمة جدا لأن مكتبة الإذاعة والتليفزيونى مليئة بالكنوز التى لا تقدر بثمن. وحتى يعلم الوزير جيدا حجم التحدى الذى أمامه أقول له باختصار شديد إن مشكلة الإعلام الرسمى بالأساس هى التمويل، ثم عليه أن يبعث برسائل تطمين سواء للعاملين فى الإعلام أو المواطنين بصفة عامة أنه لم يأت للحجر على حرية الإعلام أو الدفاع عن الإخوان ظالمين ومظلومين، كما أنه لم يأت للقضاء على التراث الإذاعى والتليفزيونى.. بعد ذلك من السهل أن يعود الإعلام للشعب وهذا ما سوف نتناوله إن شاء الله فى المقال المقبل إن كان فى العمر بقية.

■ مذيع بإذاعة الشرق الأوسط